أكد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، أنه "فهم رسالة الغضب والامتعاض، التي أدلى بها الفرنسيون ورفضهم، لسياسة الحكومة".
جاء ذلك في المداخلة المتلفزة والمسجلة، التي أعلن فيها عن تكليفه "وزير الداخلية، امانويل فالس، تولّي رئاسة الحكومة"، خلفاً لجان مارك أيرولت.
وكشف الرئيس الفرنسي أن "الحكومة ستكون مصغرة، وستعمل على معالجة البطالة والحدّ من العجز في الميزانية، وتوّلي شؤون التعليم وتأهيل الشباب".
وكرّر هولاند تمسّكه بميثاق المسؤولية، الذي طرحه منذ شهرين ولم يُقرّ، والداعي الى خلق فرص عمل.
كما أكد على ضرورة الالتزام بقيم الجمهورية والدفاع عنها، مع اشارة الى وجود عناصر متطرّفة تريد المساس بها، وذلك في تلميح واضح الى اليمين المتطرف.
وشدّد على أنه يتحمّل شخصياً المسؤولية، وما وصلت إليه الأوضاع، مذكّراً بأن الأزمة الاقتصادية كانت قائمة منذ سنوات وقبل توليه السلطة.
وكانت وسائل الإعلام الفرنسية بدورها أكدت، أن "هولاند يواجه مأزقاً، في ضوء الهزيمة التاريخية التي تلقاها اليسار".
وأشارت صحيفة لو موند، في افتتاحيتها، إلى "ضرورة الانتقال إلى الأفعال في هذه المرحلة، لأن ما حدث يشكل سابقة لم تشهدها فرنسا منذ نصف قرن".
فالحزب الاشتراكي فقد 151 مدينة في هذه الانتخابات، بما فيها مناطق كانت تشكّل مركز قوة له في البلديات، في حين سجل اليمين انتصاراً فاق التوقعات.
ومن المؤكد أن هذا الانتصار لا يحلّ مشكلة قيادة حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" المعلّقة، ولكنه سيساعد اليمين على الخروج من المستنقع الذي وضع نفسه فيه منذ سنتين.
في المقابل، كرّس اليمين المتطرف، وجوده محلياً، من خلال انتزاعه 12 مدينة من بينها، مونت لا فيل، الأمر الذي يثير أكثر من تساؤل. فهذه الضاحية التي تبعد خمسين كلم عن باريس، يوجد فيها مغاربة وأفارقة وتشكّل مزيجاً فريداً من نوعه.
في هذه الأثناء تزداد المخاوف في شأن صعود شعبية اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، في شهر مايو/ أيار المقبل، خصوصاً في ظل الأجواء القائمة وقانون الانتخاب الأوروبي، الذي يسهّل بروز الأحزاب الصغيرة، أكثر مما يسمح به قانون الانتخابات الفرنسية.
الى ذلك، يؤكد مختصون بالجاليات العربية، لـ "العربي الجديد"، أن "سرّ غياب الصوت العربي في هذه الانتخابات، سواء في مرسيليا أو مونت لا فيل، أو غيرهما، بمثابة رسالة تعكس حالة اليأس التي تعيشها هذه الجاليات، كونها سئمت من استخدامها كورقة وككبش محرقة في كل استحقاق رئاسي ومحلي". فقد أُطلق في السنوات الماضية، أمامها سلسلة وعود مقابل الحصول على أصواتها، ولم يتحقق بعدها أي من مطالبها لا المعيشية ولا الأمنية.
ووسط هذه الأجواء المتشنجة داخل الحزب الاشتراكي، يدفع هولاند، وبقسوة، فاتورة بداية عهده الفاشل، بسبب عدم وضوح مشروعه.
ويعود هذا الأمر إلى أسباب عدّة، منها ضعف فريق عمله في الاليزيه والحكومة وداخل الحزب الاشتراكي، ومنها بسبب نتائج البطالة. ويجمع المتتبعون للملف الفرنسي الداخلي، أنه "ولو بدّل هولاند الحكومة وأدخل إجراءات، فإنه من الصعب أن يتراجع عن السياسة التي اعتمدها، وبالتالي يبقى هامش المناورة ضيّقاً".
وعلى صعيد الاستحقاقات الداخلية وتغيير الموازين، فإن انتصار اليمين واليمين المتطرف، يعني أن اليسار سيخسر الأغلبية في مجلس الشيوخ في الخريف المقبل.