مَثُل وزيرا الداخلية والعدل الفرنسيان، كريستوف كاستانير ونيكول بيلوبي، أمام لجنة القوانين في مجلس النواب، بعد ظهر اليوم الأربعاء، حول قضية "العنف والتخريب" جراء أحداث يوم 18 مارس/آذار، أثناء تظاهرات حركة "السترات الصفراء". وقد أراد النواب تقييم الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة في موضوع الحفاظ على الأمن، ومن بينها حظر التظاهرات في المناطق الساخنة، وكيفية مواجهة "العناصر التخريبية"، وأيضاً المعالجة
القضائية، خاصة مع ما يتعلق بالإجراءات الردعية.
وقد تحدث وزير الداخلية كاستانير عمّا جرى يوم 16 مارس/آذار، الذي عرفت فيه باريس مظاهر عنف بالغة القسوة، وأعلن عن "مسؤولية اليسار المتطرف إضافة إلى أن السترات الصفراء انزلقت نحو التطرف"، وأكد أن "الجواب الحكومي هو التشدد وعدم الإفلات من العقاب".
وكشف عن أن الحكومة غيرت استراتيجيتها في الحفاظ على الأمن، وهذا "ما لم يُنجز منذ عشرين سنة". وأعاد التذكير بما قاله من قبل من أن "تظاهرات 16 مارس/آذار خلت من أي شعارات مطلبية. حيث تواجد 10 آلاف من مثيري الشغب"، و"قاموا بنهب 25 متجرًا".
ووعد الوزير كاستانير بألا يتكرر ما جرى في 16 مارس/آذار، وذكّر بالنجاح الذي تم تحقيقه في 23 مارس/آذار، بعد تغيير العقيدة الأمنية، التي تضمنت منح حرية أكبر لقوى الأمن لتقدير الموقف والتصرف بحرية، وأيضاً بسبب استخدام عناصر جديدة مثل دْرون وفيديوهات، إضافة إلى حضور عناصر من الشرطة القضائية.
وقال كاستانير، بنبرة تباهٍ: "النتائج حاضرة هنا"، واعترف بأن الصدامات لا تزال مستمرة، وأنه لا يزال ثمة عنفٌ. واعتبر أن الهدف النهائي هو "إنقاذ المظاهرات من مثيري الشغب".
اقــرأ أيضاً
وتحدثت وزيرة العدل نيكول بيلوبي، عن مثيري الشغب، وقالت إنهم "مهنيون"، تقريباً. واعتبرت أن ما وقع في 16 مارس/آذار، سبق أن جرى في 1 مايو/أيار وفي ديسمبر/كانون الأول 2018. ورأت أن الجواب القضائي يتمثل في "تحديد المسؤولين ومتابعتهم ثم
معاقبتهم".
واستباقاً لأسئلة حول قسوة المعالجة القضائية، شددت على أن الجواب الفرنسي يحاول التوفيق والتوازن بين القانون الفرنسي والأوروبي، في تكامل مع القانون الجديد الذي أقره البرلمان، مؤخراً، والذي ينتظر موقفاً نهائياً من المجلس الدستوري.
واستنجدت بلغة الأرقام لتفسير اشتغال وزارتها، حيث أُخضِعَ نحو 9000 متظاهر للاعتقال الاحتياطي، وهي أرقام مؤقتة، مُنح السراح لـ 155 منهم، وأطلق 1800 منهم دون أي متابعة، فيما منح 1800 آخرون بدائل عن المتابعة، كما مَثُل أقل من 4000 متظاهر أمام المحاكم، فيما ينتظر 1800 دورهم للمثول أمام المحاكم، كما أنه صدَرَ 2000 حكم قضائي، وهو رقم مؤقت. وتنقسم الأحكامُ إلى قسمين، 40 في المائة حكم عليهم بالسجن الفعلي، ما بين بضعة أشهر و3 سنوات، و60 في المائة، صدرت في حقهم أحكام بديلة.
ولم تُغفل الوزيرة قضية الشكاوى التي رفعها متظاهرو "السترات الصفراء" ضد العنف البوليسي، وعددتها في نحو 280 شكوى، 17 منها لم تسفر عن شيء، والباقي لا تزال موضع تحقيق من طرف مفتشية الشرطة.
وكالعادة كانت تدخلات الأغلبية الرئاسية تأييداً للموقف الرسمي وإشادة بعمل القوى الأمنية، وحاولت لورنس فيشنفسكي، من حزب "الموديم"، معرفة الجواب السياسي لما يجري، فـ"المعالجة الأمنية غير كافية"، فيما حاول حزب "الجمهوريون"، أن يزايد على قرارات الحكومة، متهماً إياها بالتقصير والتردد في القرارات، وسخر من "هُزال غرامة 135 يورو، على من يشارك في تظاهرة غير مصرح بها. والتي لم تمنع المتظاهرين في تحدّيها"، ثم تساءل عن الاستنجاد بالجيش في حماية بعض المنشآت.
