وليد نوفل، صحافي سوري، يتحدث لـ"العربي الجديد"، عن تجربته مع اللجوء والصحافة ويقول: "ولدت في نوفمبر/ تشرين الثاني 1994، ودرست في مدارس المدينة. شاركت في أول تظاهرة شعبية خرجت في مدينتي إنخل (فزعة لدرعا البلد)، بعد 3 أيام فقط من اندلاع الثورة في درعا. في ما بعد بدأت بتصوير المظاهرات الشعبية في مدينتي، وتحميلها على مواقع التواصل الاجتماعي مع مجموعة من رفاقي، ثم أصبح عملنا في تنظيم التظاهرات الطلابية واللافتات والتصوير أكثر تنظيماً، وصرنا نتواصل مع وسائل الإعلام العربية ونزوّدها بالأخبار، وغيرها من النشاطات. ومع استمرار الثورة، وفي الفترة الممتدة ما بين العام 2013 و2016، فقدت جزءاً كبيراً من رفاقي، الذين إمّا استشهدوا أو اعتقلوا على يد النظام السوري، أو أصبحوا من المختفين قسرياً. فالثورة بالنسبة إلي هي واجب مقدس، لأجل دماء رفاقي وأبناء شعبي".
مغادرة سورية كانت تجربة صعبة لدى نوفل. إذ يقول: "مع بداية ملاحقتي أمنياً، إثر اكتشاف النظام لأسماء المجموعة التي كنت من ضمنها، اضطررت لترك سورية في فبراير/ شباط 2013. وتركت مقاعد الدراسة لأكثر من 6 سنوات، قبل أن أعود في صيف العام 2019 لأدرس الثانوية العامة (التوجيهي) في الأردن، وأحصل على شهادة الثانوية العامة في يوليو/ تموز 2019، بعدما حرمت من مقاعد الدراسة في وطني. واليوم أنا أستعد لدراسة الصحافة في إحدى الجامعات الأردنية، لأكمل المشوار الذي بدأت به قبل أكثر من تسع سنوات. صحيح أنّ رغبتي في الدراسة تغيّرت بشكل كبير، إلّا أنني ممتن لله وللثورة التي جعلتني أسلك طريق الصحافة، لأحكي عن وطني وأبنائه". ويضيف نوفل: "قرار مغادرة وطني وأرضي وترك بقية رفاقي في مواجهة النظام، كان من أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي. إذ كنت أمام خيارين: إمّا ترك جذوري إلى الأبد، أو المراهنة على حياتي وحياة عائلتي ووحشية النظام السوري وما ينتظرني في أقبية مخابراته ومعتقلاته. وفي النهاية ها أنا اليوم لاجئ يتمتع بحريته، وكما كلّ تجارب اللّجوء، لم تخلُ تجربتي بدايةً من المصاعب والمشاكل، لكن اليوم أصبح الحال أفضل ولم أعد أشعر بأنني غريب أو لاجئ".
يقول نوفل: "العمل في الصحافة مع بداية الثورة لم يكن خياراً بالنسبة إلي، بل كان واجباً أمام حجم الألم الذي عشته مع أبناء وطني، نتيجة وحشية النظام، وحجم الانتهاكات، والتضليل الإعلامي الذي كان يمارسه. فالبعض اختار السلاح طريقاً للمقاومة، أمّا أنا فاخترت العدسة والكلمة. وعلى الرغم من التخاذل العالمي والصمت عمّا يُرتكب من انتهاكات في سورية، كان الصراخ سبيلنا، يجب أن لا نموت بصمت دون أن نؤرق سبات هذا العالم. وخلال الأشهر الأخيرة التي سبقت خروجي من سورية إلى الأردن، كنت أعمل مع بعض وسائل الإعلام المحلية مقابل مبالغ زهيدة أو حتى بشكل تطوّعي. وفي الأردن أكملت مسيرتي في العمل الصحافي، مع وسائل الإعلام المحلية وبمساعدة المواطنين الصحافيين والصحافيين الذين بقوا في بلدي". ويضيف نوفل: "استمر ذلك حتى مطلع العام 2016، حينما التحقت بدورة تدريبية صحافية في منظمة سوريا على طول، ومع انتهاء الدورة، بدأت العمل ضمن فريق المنظمة، كصحافي يكتب عن بلاده وكمشارك في تدريب الشباب السوري والأردني في الورشات التي تعقدها المنظمة على كيفية التغطية الصحافية وإجراء المقابلات والتحقيقات الاستقصائية".
ويتوجه نوفل نهاية برسالة إلى الشباب السوري قائلاً: "رسالتي أن يستثمر كل واحد منّا في نفسه أو إخوته وأولاده، بالعلم والتحصيل الثقافي والمعرفي. بعض السوريين يعيشون اليوم في بلاد توفّر لهم حياة كريمة واستقرارا وظيفيا، لكن في النهاية هناك وطن مدمّر يحتاج إلى بناء وإعمار وعقول".