* ما تقييمكم لنتائج الانتخابات التشريعية التونسية؟
في اعتقادي وحسب اعترافات المراقبين الأجانب، فقد جرت الانتخابات في أفضل الظروف، ومن دون أي خلل من شأنه التشكيك بنتائجها. مع أنني كنت أتمنى لو كانت نسبة المشاركة أكثر من 60 في المائة، ولكنه مع ذلك يبقى رقماً كبيراً. أما النتائج، فقد كانت تقريباً متوقعة، وإن حصلت بعض المفاجآت. لم يتوقّع أحد تراجع أحزاب "الترويكا" إلى هذا الحدّ. كما تساءل كثيرون كيف أن الحزب "الجمهوري" و"التكتل" ينال كل منهما 1 في المائة. كما شكّل صعود "التيار الوطني الحر" مفاجآة كبرى.
وفي ما يتعلق بحزب "النداء" و"حركة النهضة"، فالغالبية كانت تتوقع هذه النتائج. لكن الأهم في هذا الصدد، هو أن هذه الانتخابات، التي أعتبرها تاريخية، ستضع تونس في المسار الصحيح حتى تنطلق في الثورة الحقيقية، ثورة التنمية الاقتصادية، التي من شأنها أن تبعث الآمال لدى شبابنا، وتضمن العمل والعيش الكريم للشعب التونسي. فقد أمضينا السنوات الأربع الأخيرة في السياسة، ولا بدّ من الشروع في العمل الآن. لماذا لا نكون مثل ماليزيا أو كوريا أو تركيا. تلك البلدان تملك رؤية واستراتيجية واضحة، ونحن في تونس لدينا كل المقوّمات لتحقيق ذلك، وقد شرعنا بالفعل في الحكومة الحالية في وضع استراتيجية واضحة، وقدّمنا بعض ملامحها في مؤتمر الاستثمار بتونس. ونأمل أن تواصل الحكومة المقبلة المسار عينه، وتضع استراتيجية مكمّلة للاستراتيجية السابقة.
* ألا تعتقد أن نتائج الانتخابات هي الترجمة المباشرة للجملة التي وردت على لسانكم "يكفينا من السياسة"؟
ملّ التونسيون من السياسة والسياسيين، كما أن هناك احتمالاً بعدم الرضا على حكومة الترويكا، وإن كانت "النهضة" قد حافظت على مركز مهم. الأكيد أن الشعب التونسي يريد الدخول في مرحلة جديدة.
* هل تعتقد أنه يُمكن أن تكون لهذه النتائج تداعيات ما على مستوى السياسات الداخلية والخارجية لتونس؟
من المؤكد أنه إذا شكّل "نداء تونس" الحكومة العتيدة، ستكون لديه سياسات مغايرة لسياسات حكومة الترويكا، مع أن هناك احتمال بسيط في ألا تكون مغايرة للحكومة الحالية. فـ"النداء" حزب يقدم نفسه على أنه تقدّمي وليبرالي وعصري، لكني أعتقد أنه يجب عليهم التركيز على مفهومي "التنمية الشاملة" و"التوازن الجهوي"، لأن النمو الاقتصادي في تونس، وحتى أيام الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، كان يُقدّر بحوالي الـ5 في المائة. وهي نسبة محترمة جداً لكن مسار التنمية كان خاطئاً، ولم يكن يشمل كل فئات الشعب، وأحدث اختلالاً على كل المستويات.
العائق الكبير الآن هو ليبيا، لأن مستقبل تونس مرتبط جوهرياً بليبيا، ولا أتصوّر أن تستقرّ تونس في ظلّ استمرار الأزمة الليبية. ولذلك سعينا منذ البداية، وبذلت شخصياً جهودا كبيرة في هذا الاتجاه، لأنني مقتنع بأن تونس لن تستقر اذا لم تستقر ليبيا، ولن يزدهر الاقتصاد التونسي، طالما هناك مشاكل في ليبيا، والمستثمر الأجنبي لن يأتي إلى تونس طالما دام هذا الوضع.
ليبيا بالنسبة لنا مسألة أساسية، نعالجها ككل المسائل الوطنية، وتونس كانت من أول البلدان التي ساهمت في تحقيق التقارب بين الليبيين، وقامت بمبادرة دول الجوار ومبادرة المغرب العربي. كما وجّهت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في مايو/أيار الماضي، كي نستبق تدهور الوضع في ليبيا. وطلبت منه تدخّل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بسرعة، وأن يشجع الإخوة الليبيين على الحوار.
