لا حاجة لأبناء هذا الشارع ببرامج كوميدية. ليس موقف من تلك الفنون ولا من الضحك. هنا في هذا الشارع، مصنع حقيقي للضحك المجاني العفوي الذي يتحول إلى قهقهات جماعية. هنا الشارع الساخر.
لا تختلف هموم أبناء شارعنا عن هموم اللبنانيين عامة. لا تختلف متابعتهم للأخبار عن متابعة الشارع العربي للأحداث. كغيرهم من الناس، طوّقت الأهوال التي تشهدها معظم البلدان العربية شارعهم. لكن يُسجّل لهم أنّهم قرّروا المواجهة بسلاح من نوع آخر. قرّروا السخرية من كل شيء. هنا يسخر الناس من الأنظمة والحكام والحروب وانقطاع الماء والكهرباء.
تطالعهم إحدى الصحف المحلية بافتتاحية تنذرهم بوجود "داعش" في شارعهم. يهرول أحد الشبان باتجاه المقهى سائلاً: شفتولنا شي داعشي يا شباب"؟ يردّ أحدهم ضاحكاً: "تعا في عندي واحد بالجارور خذه لرئيس تحرير الصحيفة". وآخر يمازح صديقه: "يعني بكرا نانسي بتغنّي أناشيد دينية، شي منيح"! تخرج من المقهى الذي حوّل الصحيفة ورهابها إلى أضحوكة والبسمة تزيّن وجنتيك. هنا يهزم المقهى الإشاعة بالسخرية.
تصف المذيعة على الشاشة خطاب زعيم بـ"الناري". يصرخ كهل لزوجته في بيتهما الصغير: "يا مرا، ما تمسكي التلفزيون هلق نطري لتبرد الشاشة شوي". لا زعيم على ضحكاتنا.
تجول سيارة بزجاج داكن، ما يعرف بالـ"فوميه" حول ساحة الشارع. تتوقف ببطء، تزدحم السيارات خلفها من دون إطلاق الأبواق. حجم السيارة ونوعها والرقم الغريب يثير ريبة الناس، لا سيما بعد موجة السيارات المفخخة. تجرّأ أحد الشبان وتقدم نحو السيارة محاولاً إيقافها. فتح عجوز بنظارة سوداء الزجاج ليمدّ لسانه خلف ثلاث أسنان هي كل ما تبقى له قائلاً: "شو هالمنطقة هايْ، ما في الواحد يكزدر ع رواق". وأكمل سيره على وقع أغنية: "ويلي من الأسمر.. الأسمر شايف حالو".
هي مساحة للضحك تخرق جدار الهم اليومي. هي مساحة للهروب من مئات الأخبار عن عالمنا العربي البائس. هنا، قرّر الناس أن يجعلوا من الهمّ نكتة. هنا تسقط كل أحزمة البؤس المفروضة بضحكة واحدة.
لا تختلف هموم أبناء شارعنا عن هموم اللبنانيين عامة. لا تختلف متابعتهم للأخبار عن متابعة الشارع العربي للأحداث. كغيرهم من الناس، طوّقت الأهوال التي تشهدها معظم البلدان العربية شارعهم. لكن يُسجّل لهم أنّهم قرّروا المواجهة بسلاح من نوع آخر. قرّروا السخرية من كل شيء. هنا يسخر الناس من الأنظمة والحكام والحروب وانقطاع الماء والكهرباء.
تطالعهم إحدى الصحف المحلية بافتتاحية تنذرهم بوجود "داعش" في شارعهم. يهرول أحد الشبان باتجاه المقهى سائلاً: شفتولنا شي داعشي يا شباب"؟ يردّ أحدهم ضاحكاً: "تعا في عندي واحد بالجارور خذه لرئيس تحرير الصحيفة". وآخر يمازح صديقه: "يعني بكرا نانسي بتغنّي أناشيد دينية، شي منيح"! تخرج من المقهى الذي حوّل الصحيفة ورهابها إلى أضحوكة والبسمة تزيّن وجنتيك. هنا يهزم المقهى الإشاعة بالسخرية.
تصف المذيعة على الشاشة خطاب زعيم بـ"الناري". يصرخ كهل لزوجته في بيتهما الصغير: "يا مرا، ما تمسكي التلفزيون هلق نطري لتبرد الشاشة شوي". لا زعيم على ضحكاتنا.
تجول سيارة بزجاج داكن، ما يعرف بالـ"فوميه" حول ساحة الشارع. تتوقف ببطء، تزدحم السيارات خلفها من دون إطلاق الأبواق. حجم السيارة ونوعها والرقم الغريب يثير ريبة الناس، لا سيما بعد موجة السيارات المفخخة. تجرّأ أحد الشبان وتقدم نحو السيارة محاولاً إيقافها. فتح عجوز بنظارة سوداء الزجاج ليمدّ لسانه خلف ثلاث أسنان هي كل ما تبقى له قائلاً: "شو هالمنطقة هايْ، ما في الواحد يكزدر ع رواق". وأكمل سيره على وقع أغنية: "ويلي من الأسمر.. الأسمر شايف حالو".
هي مساحة للضحك تخرق جدار الهم اليومي. هي مساحة للهروب من مئات الأخبار عن عالمنا العربي البائس. هنا، قرّر الناس أن يجعلوا من الهمّ نكتة. هنا تسقط كل أحزمة البؤس المفروضة بضحكة واحدة.