أكد دبلوماسيون أن الولايات المتحدة منعت، يوم الأربعاء، صدور مشروع بيان لمجلس الأمن الدولي كان سيعبّر عن "الأسف" لقرار دولة الاحتلال الإسرائيلي رفض التمديد لولاية بعثة المراقبة الدولية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، فيما أعلن المجلس أنه يدرس إمكانية القيام بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبحسب مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في مجلس الأمن لـ"العربي الجديد" في نيويورك، فقد كسرت الولايات المتحدة "حاجز الصمت" حول البيان الصحافي، إذ قامت بالاعتراض عليه دون أن تقديم أي إيضاحات أو حتى تقترح تعديلات عليه، وذلك بعد ساعات من توزيعه من الكويت وإندونيسيا.
ونقلت "رويترز" عن دبلوماسيين أميركيين قولهم إن "الولايات المتحدة لا تعتقد أن بيانا من مجلس الأمن بشأن هذه القضية مناسب".
وكان مشروع البيان، الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة مسربة منه، سيُعرب عن أسف المجلس للقرار الإسرائيلي، كما يؤكد على أهمية ولاية البعثة في تعزيز الهدوء في الخليل، التي يصفها بـ"شديدة الحساسية والهشاشة".
وأوضح رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي أن المجلس أوكل إليه كذلك، لقاء كل من السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون، وسفير فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور، في نيويورك. وقال في هذا السياق إن الرسالة التي أوكل بنقلها تتمثل بإجماع المجلس على ضرورة العمل والحيلولة دون زيادة التوتر والتصعيد.
إلى ذلك، قال السفير الكويتي لمجلس الأمن، منصور العتيبي، بعد انتهاء الجلسة، إن "العديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن طالبت (الاحتلال الإسرائيلي) بالتراجع عن قراره بعدم التمديد لبعثة المراقبة في الخليل. ونحن الآن نبحث إمكانية زيارة مجلس الأمن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وجاءت أقوال العتيبي خلال مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء الجلسة مع السفير الفلسطيني وسفير إندونيسيا ديام جاني.
ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" حول زيارة مجلس الأمن المحتملة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما إذا كانت هناك موافقة أميركية من الناحية المبدئية، أوضح السفير الكويتي أن "المجلس يبحث هذا الطلب الذي تمّ التقدم به، ولكي يقوم بزيارة أي دولة، هناك حاجة إلى أن يكون هناك إجماع على ذلك داخل المجلس. ونرغب في أن تحصل هذه الزيارة في أقرب فرصة ممكنة، ولكننا الآن نناقشها، ولننتظر النتائج".
وفي حال لم توافق الولايات المتحدة أيضا على قيام مجلس الأمن بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، يمكن لبقية الدول الأعضاء في المجلس، من الناحية النظرية، أن تقوم بالزيارة بشكل غير رسمي، كما حدث مع زيارة دول المجلس بدعوة من الصين العام الماضي، ولكن من دون أن تكون الدعوة رسمية.
وتعليقاً على ذلك، قال السفير الفلسطيني إنه "لا يزال من المبكر الحديث عن الخطوات المحتملة التي يمكن للمجلس أن يتخذها، في حال لم تتفق جميع الدول الأعضاء على الزيارة. فلنركّز على الأمر الإيجابي حالياً، وهو أن هناك تفويضاً لرئيس مجلس الأمن بأن يبدأ مباحثاته حول الموضوع مع الدول الأعضاء".
وأشار السفير الكويتي في هذا السياق إلى "وجود إمكانية، بحسب البند 507، بأن تذهب مجموعة صغيرة من الدول الأعضاء في المجلس وتقوم بالزيارة. مهما يكن القرار والآلية، يجب أن توافق جميع الدول على ذلك".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي عدم التجديد لبعثة المراقبة الدولية، والتي تقوم بمهامها منذ عام 1994.
وتتألف القوة الدولية من 64 عنصراً، وبدأت عملها عقب مجزرة ارتكبها المستوطن الإسرائيلي باروخ غولدشتاين، في 25 فبراير/ شباط 1994، داخل المسجد الإبراهيمي، ما أدى إلى استشهاد 29 فلسطينياً وجرح عشرات آخرين أثناء تأديتهم صلاة الفجر.
وتقول البعثة إن مهمتها الرئيسية هي المراقبة وكتابة التقارير عن الوضع في المناطق الخاضعة لعملها في الخليل، بهدف إعادة الحياة الطبيعية إلى المدينة جنوبي الضفة الغربية.
يذكر أن البعثة لا تقوم بنشر تقاريرها رسمياً، بل ترفعها لكل من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
نسخة مسربة من مشروع البيان الصحافي
وفي وقت لاحق حصل مكتب "العربي الجديد" في نيويورك على نسخة مسربة من مشروع البيان الصحافي الذي عرقلت واشنطن صدوره.
وأعرب مشروع البيان عن أسف المجلس للقرار الإسرائيلي، كما يؤكد على أهمية ولاية البعثة في تعزيز الهدوء في الخليل التي يصفها بـ"شديدة الحساسية والهشاشة".
ونصت نسخة البيان المسربة على أن "الدول الأعضاء في مجلس الأمن تعبر عن أسفها لقرار الحكومة الإسرائيلية أحادي الجانب بعدم التمديد لبعثة "الوجود الدولي المؤقت في الخليل" (TPIH)، والتي تم تأسيسها بموجب اتفاقية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الـ 21 من يناير/ كانون الثاني لعام 1997". وكانت الاتفاقية قد عقدت بعد إصدار مجلس الأمن الدولي القرار 904 عام 1994 والذي ناشد باتخاذ خطوات تضمن الأمن والحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها وجود دولي مؤقت.
ونص مشروع البيان كذلك على أن "أعضاء مجلس الأمن يدركون أهمية عمل البعثة ومجهوداتها للحفاظ على الهدوء في منطقة ذات حساسية عالية تشهد أوضاعاً هشة على الأرض، وتواجه مخاطر تصعيد تظهر في دوائر العنف".
كذلك، ناشد البيان الدول الأعضاء "بضرورة التزام الطرفين بالقانون الدولي، بما فيه القانون الدولي الإنساني واتفاقيات والتزامات سابقة للحفاظ على الهدوء والابتعاد عن أي أعمال استفزازية، والتحريض وضبط النفس". ويشدد البيان كذلك على "التزام إسرائيل، كدولة قائمة بالاحتلال وبموجب القانون الدولي، بحماية المدنيين الفلسطينيين في الخليل كما في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وتناشد الدول الأعضاء في بيانها "باحترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرار 904 (1994) والقرار 2334 (2016) واتفاقيات ذات الصلة بين الطرفين. ويعيد مجلس الأمن التأكيد على أن سياسات الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، غير قانونية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة أساسية للتوصل إلى حل الدولتين".
وأعاد مشروع البيان الصحافي تأكيده على "ضرورة تكثيف المجهودات الدولية من أجل التوصل إلى حل دائم وشامل على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادئ اتفاقيات مدريد والمبادرة العربية وخارطة الطريق للرباعية".