أكّد وزير الدفاع التونسي، فرحات الحرشاني، مساء أمس الخميس، على هامش مناقشة ميزانية وزارته، أن البلاد تقدمت أشواطاً كبيرة في مكافحة الإرهاب وتطويق رقعته، وبالخصوص على صعيد "قطع الإمدادات البشرية والتموينية عن الإرهابيين المرابطين في الجبال الواقعة على الشريط الحدودي الغربي مع الشقيقة الجزائر".
وأوضح الحرشاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "القوات العسكرية نجحت في هذه المهمة الصعبة، حيث تم القضاء على عدة إرهابيين، وقد كشف عددُهم ووضعهم أن القوات التونسية نجحت في قطع الإمدادات الغذائية والبشرية عنهم"، مشيراً إلى أنه خلال العمليات العسكرية تمت محاصرة الإرهابيين في جحورهم والهجوم عليهم في مخابئهم، وهي عمليات تثبت تقدم القوات التونسية عليهم، وتحقيقها عدة نجاحات في مكافحة الإرهاب.
وشدّد وزير الدفاع على وجوب الحذر، بالرغم من كلّ ما تحقق، داعياً المواطن إلى أن يلعب دوره في تقديم المعلومة للسلطات، معتبراً أن القضاء على الإرهاب يقتضي توفر المعلومة البشرية والمعلومة التقنية.
وقال الحرشاني إن "القوات التونسية في الطريق الصحيح وناجحة في هذه المهمة، وتمكنت في ظرف زمني قصير من إنجاز الكثير وتحقيق بعض النجاحات" مستدركاً أن "هناك تهديدات مرتبطة أساساً بالوضع في الشقيقة ليبيا، وطالما لا تزال ترزح تحت عدم الاستقرار؛ فإن ذلك يعني تواصل التهديدات".
وأضاف وزير الدفاع أن الحدود التونسية مؤمّنة، وخلال الفترة المقبلة؛ سترتفع درجة الحماية، نظراً للانطلاق في تنفيذ مشروع المراقبة الإلكترونية على امتداد 500 كلم، أي على كامل الشريط الحدودي الجنوبي من منطقة راس جدير (بنقردان من محافظة مدنين في الجنوب الشرقي) إلى برج الخضراء (قرية من محافظة تطاوين في أقصى الحدود الغربية مع ليبيا).
ومن المتوقّع أن يتم تركيز هذه المنظومة مع نهاية هذه السنة، وتحديداً خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول.
وكانت ميزانية وزارة الدفاع قد شهدت ارتفاعا هاماً؛ في الوقت الذي شهدت وزارات أخرى سيادية تخفيضاً في الاعتمادات المسندة إليها، في إطار سياسة التقشف التي صيغت وفقها ميزانية السنة المقبلة.
ولاقى الترفيع ترحيباً من نواب البرلمان من جميع الكتل النيابية، ولم توجه للمؤسسة أي انتقادات؛ بل اقتصر الأمر على تنبيهها للنقائص، وضرورة الاستثمار في التنمية المدنية والتصنيع المحلي للأسلحة.
وبيّن الحرشاني أن هذه الميزانية ستمكّن الوزارة من الاقتناءات العسكرية الضرورية لجيش البر والبحر وسلاح الجو، في إطار هذه المرحلة الحساسة.
غير أن النائبة عن حزب "تيار المحبة"، ريم الثايري، وجهت نقداً للوزير، واتهمته بمغالطة البرلمان، معبّرة عن عدم رضاها عما نشر في مجلات تحليل السياسات الأميركية حول استعمال الأرض التونسية لإطلاق طائرات بدون طيار باتجاه ليبيا، أشرف عليها سراً جنود أميركيون، على حد قولها.
وردّ الحرشاني، من جانبه، على ما أثير في هذا الملف، مجدداً نفي وجود قاعدة عسكرية أميركية في البلاد، وهو أمر نفاه الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، في حوار متلفز، مساء الثلاثاء الماضي، كما نفاه مسؤولون من البنتاغون.
وعبّر وزير الدفاع التونسي عن تفهّمه لتخوف بعض الأطراف من أن تستخدم تلك الطائرات ضد مصالح دول شقيقة، مستدركاً بالقول إن "البلاد في حاجة ماسة لتأمين حدودها بهذه الوسيلة التقنية، التي لا تستعمل فقط لأغراض عسكرية؛ وإنما لأغراض مدنية أيضاً".
وتساءل الوزير ذاته عن داعي تخوف البعض من وجود هذه المعدات العسكرية، في الوقت الذي "يكشف الواقع الحاجة لها لكشف تحركات الإرهابيين عبر الجبال، وعند اختراقهم للحدود التونسية"، مبيناً أن تونس تستقبل على أرضها جنوداً أميركيين وبريطانيين وفرنسيين وبلجيكيين لمساعدة العسكريين التونسيين على كشف الألغام.
وأضاف أنّ هذا الإجراء يشمل أيضاً عناصر من القوات الخاصة الجزائرية، في إطار التنسيق في المسائل الأمنية والتدريب، دون أن يمس ذلك من سيادة البلاد. ولفت إلى أن الجنود الأجانب الذين يدخلون البلاد يكون وجودهم في تونس مشروطاً ومدروساً، ويندرج، عامة، ضمن إطار مواجهة عدو مشترك، أو الحصول على معلومات، أو تدريب الجنود التونسيين.