كان أحداً سعيداً: السلطات المصرية قرّرت ترحيل الصحافي الأسترالي، بيتر غريست، العامل في قناة "الجزيرة الإنجليزية" بعد 400 يوم من الاعتقال. يعود غريست إلى بلاده البعيدة، حاملاً معه ألعن الذكريات من عالمنا العربي. أيام ستمرّ قبل أن يخبرنا عن أيام في السجن، عن توقيفه، وعمّا رآه في شوارع القاهرة قبل دخوله السجن.
سيملك الصحافي المحرّر متّسعا من الوقت ليتكلّم، وسيملك أيضاً متّسعاً من الصفحات والمواقع والشاشات ليظهر عليها. الإعلام الغربي كلّه سيكون منتظراً فرصة نقل شهادة وتجربة غريست، تماماً كما فعل هذا الإعلام منذ اليوم الأول لاعتقاله. أما زميلاه محمد فهمي وباهر محمد، فلن يذكرهما أحد.. لم يذكرهما أحد في الأساس منذ اليوم الأول للاعتقال.
عند اعتقال طاقم "الجزيرة" بتهم عدّة، أغلبها سريالي، تصدّرت صور غريست الصفحات الأولى للمواقع والصحف الأميركية والفرنسية... مع مقالات وقصص مشوّقة وعاطفية عن عمله في الشرق الأوسط، وعن رفضه مغادرة البلاد، رغم تأزّم الوضع هناك، وطبعاً عن حبّه للشعب المصري والشعوب العربية... ولا كلمة واحدة عن المعتقلين معه. أساساً كانوا معتقلين صحافيين بلا أسماء. لم يرد اسمَي باهر محمد ومحمد فهمي إلا نادراً، مع التذكير الدائم بأن
فهمي يحمل أيضاً الجنسية الكندية.
على موقع "تويتر" لم يبد الوضع مختلفاً. كل الصحافيين الأجانب، غردوا آلاف التغريدات، مطالبين بحرية غريست، وأحياناً يضيفون "وزملائه" الذين طبعاً لا يحملون أسماء. كان زملاؤنا الأجانب يعدّون كل يوم، أيام اعتقال غريست. يغضبون ويصفون السلطة المصرية بالديكتاتورية لاعتقالها مواطناً أجنبياً استرالياً، من دون أي سبب سوى أنه صحافي.
السلطة المصرية ديكتاتورية لأسباب كثيرة، من ضمنها اعتقال غريست، لكن معه صحافيون كثر آخرون لا وجود لهم في الغرب، هم مجرّد أعداد: 10 صحافيين، 18 صحافياً، 4 مدوّنين، وهكذا...
لعلّ الصحافة البريطانية حاولت الخروج من هذا التهميش الواضح لباقي المعتقلين الصحافيين في مصر. شرحت لنا "الغارديان" في تقرير مطوّل ما هو وضع محمد فهمي، وحاجته إلى التنازل عن جنسيّته المصرية لتتعاطى معه السلطات ككندي وترحّله إلى بلاده. كما تكلّمت مع شقيق باهر محمد، الذي أكّد أن لا إفراج عن شقيقه قريباً، وأن لا مؤشرات عن تبرئته من أي من التّهم الموجّهة إليه.
"الإندبندنت" أيضاً قدّمت تغطية متوازنة ومنصفة لملف صحافيي "الجزيرة". فنشرت مع الإعلان عن خبر ترحيل غريست تقريراً على شكل سؤال وجواب اختصرت فيه قضية هؤلاء: "ما الذي نعرفه؟ ما الذي يتمّ تناقله في الإعلام؟ ما الذي لا نعرفه؟ ما الذي قيل عن الملف؟ ما هي خلفية القضية؟"، وتجيب في سطرين أو ثلاثة عن كل هذه الأسئلة، لتقدّم للقارئ الغربي المعلومات الأساسية التي تهمّه.
