قال السفير الأميركي في بغداد، ستيوارت جونز، اليوم الخميس، إن "مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل المرتقبة مرهونة برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ولم يتم مناقشة هذا الأمر معه بعد"، ما اعتبره محللون ضوءاً أخضر للمليشيات لاجتياح المدينة.
وأضاف جونز، خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى السفارة الأميركية وسط العاصمة بغداد، أن "واشنطن تبذل أقصى الجهود للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال عام 2016 عبر حرمانه من السيطرة على الأرض وحسر مصادر تمويله وكشف خلاياه النائمة في العراق وسورية وتركيا وباقي دول العالم عبر العناصر الاستخبارية".
وبيّن أن "استراتيجية واشنطن في القضاء على التنظيم تتلخص بالقضاء على بنيته التحتية في كل من العراق وسورية، ومنع وصول الأموال للتنظيم عبر التعامل مع البنك المركزي العراقي وبعض بنوك العالم بهدف تقويض اقتصاد التنظيم".
وكشف جونز عن قرب انعقاد مؤتمر، خلال شهر تموز/يوليو المقبل، للدفاع والداخلية بهدف الحصول على مساعدات مالية دعماً لمعركة الموصل.
وتأتي تصريحات جونز في وقت استعادت فيه القوات العراقية السيطرة بالكامل على مدينة الفلوجة 60 كلم غرب العاصمة بغداد عقب معارك دامت عامين ونصف العام وحملة عسكرية واسعة دامت أكثر من شهر.
وتثير تصريحات السفير الأميركي قلق الأهالي وشيوخ العشائر والوجهاء في الموصل بعد تصريحات سابقة لواشنطن قبل بدء معركة الفلوجة أعلنت فيها معارضتها دخول "الحشد الشعبي" للفلوجة، لكن الحشد دخل المدينة وارتكب انتهاكات ضد أهلها.
ويعتبر مراقبون أن واشنطن تريد التنصل من المسؤولية أمام الجرائم الإنسانية التي ترتكبها مليشيات "الحشد الشعبي" بعد توفير الغطاء الجوي لها لاجتياح المدن بعد سيطرة القوات العراقية عليها واستعادتها من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية".
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، فاضل الحديدي، إن "تصريحات السفير الأميركي فتحت الباب مشرعاً أمام مليشيات الحشد الشعبي لاجتياح مدينة الموصل التاريخية وإحراقها وتدميرها كما فعل الحشد بمدن جرف الصخر وتكريت وبيجي وديالى والفلوجة".
وبين أن "كلام السفير الأميركي يعد الأخطر حتى الآن".
مليونان ونصف مليون تحت الخطر
وتتخوف منظمات إنسانية وحقوقية من ارتكاب ما وصفتها بـ"المجازر التاريخية" في الموصل، إذا ما دخلت مليشيات "الحشد الشعبي" المدينة في ظل وجود نحو مليونين ونصف مليون مدني، يعيشون داخل المدينة منذ سيطرة تنظيم "الدولة" عليها في العاشر من يونيو/ حزيران 2014.
ولفت رئيس منظمة "حق الحياة" مازن العبيدي، إلى أن "مليونين و500 ألف مدني أغلبهم نساء وأطفال معرضون لخطر على يد مليشيات الحشد الشعبي، إذا دخلت الموصل كما فعلت بأهالي الفلوجة، أخيراً، وقبلها ما فعلته بأهالي جرف الصخر وديالى وتكريت وبيجي".
وأشار إلى أن "تصريح السفير الأميركي يعني إعطاء الضوء الأخضر لمليشيات الحشد لتدمير الموصل وإبادة أهلها ولا نجد تفسيراً آخر لكلام السفير الأميركي في وقت يرفض فيه أهالي ووجهاء وسياسيو الموصل أي مشاركة للحشد في المعركة المرتقبة".
وتابع: "معركة الموصل ستتسبب بلا شك بمقتل عشرات الآلاف من المدنيين في ظل عدم وجود أي استعدادات حكومية لاستقبال نازحين محتملين وحرارة الصيف الشديدة والمناطق الصحراوية التي قد ينزح إليها الأهالي فضلاً عن مليشيات الحشد التي ستتلقف كل من يخرج وتقتله كما فعلت بالفلوجة".
يذكر أن العبادي يصرّ على مشاركة "الحشد الشعبي" في معركة الموصل، حيث قال في اجتماع موسع، ليلة أمس الأربعاء، جمعه بعدد كبير من قيادات الحشد إن "عمل الحشد الشعبي رسمي وقانوني بكل المقاييس" على حد وصفه، رافضاً أي دعوة لمنع مشاركة الحشد في معركة الموصل.