بعد سنوات من ممارسة الرقص الشرقي، قررت الفتاة الروسية أوليسيا، وشهرتها في عالم الرقص "هيفاء"، تحويل هوايتها إلى مهنة وتأسيس مدرسة خاصة تدرس بها عشرات الفتيات اللواتي وقعن في غرام الشرق بعبقه وسحره، بعد زيارات سياحية إلى بلدان شرقية مثل تركيا ومصر.
اهتمت أوليسيا بالرقص الشرقي منذ أن كانت شابة في الـ14 من عمرها، وبدأت ممارسته بمعرفتها عن طريق تنزيل مقاطع الفيديو من الإنترنت ومحاكاة الحركات إلى أن مرت بعدة مدارس رقص واحترفته، إلى جانب تخصصها في مجال القانون والإدارة خلال دراستها الجامعية.
وحول نشأة موضة الرقص الشرقي في روسيا، تقول: "في بداية العقد الأول من القرن الجديد، تم عرض مسلسل "كلون" في روسيا ودارت أحداثه في المغرب، وأعتقد أنه لعب دوراً هاماً في زيادة شعبية الرقص الشرقي، وحتى الآن، لا يزال يأتي إلي نساء يطلبن أن أعلمهن الرقص مثل شخصية "جادي" من هذا المسلسل".
وفيما يتعلق ببدايات تعلم الرقص الشرقي في بلادها، تضيف: "كنا نرقص ونتعلم من بعضنا البعض، بينما توجهت بعض الفتيات إلى مصر للدراسة، وكنا نشاهد مقاطع فيديو لأشهر الراقصات المصريات مثل نجوى فؤاد وسامية جمال، فارتفع مستوى الراقصات بشكل كبير. والآن، أصبحت المدرسة الروسية للرقص الشرقي واحدة من أقوى المدارس في العالم، لجمعها بين الأساسيات الشرقية وعناصر الرقص الكلاسيكي". وتصف أسلوب الفنانات الروسيات، مبتسمة بأنه "يشبه باليه بعناصر الرقص الشرقي". مع انتشار الرقص الشرقي في روسيا وارتفاع مستوى الأداء، أصبحت المدربات الروسيات والأوكرانيات يتلقّين عروضاً للعمل بالخارج، مما يعكس نجاح المدرسة الروسية.
إيماناً منها بأنّ الرقص الشرقي مرآة للثقافة العربية، سعت أوليسيا لقضاء جميع عطلاتها بمصر حتى في أوقات حظر الطيران بين البلدين، وبدأت بتعلم اللغة العربية بلهجتها المصرية لفهم الأغاني، وتقول ضاحكة: "مصر هي وطني الثاني، وأكرر دائماً أن من تريد الرقص بروح شرقية، فعليها السفر إلى مصر واستيعاب هذه الثقافة واستنشاق هذا الهواء ورؤية كيف يعيش الناس. بعد زيارتي الأولى إلى مصر، انفتح شيء في داخلي، وأصبحت أرقص بشكل مختلف".
ولا تخفي أوليسيا إعجابها بالأسلوب المصري في الرقص، وتقول: "تعلمت كثيراً من المدربات المصريات، وأعتقد أن أسلوبهن هو الأكثر أنوثة لتركيزه على حركة الفخذ، ولكن ذلك يثير ملل المشاهد الروسي البعيد عن فلسفة الموسيقى العربية".
خلال مسيرتها المهنية، شاركت أوليسيا في العديد من المهرجانات للرقص الشرقي في روسيا، بما فيها مهرجان "كايرو ميراج" الشهير والذي يقام في موسكو، وفازت فيه بالمرتبة الأولى في فئة "الفولكلور المصري". في المجتمعات العربية، تشكلت نظرة سلبية حيال الرقص الشرقي بعد أن أصبح مرادفاً للرقص المثير جنسياً، وانتشار قصص وفضائح بعض الراقصات. إلا أن أوليسيا لا تشارك هذا الرأي فيما يتعلق بالفنانات الروسيات، وتقول: "تعلم الرقص الشرقي بالنسبة لفتاة أجنبية هو عمل دائب يتطلب تدريباً لبضع ساعات يومياً، وأنا لا أتحدث هنا عن الفتيات اللواتي يرقصن رقصات مثيرة في الملاهي".
وتتساءل مندهشة: "لماذا أصبحت كلمة راقصة في العالم العربي مرادفا لـ"عاهرة"؟ لماذا لا يعتبر العرب الباليه أو الرقص اللاتيني بالتنورات القصيرة رقصا مثيراً؟ غالبا ما يرجع ذلك إلى سلوك راقصات بعينهن يرقصن شبه عاريات بملاه من درجة عاشرة، وانتشار مقاطع فيديو لهن على الإنترنت. للأسف، تتعامل الملاهي مع الرقص الشرقي على أنه وسيلة لجذب رواد أغنياء".
وفيما يتعلق بكيفية تغيير النظرة إلى الرقص الشرقي، تضيف: "يجب أن تتغير عقلية الناس، ولا يجوز الحكم على جميع الراقصات بتصرفات سلبية لمجموعة منهن، وينبغي التعامل مع الرقص على أنه فن. وبالمناسبة هذه المشكلة قائمة في روسيا أيضاً، إذ أن هناك قطاعاً عريضاً من الأجيال الكبيرة يعتبر أن الرقص الشرقي هو رقص التعري، ولكن الفكر هنا أكثر انفتاحاً بشكل عام".