غدا عندما يرحّل محمد فهمي أيضاً إلى بلده الثاني كندا، بعد تنازله عن جنسيّته المصرية، سيبقى باهر محمد ومعه صحافيون وتقنيون آخرون في السجن. لن نسمع عنهم الكثير، سيكتفي ناشطون مصريون ربما بالمطالبة بحريتهم... إلى حين تغيّر اللعبة السياسية في مصر والاقتناع أخيراً بأن "الصحافة ليست جريمة".
سيملك الصحافي المحرّر متّسعا من الوقت ليتكلّم، وسيملك أيضاً متّسعاً من الصفحات والمواقع والشاشات ليظهر عليها. الإعلام الغربي كلّه سيكون منتظراً فرصة نقل شهادة وتجربة غريست، تماماً كما فعل هذا الإعلام منذ اليوم الأول لاعتقاله. أما زميلاه محمد فهمي وباهر محمد، فلن يذكرهما أحد.. لم يذكرهما أحد في الأساس منذ اليوم الأول للاعتقال.
عند اعتقال طاقم "الجزيرة" بتهم عدّة، أغلبها سريالي، تصدّرت صور غريست الصفحات الأولى للمواقع والصحف الأميركية والفرنسية... مع مقالات وقصص مشوّقة وعاطفية عن عمله في الشرق الأوسط، وعن رفضه مغادرة البلاد، رغم تأزّم الوضع هناك، وطبعاً عن حبّه للشعب المصري والشعوب العربية... ولا كلمة واحدة عن المعتقلين معه. أساساً كانوا معتقلين صحافيين بلا أسماء. لم يرد اسمَي باهر محمد ومحمد فهمي إلا نادراً، مع التذكير الدائم بأن
على موقع "تويتر" لم يبد الوضع مختلفاً. كل الصحافيين الأجانب، غردوا آلاف التغريدات، مطالبين بحرية غريست، وأحياناً يضيفون "وزملائه" الذين طبعاً لا يحملون أسماء. كان زملاؤنا الأجانب يعدّون كل يوم، أيام اعتقال غريست. يغضبون ويصفون السلطة المصرية بالديكتاتورية لاعتقالها مواطناً أجنبياً استرالياً، من دون أي سبب سوى أنه صحافي.
السلطة المصرية ديكتاتورية لأسباب كثيرة، من ضمنها اعتقال غريست، لكن معه صحافيون كثر آخرون لا وجود لهم في الغرب، هم مجرّد أعداد: 10 صحافيين، 18 صحافياً، 4 مدوّنين، وهكذا...
لعلّ الصحافة البريطانية حاولت الخروج من هذا التهميش الواضح لباقي المعتقلين الصحافيين في مصر. شرحت لنا "الغارديان" في تقرير مطوّل ما هو وضع محمد فهمي، وحاجته إلى التنازل عن جنسيّته المصرية لتتعاطى معه السلطات ككندي وترحّله إلى بلاده. كما تكلّمت مع شقيق باهر محمد، الذي أكّد أن لا إفراج عن شقيقه قريباً، وأن لا مؤشرات عن تبرئته من أي من التّهم الموجّهة إليه.
"الإندبندنت" أيضاً قدّمت تغطية متوازنة ومنصفة لملف صحافيي "الجزيرة". فنشرت مع الإعلان عن خبر ترحيل غريست تقريراً على شكل سؤال وجواب اختصرت فيه قضية هؤلاء: "ما الذي نعرفه؟ ما الذي يتمّ تناقله في الإعلام؟ ما الذي لا نعرفه؟ ما الذي قيل عن الملف؟ ما هي خلفية القضية؟"، وتجيب في سطرين أو ثلاثة عن كل هذه الأسئلة، لتقدّم للقارئ الغربي المعلومات الأساسية التي تهمّه.
غدا عندما يرحّل محمد فهمي أيضاً إلى بلده الثاني كندا، بعد تنازله عن جنسيّته المصرية، سيبقى باهر محمد ومعه صحافيون وتقنيون آخرون في السجن. لن نسمع عنهم الكثير، سيكتفي ناشطون مصريون ربما بالمطالبة بحريتهم... إلى حين تغيّر اللعبة السياسية في مصر والاقتناع أخيراً بأن "الصحافة ليست جريمة".