* هل تعتقد بأنه يُمكن لتونس التأثير في ليبيا تأثيراً مباشراً؟
طبعا نملك تأثيراً على ليبيا، فثلث الليبيين موجودون في تونس، وتداعيات الوضع الليبي علينا، اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً كبير علينا، ونحن نؤدي دوراً فعالاً في هذا الاتجاه، ولكن مع الأسف لا أتصوّر أن يتطورّ الاقتصاد التونسي كما نطمح، إذا استمرت الأوضاع السيئة في ليبيا.
ذهبت إلى الصين، التي تستثمر في السنة حوالي 10 مليارات دولار في افريقيا، ولا تتجاوز استثماراتها في تونس بضعة ملايين من الدولارات. أبدى كبار مستثمريهم استعدادهم لاستثمار مليارات الدولارات في تونس، ولكن الوضع في ليبيا لا يسمح لهم بهذا في الوقت الحاضر. وينسحب الأمر عينه على المستثمرين الخليجيين، الذين يرغب العديد منهم في الاستثمار في تونس، لكنهم يترقبون الوضع الليبي. وأكدوا لي ذلك عندما التقيت بهم في مدينة جنيف السويسرية، أخيراً، بمناسبة المنتدى العالمي للاستثمار.
* من الواضح أن الأطراف الليبية أو من يدعمها من الخارج، ترغب في أن يكون الحسم على الميدان، وليس عبر الحوار السياسي، وحتى إن بعض المحاولات التي تمّت على المستوى الدولي، مثل لقاء الجزائر، واجتماعات دول جوار ليبيا، لم تؤثر ولم تقنع الفرقاء الليبيين؟
فعلاً، لم تؤثر هذه الجهود وأنا أعتبر أن المسألة الليبية لا تُحلّ إلا سياسياً، ويُخطئ من يتصوّر أنه يُمكن معالجتها بالقوة. فكل ليبيا اليوم مسلّحة، والشعب الليبي معروف بعناده، ولن يُسلّم الأسلحة بدون اطار سياسي ضامن واتفاق سياسي. العملية ليست سهلة ويجب مواصلة اقناع الليبيين بالحوار لأن لا بديل عنه. وهناك أطراف تؤيد الحوار على الرغم من تطرّفها، ومستعدة لإلقاء السلاح.
* هل تتواصلون مع جميع الأطراف المتنازعة في ليبيا؟
شخصياً أتواصل مع عدد من الأطراف، وعلاقتنا طيبة مع الجميع. وهذا الاحترام الكبير لتونس مرده موقفها الواضح، الذي يحافظ على المسافة عينها من كل الأطراف. نحن نعترف بالبرلمان الليبي المنتخب ونعترف بكل ما هو شرعي، لكن الشرعية لا تؤهل للانفراد بالسلطة، لأنها غير واردة في الديمقراطيات الناشئة، خصوصاً أن البرلمان لم ينل سوى نسبة 22 في المائة فقط. وهي نسبة صغيرة لا تعكس كامل إرادة الشعب الليبي، ولهذا ينبغي أن يكون الحكم تشاركياً، ولا بدّ من التواصل مع الأطراف الأخرى.
* هل لديكم تواصل مع "فجر ليبيا"؟
ليس لدينا تواصل مع "فجر ليبيا"، غير أنه لدينا علاقات مع الأطراف المستعدة للحوار من كل العائلات السياسية، وهناك عدد من الشخصيات الجاهزة للحوار، كما نحاول حثّهم عليه، ولكن مع الأسف هناك أطراف خارجية تحاول التأثير بطريقة سلبية، وهذا من شأنه عرقلة هذه الجهود.
* لدينا زميلان مختطفان في ليبيا، ما هي آخر تطورات ملفهما؟
مسألة الصحافيين معقّدة تماماً كالمسألة الليبية نفسها، لأننا لا نعرف من قام بالاختطاف ولا السبب ولا مكان وجودهما. ولا يعني هذا وقوفنا مكتوفي الأيدي، وحمّلت المسؤولية كاملة للحكومة الليبية، بحسب القانون الدولي، ووُعدت بتفعيل البرلمانين الليبيين، في أجدابيا ودرنا، التي يُمكن أن يكونا موجودين فيهما. واستقبلت عائلات المخطوفين وتحدثوا مع وزير الخارجية الليبي، ليقتنعوا بأن الحكومة الليبية، وعلى الرغم من ضعفها، فهي تقوم بمحاولات لحلّ الموضوع. كما تساهم معنا أطراف أخرى غير رسمية، اتصلنا بها لمساعدتنا، مثل وزير الداخلية الليبي السابق محمد الشيخ، والقنصل العام في ليبيا.
