أنا مدمن على كرة القدم حتى الجنون، أمضي بعض الوقت مع عائلتي وباقي حياتي هي كرة القدم ثم كرة القدم ثم كرة القدم.. هذا الكلام ينطبق على من أحب كرة القدم بكل تفاصيلها، مثلي ومثلكم ومثل صاحب هذه المقولة البرتغالي الأنيق روي كوستا.
كرة القدم طالما أفرحتنا ودائماً أيضاً ما تبكينا، مجنونة هذه المستديرة في لحظاتها ومتقلبة في أمورها وغريبة في مقارناتها وأمثلتها .. وحب هذه اللعبة يتطلب من الشخص الرضا بحلوها ومرها، ببطولاتها وإخفاقاتها، بفرحها وحزنها .. ومن لا يرضى بالخسارة هو شخص لا يستحق أبدا الفوز فيها.
تأتي علينا بعض اللحظات في كرة القدم، فنقول ما أقسى كرة القدم، وما أظلمها، فتمر هذه اللحظات، ثم نكتشف أن كرة القدم تصبح عادلة في تقلباتها وأمورها .. فعندها نعرف أن كرة القدم لا تدوم على حال أبداً، فلهذا أحببت أنا وغيري كرة القدم وعشقناها لعدم ثباتها وتقلباتها في رمشة عين .. لكن هناك حوادث شاهدناها فيها، لا هي من العدل في شيء، ولا هي من الظلم في شيء .. فعندها نقول بغرابة وذهول: لماذا هكذا يا كرة القدم؟
ريهاجل واليونان وعرش أوروبا
الكرة تكون غريبة أحياناً كثيرة . . اليونان بلد الإغريق وبلد الفلاسفة والأطباء قديماً، والبلد الرائد في العصور القديمة، لكنه ليس كذلك في مجال كرة القدم، وبلد مع احترامي يوجد على "هامش" أوروبا رياضيّاً .. أوتو ريهاجل الألماني وبوسيلة الدفاع، ثم الدفاع جعلهم أبطالاً للقارة العجوز في 2004، وبهذا الإنجاز صاروا متساوين مع إيطاليا وهولندا في عدد مرات الفوز بكأس أوروبا ومتفوقين على إنجلترا! هنا نقول غريبة أنت يا كرة.
زاكاردو الإيطالي بطل العالم
الكرة تكون غريبة أحياناً كثيرة . . يلعب المونديال 4 مرات، ويخرج بركلات الترجيح في ثلاث منها، إحداها نهائي .. باولو مالديني يحقق كل شيء يطمح إليه قائد لفريقه .. كل شيء يحققه مع ميلان لكن مع الأزوري الإيطالي عندما قرر أن يعتزل بعدها مباشرة حققت إيطاليا المونديال .. كأس العالم تلك السنة حققها لاعب كـزاكاردو مع احترامي الذي يشارك لأول مرة ويحرزه! هنا نقول غريبة أنت يا كرة.
ديل بييرو وشباب أنييلي
الكرة تكون غريبة أحياناً كثيرة . . ديل بييرو ويوفينتوس بينهما حكايات تُروى في كتب العشق والوفاء من طرف واحد فقط .. يوفي يهبط والملك لا يترك سيدته لأنه الفارس النبيل .. بعدها يوفي ينهض على قدميه من جديد، وأنييلي يعامل الملك بما لا يليق ثم يخرج هذا الملك من الباب الصغير .. معاملة غريبة لرجل التاريخ والعشق والوفاء! .. هنا نقول غريبة أنت يا كرة.
السلطان إبرا وذات الأذنين
السويدي إبراهيموفيتش يلعب لفرق الصفوة في أوروبا .. يوفينتوس وميلان وإنتر في بلاد الساق والقدم ويلعب لكتيبة جوارديولا الاستثنائية، ويحقق الدوري أينما ذهب لكن إذا تعلق الأمر بدوري الأبطال فاللعنة تأتيه ولا يحققه .. يذهب من إنتر بعدها مباشرة الفريق الإيطالي يحرز الأبطال، يذهب من برشلونة بعدها مباشرة الفريق الكتالوني يحرز الأبطال .. "قدوته رونالدو الظاهرة وأظنه مثله"! هنا نقول غريبة أنت يا كرة.
ربما لا يمر موسم في كرة القدم إلا ونشاهد أموراً تذهل العقول وتشد الأنظار لا لروعتها وحلاوتها بل لغرابتها .. حتى كرة القدم في غرابتها تصبح ممتعة لأنها لم تعتمد على علم ثابت أو قانون واضح .. فلنستمتع بها في جميع أحوالها.