أما الحزب الاشتراكي، فتساءل عن التعويضات التي يمكن تقديمها لمن تضرر من 18 أسبوعاً من المظاهرات. كما طرح: "متى ستتوقف التظاهرات، التي يبدو أن الحكومة تهيئ نفسها للتعود معها؟"، معتبراً أن ما يجري "حركة اجتماعية لم تُعالَج، بعدُ، وكما يجب".
وقد أجاب الوزير كاستانير بأن "الجواب السياسي قدمه الرئيس ماكرون، طيلة الحراك، وهو ما سيقدمه، أيضاً، بعد انتهاء "الحوار الوطني الكبير"، وأما التعويضات، فقد أحال موضوعها إلى وزير الاقتصاد برونو لومير. ثم انتقد السجال الذي اندلع حول مشاركة "عملية سونتيتيل" في حماية مرافق عمومية، وكشف أن مشاركتها في الأسبوع الماضي كانت أقل من مشاركات سابقة، وذكّر بإحراق متظاهرين قبل أسابيع لسيارة من سيارات "مجموعة سونتينيل"، وكيف تعامل معها العسكريون بمهنية.
وتدخل لوران نونيز، سكرتير الدولة لدى وزير الداخلية، مدافعاً عن حق الشرطة في استخدام قوى الأمن لسلاح "إل بي دي"، التي يطالب المتظاهرون مدعومين بأطباء العيون وبجمعيات حقوقية فرنسية دولية، إضافة إلى المدافع عن الحقوق، بحظره أو وقف استخدامه، مؤقتاً، معتبراً أنه يجب استخدامه في حالات الشغب والنهب. وهو موقف وزيرة العدل، التي استشهدت بقرار لـ"مجلس الدولة" يسمح للشرطة في استخدامه.
وتحدث لوران نونيز عن "بلاك بلوك"، فاعتبر أنها "شكل عمل"، تستخدم "ملابس سوداء
وخوذات"، وليست "حركة"، إذ لا يُعرَف مسؤولوها. وأعاد إلى الأذهان إفشال قوى الأمن في العديد من التظاهرات لتجمعات بلاك بلوك قبل بدء هجماتها ضد القوى الأمنية. واعترف بالتنسيق الأمني وتبادل المعلومات مع جيران أوروبيين.
وندد نونيز، بغضب، بتصريحات النواب التي تتحدث عن 19 أسبوعاً من الفشل، وطالبهم بـأن "يزنوا كلماتهم جيداً".
ويمكن القول إن النقاش كان من جانب واحد، فالوزيران، كاستانير وبيلوبي، قَدِما للدفاع عن مقاربتيها الأمنية المتشددة، والقضائية الزجرية، فيما كان نواب المعارضة يريدون مقاربة سياسية واجتماعية، هم على يقين بأنها تأخرت أكثر مما يجب، ولا يثقون في الحوار الوطني الكبير، الذي اعتبروه طويلاً ورتيباً ولا يبشر بحلّ يرضي الغاضبين من سياسات الحكومة الحالية ومن ثلاثة عقود مضت.
وقد تحدث وزير الداخلية كاستانير عمّا جرى يوم 16 مارس/آذار، الذي عرفت فيه باريس مظاهر عنف بالغة القسوة، وأعلن عن "مسؤولية اليسار المتطرف إضافة إلى أن السترات الصفراء انزلقت نحو التطرف"، وأكد أن "الجواب الحكومي هو التشدد وعدم الإفلات من العقاب".
وكشف عن أن الحكومة غيرت استراتيجيتها في الحفاظ على الأمن، وهذا "ما لم يُنجز منذ عشرين سنة". وأعاد التذكير بما قاله من قبل من أن "تظاهرات 16 مارس/آذار خلت من أي شعارات مطلبية. حيث تواجد 10 آلاف من مثيري الشغب"، و"قاموا بنهب 25 متجرًا".
ووعد الوزير كاستانير بألا يتكرر ما جرى في 16 مارس/آذار، وذكّر بالنجاح الذي تم تحقيقه في 23 مارس/آذار، بعد تغيير العقيدة الأمنية، التي تضمنت منح حرية أكبر لقوى الأمن لتقدير الموقف والتصرف بحرية، وأيضاً بسبب استخدام عناصر جديدة مثل دْرون وفيديوهات، إضافة إلى حضور عناصر من الشرطة القضائية.
وقال كاستانير، بنبرة تباهٍ: "النتائج حاضرة هنا"، واعترف بأن الصدامات لا تزال مستمرة، وأنه لا يزال ثمة عنفٌ. واعتبر أن الهدف النهائي هو "إنقاذ المظاهرات من مثيري الشغب".
