كادت زحمة الحياة أن تُنسي الصحافية اللبنانية هند الملاح، شغفها بالرسم. وهي الهواية التي أخذت حيزاً بسيطاً من طفولتها، دون أن تطورها في مراحل لاحقة في حياتها بسبب ضغوطات التعلم والعمل. إلا أنها قررت أن تستأنف محاولات الرسم، وتلقت دروساً خاصة من رسام مُحترف لتنمية قدراتها قبل أن تبدأ تصوير مشاهد مميزة من خلال لوحاتها متفاوتة الحجم والألوان. رسمت الملاح أينشتاين، ومشاهد رقص، ومشهدا عاما يشبه مكان إقامتها في منطقة عبرا بمدينة صيدا جنوبي لبنان، قبل أن تمزج بين الرسم والتراث الصوفي الذي تعرفت عليه من خلال قراءة كتب جلال الدين الرومي. ونقل تراث الرومي هواية هند من الرسم العام إلى رسم مواضيع صوفية تتمحور حول رقصة "سما"، والراقصون المولويون، ومحاولة تخطيط الحكم التي نقلها تلاميذ الرومي عنه.
تنتقل هند من شرفة منزلها في عبرا إلى غرفة النوم التي تحولت إحدى زواياها إلى مشغل صغير للرسم، ترافقها الموسيقى الصوفية أثناء الرسم. تتوزع مواد الرسم من ورق وصحون وحتى قناديل على الطاولة الخشبية. وقربها تتأهب عبوات الألوان بأناقة منتظرة موعد اللقاء شبه اليومي مع ريشة هند. قرب المرسم الصغير تتوزع مجموعة كتب، جلال الدين الرومي. قرأت الرسامة كتابه، المثنوي، وتأثرت به.
تستخدم الطباشير أولاً لوضع الخطوط العامة لرسمة المولوي، ثم تمرر ريشتها حول هذه الخطوط بدءاً من اللون الأبيض. ثم تمر الألوان الأخرى فوقه، فيتدرج اللون من الأفتح إلى الأغمق بسلاسة وانسياب.
رقصت ريشة هند على صحون بيضاء، أغطية الوسادات، والقناديل مختلفة الأحجام. اختارت هند القنديل التقليدي لأن "الصورة كالزيت بالنسبة للمصباح، والمعنى هو النور". ورغم صعوبة التقنيات الجديدة التي تستخدمها الملاح في الرسم على القماش وعلى القناديل الزجاجية، إلا أنها تواصل التجربة والتكرار حتى تتقن رسم الخطوط وتُثبّت اللون على المواد.