* حاولت الحكومة التونسية أن تكون على مستوى وعودها لكن عملياً أين أخفقتم؟
أريد أن أتحدث فقط في المسائل الدبلوماسية، وإن كنت أظن أن أغلب الوعود تحققت. ففيما يخُص الخارجية، كان هدفنا الرئيسي هو ألا تكون لتونس مشاكل مع كل البلدان، واليوم علاقاتنا طيبة مع قطر، كما هي مع الامارات، ومع تركيا كما هي مع مصر، مع الجزائر والمغرب، مع الولايات المتحدة وروسيا.
هناك من انتقدني على ذهابي الى مصر، ولكن ينبغي أن يفهم هؤلاء، أنه بقطع النظر عن الخيارات السياسية لكل بلد، فتونس ومصر تمرّان بنفس التحديات الأمنية والاقتصادية والاقليمية والدولية، وهذا يقتضي منا التشاور والتنسيق. ويفرض علينا وضع علاقة استراتيجية غير عدائية. ولا أتصوّر أننا وفي هذا الوضع، لا نحتفظ بعلاقة طيبة مع مصر، بغضّ النظر عن الخيارات السياسية. فالأنظمة تذهب ولكن الدولة مستمرة. كما أن علاقتنا مع قطر ممتازة، وهي في طليعة الدول التي ساعدتنا بعد الثورة، مثل الجزائر وبعض الدول الأوروبية.
تونس بلد صغير وعلاقاتنا يجب أن تكون مع كل الدول الشقيقة والصديقة، وعلى أعلى المستويات، في اطار المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، من دون التدخل في الشؤون الداخلية. وخير دليل على ذلك الزيارات المكثفة التي قام بها عدد كبير من وزراء الخارجية إلى تونس في فترة وجيزة، من الولايات المتحدة وروسيا والهند وتركيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة، ومعظم وزراء خارجية الدول العربية.
* على ذكر الجزائر أين وصلت العلاقات الثنائية؟
العلاقة التونسية الجزئرية في أحسن حالاتها منذ الاستقلال. إذ إن هناك رغبة على المستوى السياسي، كي تكون العلاقة أكثر من استراتيجية، والتعاون الأمني على الحدود جعلنا مطمئنين. كما أن علاقتنا مع المغرب ممتازة استخباراتياً. عموماً مرتاح لأن العلاقة عادت كما كانت مع كل البلدان التي تأثرت ببعض المشاكل، مثل السعودية والامارات.
* وماذا عن سورية؟
تم انتقادي بسبب الملف السوري، فأنا لست ضد استئناف العلاقات مع سورية، لكن ذلك لا يبدو مناسباً في الوقت الحاضر، لكننا نتواصل مع جاليتنا، إذ لدينا ستة الاف تونسي مقيم في سورية، ومسؤولية الدولة تقديم الخدمات لهم، ونحن نسيناهم لمدة سنتين، وهم يعانون هناك ولا يملكون جوازات سفر ولا يتمكنون من التنقّل. هو ظلمٌ بحقهم. واستطعنا في النهاية، افتتاح مكتب للتواصل الاداري، وأرسلنا مجموعة من وزارة الخارجية ومجموعة أمنية كذلك.
أما فيما يخص العلاقات الدبلوماسية، فنحن نتابع كل التطورات في سورية، وهي بلد شقيق ولدينا علاقات تاريخية معها، ونحن نتعامل مع الدولة وليس النظام.
* طالما نحن في المنطقة ما هي قراءتكم للتطورات الجارية في سورية والعراق؟
فاجأت تلك التطورات العالم، ولم يتصوّر أحد أن يسيطر تنظيم "داعش" بهذه السرعة على ثلث العراق وقسم من سورية. تونس لم تدخل التحالف ضد "داعش"، لأنه يكفينا مشاكلنا الخاصة، فهناك الانتخابات، ومتابعة المسار الانتقالي، ولا نستطيع الدخول في تحالف من شأنه استيلاد مشاكل أخرى لنا.
