وطن بلانش

11 نوفمبر 2014
+ الخط -
وُلدتْ بلانش في يافا عام 1910، وأُجبرتْ على النزوح عام 1948، والذهاب إلى الشتات شأنها كشأن غيرها من الفلسطينيين.

صوّرت ماريزا غرغور، بلانش على فترتين متباعدتين؛ الانتفاضة الأولى عام 1988 والانتفاضة الثانية عام 2000. كانَ الفيلم الأوّل قصيرًا، والثاني متوسطًا. واختلف أيضًا مكان التصوير الذي تمّ على دفعتين؛ فرنسا وأميركا.

فابنة الشتات اليافاوية هذه، أثارت فضول السينمائية التي أرادتْ أن تعرفَ إن تغيّر شيء في حياتها. بيدَ أن بلانش ما زالت كما هي، تحلمُ بالعودة إلى يافا، لكنّها لم تعد تعزف على البيانو، فقد جاوزَتِ التسعين.

بيد أنها تجيدُ التعبير عن هوّيتها: "كان لدي جواز سفر فلسطيني، أي كان ثمّة دولة اسمها فلسطين"، وتضيف :"أنا لا أستطيع حملَ بندقية، لكن أستطيع قولَ كلامٍ مؤثّر".

حين شاهدَتِ المرأة التسعينيّة نفسها في الفيلم، حزنتْ كثيرًا على حالتها، إذ كلّما تقدّم العمر بها، كلّما نأت يافا؛ ففي المرّة الأولى للتصوير، كان البحرُ الأبيض المتوسطُ يفصلها عن مدينتها، أمّا في المرّة الثانية، قرب آلاسكا، صارَ ما يفصلها أكبر بكثير. 

تدرك ماريزا أنها تقدّم صورة غير مألوفة للفلسطيني في فيلمها، فالسيدة اليافاوية البورجوازية ضدّ الصورة النمطية التي غالبًا ما يقدّم الفلسطيني عبرها. ولعلّ اختيار تطابق زمني التصوير مع الانتفاضتين الأولى والثانية، ما يرسلُ إشارات ذكية، إذ يُبطن صورة الفلسطيني اللاجئ المقهور، لتغدو مقابلتها بالسيدة اليافاوية أمرًا لا مفر منه.

سيقول التقاطع بين الصورتين: إن بلانش لا تختلف عن اللاجئ بشيء، فهي مثله تمامًا ابنة الشتات. لكنّها تمثّل وجهًا فلسطينيًا لا يطيقُ الغرب رؤيته. تدرك ماريزا هذا: "لا يُعرض فيلمٌ مماثلٌ على شاشات محطات التلفاز الأوروبية، لأنّه يظهر وجهًا مختلفًا للفلسطينيين".

وإذ سُئلتْ عن شغفها ببلانش، أجابت: "تنتمي بلانش إلى الناس الأوائل الذين عاشوا تجربة النكبة، لذلك يجب أن يكونوا الأوائل الذين نوثّق تجربتهم، ونحفظ ذاكرتهم، لأنها بمثابة التاريخ الحقيقي".

ديمة...
المساهمون