واشتهر أفنيري، وهو من مواليد ألمانيا عام 1923، وهاجرت عائلته إلى فلسطين مع صعود النازية، بتأييده منذ سبعينيات القرن الماضي حقّ تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية، علماً أنه انخرط في شبابه في منظمة "الإيتسيل" الصهيونية الإرهابية، ونشط في صفوفها في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وكان من أعضائها الفاعلين، حيث اعترف لاحقاً بأنه شارك في توزيع منشورات المنظمة، حين كانت الأخيرة تنشط أساساً في عمليات لقتل الفلسطينيين، وهي المنظمة التي نفذت مذبحة دير ياسين.
بعد النكبة مباشرةً، انتقل أفنيري من العمل كصحافي في "هآرتس"، وكاتباً لافتتاحياتها، ليؤسس مع شركاء له صحيفة "هعولام هزيه" (هذا العالم)، التي ناوأت سلطة بن غوريون شبه المطلقة في "دولة إسرائيل" بعد النكبة. كما اشتهرت صحيفته بتقارير استقصائية ضد الفساد الحكومي، إلى جانب تقارير صفراء في مختلف المجالات ومكافحة القيود على حرية التعبير عن الرأي وسيطرة الأجهزة الأمنية، وخاصة الاستخبارات العامة.
انتخب أفنيري للمرة الأولى عضواً في الكنيست في دورته السادسة، وبدأ يبرز باعتباره أحد الصحافيين اليساريين الذين يدعون إلى حقّ تقرير المصير للشعب الفلسطيني، علماً أنه كان صوت بعد انتخابه مرة ثانية عضواً في الكنيست عام 66 لصالح قانون ضمّ القدس المحتلة و"توحيد المدينة عاصمة لإسرائيل"، معترفاً في وقت لاحق بأن هذا التصويت كان الخطأ السياسي الأكبر الذي ارتكبه في حياته.
أسس عام 77 حزب "شيلي"، وانتخب من خلاله للكنيست لمرة ثالثة. ومع صعود حزب الليكود للحكم، والتوصل إلى معاهدة كامب ديفيد للسلام، اعتبر أفنيري أنه لم يعد هناك مفر من حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية. وفي عام 1981، وفي آخر خطاب له في الكنيست، رفع للمرة الأولى العلم الفلسطيني إلى جانب علم إسرائيل، معلنا أنه على قناعة بأن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات سيلقي على غرار السادات خطاباً في الكنيست عند التوصل إلى اتفاق سلام.
نال أفنيري شهرته في الأوساط السياسية العربية والدولية، بعدما تمكن من لقاء عرفات، خلال الاجتياح الإسرائيلي لبيروت. وبعدها تكررت اللقاءات بين الطرفين، في الوقت الذي كانت فيه منظمة التحرير الفلسطينية قد بدأت منذ أواسط السبعينيات فتح حوارات مع اليسار الإسرائيلي، وكل من كان على استعداد للاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
وفي عام 1993، وبعدما قام رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك إسحاق رابين بإبعاد مئات الناشطين من حركة "حماس" إلى مرج الزهور في لبنان، أسس أفنيري حركة يسارية جديدة غير برلمانية اسمها "غوش شالوم"، أي كتلة السلام. ومع عودته إلى الأراضي المحتلة بعد اتفاق أوسلو في العام 1994، دعا عرفات أفنيري ليكون على منصة الشرف إلى جانبه.
بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، ومحاصرة عرفات، كان أفنيري من ضمن مجموعة من الإسرائيليين، الذين تضامنوا مع الرئيس الراحل داخل مبنى المقاطعة، ليكونوا بمثابة درع بشري لمنع محاولة اغتياله.
واظب أفنيري على المشاركة في المسيرات الاحتجاجية ضد جدار الفصل العنصري في بلعين وقرى فلسطينية أخرى على امتداد جدار الفصل العنصري، إلى أن تراجعت حالته الصحية في الأعوام الأخيرة، بعدما فقد زوجته عام 2011.