* هل سيكون لهذه التطورات في سورية والعراق تأثير على تونس في هذه المرحلة أو في المرحلة المقبلة؟
بالتأكيد، إذ لدينا مجموعة كبيرة من التونسيين في سورية والعراق، ومنهم من سيعود إلى البلاد، ويجب أن نكون مستعدّين لهم أمنياً وتأطيرياً، وأن نتعامل معهم معاملة لا تمسّ بأمن تونس. وعلينا التصرّف بحزم معهم، كونهم انخرطوا في تنظيمات عسكرية. واتفقت خلال زيارتي إلى تركيا مع الرئيس رجب طيب أردوغان، على أن تذهب مجموعة أمنية تونسية إلى اسطنبول، خصوصاً أن عناصر تونسيين بدأوا يعودون من سورية، ونخشى أن يمثلوا خطراً كبيراً على أمننا.
* هل هناك استراتيجية لهذا الوضع أو خطة؟
بطبيعة الحال هناك خطة أمنية في وزارة الداخلية، وفي المطارات، من خلال التنسيق مع الأمن التركي. في الواقع، تتعاون تركيا معنا عكس ما نشر في الصحافة عن تواطؤها، وهذا غير صحيح بالمرة.
* ما هي أهم العقبات التي اعترضت العمل الحكومي؟
أكبر عقبة لهذه الحكومة هي ليبيا، لأنها تمثل عائقاً أمام المستثمرين، فالاستثمار الأجنبي المباشر في تونس انخفض إلى حدود الـ50 في المائة. لكن عمل هذه الحكومة كان أساساً من أجل ثلاثة أهداف، الأمن والاقتصاد والانتخابات.
كما تحسنّت المؤشرات الأمنية، أما على مستوى الوضع الاقتصادي، فقد ولدت الحكومة في فترة تعاطف دولي مع تونس، واستطعنا استثمارها من خلال الزيارات التي قمنا بها إلى عدد من البلدان والمؤسسات، وساعدونا مالياً واقتصادياً، مثل البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية والبنك الاسلامي، والجزائر وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا. ولا أتصوّر أن هذه المساعدات ستكون بنفس القيمة، لو كانت حكومة أخرى غير مستقلة، وهو ما ساعدنا على تحقيق نسبة نمو بـ3 في المائة في ظلّ الظروف الاقليمية المعلومة.
* هل هناك خطة بدأتم بتنفيذها في اتجاه افريقيا؟
افريقيا هي بوابة المستقبل، فهذه القارة تحولت في ظرف 10 سنوات من القارة الأكثر تهميشاً إلى القارة الأكثر استقطاباً للمستثمرين، واليوم هناك ست دول افريقية لديها أكبر نمو اقتصادي في العالم، وهناك حوالي ثمانية بلدان إفريقية لديها نسبة نمو أكثر من 10 في المائة، ونحن مع الأسف، أدرنا خلال عقود ظهرنا لافريقيا ونسيناها. تصوّروا أن بن علي لم يحضر ولا قمة افريقية لمدة 23 سنة وهذا دليل على جهلنا لافريقيا.
تداركنا الوضع ووضعنا في الوزارة استراتيجية متعددة المحاور ورتّبناها بحسب الأولويات، وركّزنا على الدبلوماسية الاقتصادية، عبر إنشاء خلية دبلوماسية اقتصادية، كان الهدف منها، تحسين صورة تونس الجديدة، في الخارج لاستقطاب المستثمرين، والبحث عن شراكة بين المستثمرين التونسيين والأجانب والبحث في تأمين أسواق لرجال الأعمال في الخارج.
وفي هذا السياق، عملنا على تفعيل التعاون مع افريقيا كونها سوقاً واعدة و كبيرة جداً، وعكس ما كنّا نتصوّر، إن الأفارقة يكنّون حباً واحتراماً لتونس، والعديد من شخصياتهم درسوا في كلياتنا. وخلال جولة افريقية، برئاسة رئيس الجمهورية، المنصف المرزوقي، اصطحبنا معنا 92 رجل أعمال تونسي، عاد معظمهم بعقود وصفقات استثمارية، حتى إن بعضهم أنجز صفقات بقيمة 120 مليون دولار في فترة وجيزة.
تبقى الاشكالية في افريقيا، بعدم وجود سفارات تونسية، جنوب الصحراء، ولدينا فقط ست سفارات، بينما للمغرب 29 سفارة، ولتركيا 26، دشّنتها في السنوات الأربع الاخيرة. ونتجه حالياً إلى افتتاح ست سفارات جديدة في بلدان واعدة مثل أنغولا وبوركينا فاسو وكينيا وتشاد، وهي بلد واعد إلى أبعد الحدود في النفط.
