وساطة مصرية لـ"ترشيد" الهجوم الفلسطيني على التطبيع مع إسرائيل

12 سبتمبر 2020
محاولة لمنع "توسعة الشقاق داخل الجامعة العربية" (نضال اشتية/الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة، مطلعة على ملف الوساطة المصرية، تفاصيل جولة اللقاءات المكوكية التي أجراها الوفد الأمني المصري بين قيادة "حماس" في قطاع غزة، ومسؤولين في السلطة الفلسطينية في رام الله، ومسؤولين إسرائيليين، يومي الخميس والجمعة الماضيين. وكانت هذه الزيارة محددةً قبل التوصل إلى اتفاق التهدئة الأخير الذي أنجزته قطر، ولكن تمّ إرجاؤها، للتباحث حول عددٍ من النقاط العالقة التي تتمسك "حماس" بتنفيذها، مثل السماح بإقامة المشاريع الكبرى الخاصة بالبنية التحتية، إضافة إلى ملفات أخرى متعلقة بالتهدئة طويلة الأمد التي ترعى مصر مفاوضاتها، منذ فترة. وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن الوفد المصري الذي قاده مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز الاستخبارات العامة، اللواء أحمد عبد الخالق، بحث تهدئة من نوع آخر، متعلقة بالغضب الخليجي، في إشارة إلى الإمارات والسعودية، والذي خلّفه اجتماع قادة الفصائل الفلسطينية في بيروت أخيراً، واستدعى مطالبة مجلس التعاون الخليجي السلطة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، بتقديم اعتذار لقادة الخليج، بعد ما وصفه المجلس بإساءات لرموز خليجية، وبثّ ذلك على قنوات رسمية تابعة للسلطة.

بحث الوفد تهدئة الغضب الخليجي من اجتماع قادة الفصائل الفلسطينية في بيروت

وأوضحت المصادر أن القاهرة تقود في الوقت الراهن اتصالات مع السلطة الفلسطينية و"حماس"، لما وصفته بـ"ترشيد" الهجوم على القرار الإماراتي الأخير بالاتفاق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل رسمياً، لمنع توسعة "الشقاق" داخل مجلس الجامعة العربية.

في سياق آخر، قالت المصادر إن مفاوضات الوفد المصري الأخيرة أكّدت دور القاهرة في قيادة ملف الوساطة والتهدئة بين غزة والاحتلال من جهة، والمصالحة الداخلية من جهة أخرى، مشيرة إلى أن القاهرة استشعرت أخيراً محاولة لتهميش دورها، لا سيما بعدما نجحت الدوحة في إنهاء جولة التصعيد الإسرائيلي الأخيرة، عبر اتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه. وأكدت المصادر أن الوفد نقل رسائل واضحة للأطراف كافة، مفادها بأن دور القاهرة لا يمكن استبداله بأدوار أطراف أخرى، نظراً إلى طبيعته الخاصة، والملفات التي لا يمكن لطرف آخر القيام بها، وفي مقدمتها ملف معبر رفح.
وحول ملف التهدئة طويلة الأمد الذي ترعاه مصر، قالت المصادر إن هناك عقبة واحدة تمنع إحراز تقدّم واضح، وهو ملف تبادل الأسرى، نظراً إلى تمسك حركة "حماس" و"كتائب القسام"، ذراعها العسكرية، بضرورة الإفراج عن الأسرى المعاد تحريرهم في صفقة "وفاء الأحرار"، قبل المضي قدماً في تنفيذ اتفاق متعلّق بتبادل الأسرى مع الاحتلال.

وأشارت المصادر إلى أن مصر، بالإضافة إلى أطراف أوروبية، بينها ألمانيا والنرويج، تسعى إلى تحريك ملف تبادل الأسرى في الوقت الحالي، في محاولة من القاهرة لتأكيد حيوية دورها الإقليمي. وأوضحت المصادر أن الوفد المصري زار غزة مرتين خلال يومٍ واحد، بعدما حمل مطالبات من جانب قيادة "حماس" في القطاع، توجه بها إلى الجانب الإسرائيلي، قبل أن يعود إلى غزة مجدداً بعدها بساعات قليلة.

في المقابل، كشفت المصادر أنه على مستوى العلاقات الثنائية، وافق الجانب المصري على فتح معبر رفح الأسبوع المقبل لتسهيل مرور العالقين والحالات المرضية، وكذلك السماح بإدخال شحناتٍ من السلع والبضائع التي يحتاجها القطاع. وأشارت إلى أن من بين المطالب التي حمّلتها "حماس" للوفد قبل توجهه إلى المسؤولين الإسرائيليين، ضرورة السماح بإدخال كميات كبيرة من المواد الخام التي تحتاجها مصانع القطاع، بعد توقف الكثير منها عن العمل بسبب الحصار الإسرائيلي الذي تبع موجة التصعيد الأخيرة.
يُذكر أن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، أعلن أن مصر تتوسط بين حركته وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق جديد لتبادل الأسرى. وقال في تصريح صحافي في بيروت، أمس الجمعة: "نرحب بالدور المصري في إمكانية الوصول إلى اتفاق تبادل جديد (للأسرى)، ونأمل أن ننجز شيئاً على هذا الصعيد". وأضاف هنية أن "الإخوة في مصر يُتابعون العديد من الملفات، بينها المصالحة والحصار ومعبر رفح وتبادل الأسرى".

المساهمون