وتحدثت وزيرة العدل نيكول بيلوبي، عن مثيري الشغب، وقالت إنهم "مهنيون"، تقريباً. واعتبرت أن ما وقع في 16 مارس/آذار، سبق أن جرى في 1 مايو/أيار وفي ديسمبر/كانون الأول 2018. ورأت أن الجواب القضائي يتمثل في "تحديد المسؤولين ومتابعتهم ثم
واستباقاً لأسئلة حول قسوة المعالجة القضائية، شددت على أن الجواب الفرنسي يحاول التوفيق والتوازن بين القانون الفرنسي والأوروبي، في تكامل مع القانون الجديد الذي أقره البرلمان، مؤخراً، والذي ينتظر موقفاً نهائياً من المجلس الدستوري.
واستنجدت بلغة الأرقام لتفسير اشتغال وزارتها، حيث أُخضِعَ نحو 9000 متظاهر للاعتقال الاحتياطي، وهي أرقام مؤقتة، مُنح السراح لـ 155 منهم، وأطلق 1800 منهم دون أي متابعة، فيما منح 1800 آخرون بدائل عن المتابعة، كما مَثُل أقل من 4000 متظاهر أمام المحاكم، فيما ينتظر 1800 دورهم للمثول أمام المحاكم، كما أنه صدَرَ 2000 حكم قضائي، وهو رقم مؤقت. وتنقسم الأحكامُ إلى قسمين، 40 في المائة حكم عليهم بالسجن الفعلي، ما بين بضعة أشهر و3 سنوات، و60 في المائة، صدرت في حقهم أحكام بديلة.
ولم تُغفل الوزيرة قضية الشكاوى التي رفعها متظاهرو "السترات الصفراء" ضد العنف البوليسي، وعددتها في نحو 280 شكوى، 17 منها لم تسفر عن شيء، والباقي لا تزال موضع تحقيق من طرف مفتشية الشرطة.
وكالعادة كانت تدخلات الأغلبية الرئاسية تأييداً للموقف الرسمي وإشادة بعمل القوى الأمنية، وحاولت لورنس فيشنفسكي، من حزب "الموديم"، معرفة الجواب السياسي لما يجري، فـ"المعالجة الأمنية غير كافية"، فيما حاول حزب "الجمهوريون"، أن يزايد على قرارات الحكومة، متهماً إياها بالتقصير والتردد في القرارات، وسخر من "هُزال غرامة 135 يورو، على من يشارك في تظاهرة غير مصرح بها. والتي لم تمنع المتظاهرين في تحدّيها"، ثم تساءل عن الاستنجاد بالجيش في حماية بعض المنشآت.
أما الحزب الاشتراكي، فتساءل عن التعويضات التي يمكن تقديمها لمن تضرر من 18 أسبوعاً من المظاهرات. كما طرح: "متى ستتوقف التظاهرات، التي يبدو أن الحكومة تهيئ نفسها للتعود معها؟"، معتبراً أن ما يجري "حركة اجتماعية لم تُعالَج، بعدُ، وكما يجب".
وقد أجاب الوزير كاستانير بأن "الجواب السياسي قدمه الرئيس ماكرون، طيلة الحراك، وهو ما سيقدمه، أيضاً، بعد انتهاء "الحوار الوطني الكبير"، وأما التعويضات، فقد أحال موضوعها إلى وزير الاقتصاد برونو لومير. ثم انتقد السجال الذي اندلع حول مشاركة "عملية سونتيتيل" في حماية مرافق عمومية، وكشف أن مشاركتها في الأسبوع الماضي كانت أقل من مشاركات سابقة، وذكّر بإحراق متظاهرين قبل أسابيع لسيارة من سيارات "مجموعة سونتينيل"، وكيف تعامل معها العسكريون بمهنية.
وتدخل لوران نونيز، سكرتير الدولة لدى وزير الداخلية، مدافعاً عن حق الشرطة في استخدام قوى الأمن لسلاح "إل بي دي"، التي يطالب المتظاهرون مدعومين بأطباء العيون وبجمعيات حقوقية فرنسية دولية، إضافة إلى المدافع عن الحقوق، بحظره أو وقف استخدامه، مؤقتاً، معتبراً أنه يجب استخدامه في حالات الشغب والنهب. وهو موقف وزيرة العدل، التي استشهدت بقرار لـ"مجلس الدولة" يسمح للشرطة في استخدامه.
وتحدث لوران نونيز عن "بلاك بلوك"، فاعتبر أنها "شكل عمل"، تستخدم "ملابس سوداء
وندد نونيز، بغضب، بتصريحات النواب التي تتحدث عن 19 أسبوعاً من الفشل، وطالبهم بـأن "يزنوا كلماتهم جيداً".
ويمكن القول إن النقاش كان من جانب واحد، فالوزيران، كاستانير وبيلوبي، قَدِما للدفاع عن مقاربتيها الأمنية المتشددة، والقضائية الزجرية، فيما كان نواب المعارضة يريدون مقاربة سياسية واجتماعية، هم على يقين بأنها تأخرت أكثر مما يجب، ولا يثقون في الحوار الوطني الكبير، الذي اعتبروه طويلاً ورتيباً ولا يبشر بحلّ يرضي الغاضبين من سياسات الحكومة الحالية ومن ثلاثة عقود مضت.