كما اتفقنا على إلغاء التاشيرة مع عدد من البلدان الافريقية الواعدة، وغيرها من الدّول مثل سنغافورة واستراليا ونيوزيلندا ولاتفيا وليتوانيا واستونيا وروسيا. ويزورنا سنوياً 400 ألف سائح روسي، كما أن هناك مليوني سائح روسي في مصر، ولا استبعد أن إلغاء التاشيرة سيقفز بالرقم إلى مليون سائح.
كما تمّ الاتفاق، مبدئياً، خلال زيارتي إلى روسيا، على تصدير 25 الف طن من زيت الزيتون، لتعويض ايراداتهم من أوروبا، كما عبّر الروس عن استعدادهم لاستيراد مواد غذائية، من تونس بالاضافة إلى تقديمهم قرضاً بقيمة 500 مليون دولار، وبشروط ميسرة.
* أين أصبحت العلاقة بين تونس والاتحاد الأوروبي؟
التقينا مع عدد من مسوؤليهم، والكل يدعم تونس بحماس، لكننا أردنا ترجمة هذا الدعم واقعياً. وكنت صريحاً في اول زيارة لي إلى فرنسا، في فبراير/شباط الماضي، وقلت إن تونس ليست أقل أهمية من اليونان، وإنه في صالح الاتحاد الأوروبي وفرنسا أن تنجح تونس في تجربتها.
فاليونان حصلت سنة 2013 على 151 مليار دولار في شكل إعانات من الاتحاد الأوروبي، لاخراجها من أزمتها الاقتصادية، في حين أن تونس قريبة من أوروبا، ولم يساعدونا واحد في المئة مما حصلت عليه اليونان. علاقتنا مع الاتحاد الأوروبي طيبة ومتينة، لكن دعمهم لتونس ليس في مستوى تطلعاتنا.
* هناك ملف المفقودين في إيطاليا، وهي قضية كبيرة أين تكمن الصعوبات برأيك وما الجديد في الأمر؟
هذا موضوع شائك وتكمن الاشكالية فيه بوجود مفقودين لا نعرف عنهم شيئاً، وقد تحدثت مع الإيطاليين وغيرهم، لكنهم حسموا الموضوع وأكدوا وجودهم لديهم. كما ان لا وجود للمفقودين لا في النرويج، ولا في الدنمارك، ولا في إيطاليا، لأنهم يتجولون دون هوية، وبعضهم قطع الاتصال بعائلته تماماً، ومنهم ربما توفّوا. لكننا نتابع البحث.
* هل انت معني بمواصلة العمل في وزارة الخارجية في الحكومة العتيدة لو طلب منكم ذلك؟
لا أريد أن أردّ بطريقة تقليدية ودبلوماسية، فأنا أخذت اجازة غير مدفوعة الأجر، لألتحق بتونس، وأتولى هذه المهمة حتى نهاية العام، وأنوي العودة إلى الأمم المتحدة حيث كنت، ولكن إذا طُلب مني، واقتضت المصلحة الوطنية البقاء فلن أرفض. ولكن هناك العديد من الأشخاص مثلي، وأفضل مني ويمكن أن يؤدوا المهمة على أكمل وجه، وسأدعمهم وأتعامل معهم.
* ماذا قدمت تونس لفلسطين في هذه الفترة بالذات؟
كانت تونس الدولة الوحيدة تقريباً، إلى جانب الإمارات، أثناء العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة، التي سمحت لها مصر بتقديم المساعدات. وأرسلنا ثلاث أو أربع طائرات محمّلة بالمساعدات الغذائية والأدوية، وفتحنا حساباً مصرفياً لدعم إعمار غزة، شارك فيه عدد كَبِير من رجال الأعمال الوطنيين. مصر مشكورة على ذلك، وتعاملت معنا بكل كفاءة لمساعدتنا حتى تصل طائراتنا.
كما حضرت الاجتماع الذي أقيم حول غزة في الجامعة العربية، وتدخّلت ودعوت أن تطلب المجموعة العربية من لجنة حقوق الانسان في جنيف، انشاء لجنة لتقصي الحقائق لتحميل اسرائيل مسؤوليتها. وهذا ما حصل فعلاً بعد آجتماع القاهرة، ولجنة حقوق الانسان بصدد إعداد تقرير للأمين العام حول الاعتداء الاسرائيلي على غزة حالياً، وأعتبر أن مساهمتنا بسيطة في هذا الاتجاه.