ووصف العبيدي عملية اقتحام الفلوجة بأنها "تحد كبير جداً" للقوات العراقية، المشكلة من الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب، في وقت تحاول هذه القوات التقدم نحو محور المدينة الداخلي لاقتحامها.
وبرر العبيدي التأخر في تحرير الفلوجة من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بوجود أعداد كبيرة من المدنيين، مشددا على أن ذلك "شكل تحدياً كبيراً للقوات العراقية وحال دون تنفيذ الاقتحام"، علما أن هذه القوات لازالت ترابط في الأراضي نفسها التي تسيطر عليها منذ عامين ونصف العام، باستثناء القرى والأرياف التي سيطرت عليها في مناطق الكرمة والسجر شرق الفلوجة، ومناطق الصقلاوية، وقراها شمال غرب المدينة، فيما لا يزال الوضع الميداني شرقي المدينة على ما هو عليه منذ عامين ونصف العام، حيث تتمركز القوات في معسكر المزرعة ومعامل الحراريات، دون تقدم جديد.
وفي القاطع الغربي من المدينة، أعلنت القوات العراقية، أمس السبت، استعادة مناطق الصبيحات والفلاحات، غير أن التقدم في هذه المناطق ليس جديداً، فهي تقع تحت سيطرة القوات العراقية منذ عامين ونصف العام، سوى التقدم الذي حصل باتجاه جسر البو علوان الذي يبعد نحو 10 كلم غربي الفلوجة.
وتأتي تصريحات وزير الدفاع بعد مرور 21 يوماً على انطلاق معركة استعادة الفلوجة التي أعلنها رئيس الوزراء، حيدر العبادي، والتي لم تسفر عن تقدم ملحوظ على الأرض، عقب معارك ضارية أسفرت عن خسائر غير مسبوقة للقوات العراقية والمليشيات المرافقة لها، الأمر الذي تسبب في توجيه انتقادات واسعة للحكومة العراقية، ولوزارة الدفاع خاصة، لتأخرها في تحقيق تقدم واضح على الأرض يجعلها قريبة من نقطة التماس في محيط الفلوجة.
وبحسب مراقبين، فإن تصريحات العبيدي اليوم جاءت متأخرة، بعد مقتل أكثر من 13 ألف مدني خلال عامين ونصف العام من المعارك، بسبب القصف الجوي والعمليات البرية للقوات العراقية.
ويقول محللون إن وزير الدفاع يحاول تبرير فشل القوات العراقية، إلى الآن، في تحرير الفلوجة، رغم مرور 21 يوماً على انطلاق العملية العسكرية، وحشد أكثر من 45 ألف مقاتل من قوات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب، فضلاً عن 21 مليشيا مسلحة.
المحلل العسكري فاضل الدليمي أوضح، لـ"العربي الجديد"، أن تصريح العبيدي يعطي مؤشراً واضحاً على فشل عملية اقتحام المدينة بذريعة وجود عشرات الآلاف من المدنيين، قبل أن يشدد: "لكن وزير الدفاع نسي أن قواته قتلت من المدنيين 13 ألفاً خلال العامين ونصف العام الماضيين من المعارك".
وبيّن الدليمي أن "كل ما تشيعه بيانات وزارة الدفاع عن توغل داخل محيط الفلوجة غير صحيح، فالقوات العراقية حتى اللحظة لم تصل إلى نقطة التماس الأخيرة، وهي الخط الدولي السريع شرقاً، ونهر الفرات غرباً، وسكة القطار شمالاً، ومشارف حي الشهداء جنوباً".
واعتبر الدليمي أن العبيدي يستخدم ذريعة المدنيين لـ"إبعاد شبهة جرائم الحرب عنه وعن قواته التي ارتكبتها في المدينة، وأيضا لتبرير فشل اقتحام الفلوجة بعد الخسائر الهائلة التي منيت بها على أطرافها".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت، قبل ثلاثة أيام، أنها كانت مخطئة في تقدير أعداد المدنيين داخل الفلوجة، وأن الرقم الحقيقي لهم كان أكثر من 90 ألفاً، وليس بين 40 و50 ألفاً التي سبق أن أعلنتها في أوقات سابقة، فيما يقول وجهاء الفلوجة إن عدد المدنيين داخلها يبلغ أكثر من 150 ألفاً، بعد نزوح آلاف الأسر من أطراف المدينة نحوها هرباً من بطش المليشيات التي فتكت بالمناطق التي دخلتها.
وبحسب إحصائية رسمية لمستشفى الفلوجة، فإنّ عدد القتلى المدنيين منذ عامين ونصف العام بلغ 3540، بينهم 348 امرأة، و554 طفلاً، فيما بلغ عدد الجرحى 6037، بينهم 858 امرأة و1044 طفلاً.
وفيما يخص المعارك، لا يقل المعدل اليومي لقتلى القوات العراقية عن 80 إلى 100 قتيل، وأضعاف ذلك العدد من الجرحى، ما يجعل عملية اقتحامها أمراً معقداً للغاية، بحسب الخبراء.