02 سبتمبر 2014
يجري في الخليج
المولدي اليوسفي (تونس)
إيران بطبيعتها، قوة إقليمية لها وزنها لدى العارفين بأحوال المنطقة، تحرّكها مصالحها الوطنية، شأن القوى الدولية، مدت يدها منذ ثورتها للبلدان العربية أملاً في نشر مذهبها، وهذا شأن ثقافي تشترك فيه مع كل الدول، ومع أهل السنة في المنطقة الإسلامية، فكلّ يعظم توجهه آملاً في بناء تحالف إقليمي يخدم مصلحته. لم توفق إيران في ذلك طبعا، وهذا شأن كل المشاريع السياسية، حيث تخطط القوة الداعمة لإنجاح مشروع سياسي، ويتفاعل في ذلك فاعلون مؤيدون، وآخرون مناهضون في ثلاثة مجالات: الوطني والإقليمي والدولي. وكانت النتيجة أن فقدت إيران الثقة في العرب، وتخلت عن حلم بناء تحالف إقليمي معهم.
وبناء عليه، تسعى إيران إلى حماية أمنها الوطني، وتبني استراتيجيتها على هذا المبدأ، وهو ما يوجه تحالفاتها، ودائماً ليس من حسن الأداء السياسي إعلان كل شيء، فما يقع بعيداً عن الضجيج والأضواء أهم مما يُعرض على جمهور المتفرّجين.
من جهة أخرى، ينطبق على تركيا ما ذكر بخصوص إيران، مع اختلاف أنها تغازل الشارع العربي بالمذهب السني، وتسعى إلى تعويض إيران في الوعي الجمعي العربي على أنها عدوة عدو العرب الوجودي، مستغلة في ذلك التاريخ العثماني الذي لا يخلو من أمثلة غير مساعدة. ومن ناحية أخرى، تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعلاقتها بالعدو الوجودي غير خافية.
حكام الخليج يمثلهم حكام الإمارات والسعودية، مع عبد الفتاح السيسي من مصر، ويخطو نحوهم الآن حميدتي السودان. ويتعلق بمرقصهم خليفة حفتر، لكن الأخيريْن يواجهان صدّاً محلياً، والأمر لم يحسم بعد لفائدتهما، وقد لا يكون لهما ما يريدان. هناك سحناتٌ أخرى مستعدة أن تسابق ثلاثي الشر، لكنها تخشى الشارع. الواجهة الثانية من الحكام محتشمة، لا يزال الحياء يعلو محيّاها، والمرور من الدعارة السياسية في الكواليس إلى الجهر بها يستدعي صفاقة قد يصعب على بعضهم اكتسابها، إلا أن هذا التوجه مصبوغ بغباء فاقع، فأحوال الشعب العربي تنبئ برفضه له، وهذا يتجلى في نمو الوعي بضرورة الانتفاض ضد التوجه العدمي.
أميركا، في طبيعتها "كوبوي"، فهي قوة مبنية على الجريمة، وهذا ما يجعل منها زعيمة الجريمة التاريخية (الاستعمار). وبذلك تكون أعظم قوة دولية، تحرّكها مصالح المستعمر موجهاً بعقلية الاستكبار، ورفض وجود أي قوة محلية أو إقليمية أو دولية غير خاضعة لها تنتقم للتاريخ ومنه، فهي تنتقم لتاريخها، لمّا ذُلت من العثمانيين، ومن العرب على شاطئ طرابلس، وتنتقم لتاريخها، لذلك ينتشي ترامب.
بناء على ما ذكر، أعتقد أن إيران تؤلم السعودية، لعلمها أن ترامب لا يمانع في ذلك، فهو ينتشي بذلك، ومارس ذلك علناً أمام ناخبيه، في نشوة بالغ في إظهارها. ثم إن أميركا لا تسعى إلى إسقاط النظام الإيراني، لا حباً فيه، لكنها ليست متأكدة من قدرتها على ذلك، بل ربما هي متأكدة من عجزها. ثم من الأفضل، استراتيجياً، لأميركا، الإبقاء على خصم تعرف ما يريد، وحدود تطلعاته على مغامرةٍ لا تعرف حدود تأثيرها، ولا مدى كارثية نتائجها عليها، فهي لا تدري من سيخلف هذا النظام لو أسقطته.
من جهة أخرى، ينطبق على تركيا ما ذكر بخصوص إيران، مع اختلاف أنها تغازل الشارع العربي بالمذهب السني، وتسعى إلى تعويض إيران في الوعي الجمعي العربي على أنها عدوة عدو العرب الوجودي، مستغلة في ذلك التاريخ العثماني الذي لا يخلو من أمثلة غير مساعدة. ومن ناحية أخرى، تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعلاقتها بالعدو الوجودي غير خافية.
حكام الخليج يمثلهم حكام الإمارات والسعودية، مع عبد الفتاح السيسي من مصر، ويخطو نحوهم الآن حميدتي السودان. ويتعلق بمرقصهم خليفة حفتر، لكن الأخيريْن يواجهان صدّاً محلياً، والأمر لم يحسم بعد لفائدتهما، وقد لا يكون لهما ما يريدان. هناك سحناتٌ أخرى مستعدة أن تسابق ثلاثي الشر، لكنها تخشى الشارع. الواجهة الثانية من الحكام محتشمة، لا يزال الحياء يعلو محيّاها، والمرور من الدعارة السياسية في الكواليس إلى الجهر بها يستدعي صفاقة قد يصعب على بعضهم اكتسابها، إلا أن هذا التوجه مصبوغ بغباء فاقع، فأحوال الشعب العربي تنبئ برفضه له، وهذا يتجلى في نمو الوعي بضرورة الانتفاض ضد التوجه العدمي.
أميركا، في طبيعتها "كوبوي"، فهي قوة مبنية على الجريمة، وهذا ما يجعل منها زعيمة الجريمة التاريخية (الاستعمار). وبذلك تكون أعظم قوة دولية، تحرّكها مصالح المستعمر موجهاً بعقلية الاستكبار، ورفض وجود أي قوة محلية أو إقليمية أو دولية غير خاضعة لها تنتقم للتاريخ ومنه، فهي تنتقم لتاريخها، لمّا ذُلت من العثمانيين، ومن العرب على شاطئ طرابلس، وتنتقم لتاريخها، لذلك ينتشي ترامب.
بناء على ما ذكر، أعتقد أن إيران تؤلم السعودية، لعلمها أن ترامب لا يمانع في ذلك، فهو ينتشي بذلك، ومارس ذلك علناً أمام ناخبيه، في نشوة بالغ في إظهارها. ثم إن أميركا لا تسعى إلى إسقاط النظام الإيراني، لا حباً فيه، لكنها ليست متأكدة من قدرتها على ذلك، بل ربما هي متأكدة من عجزها. ثم من الأفضل، استراتيجياً، لأميركا، الإبقاء على خصم تعرف ما يريد، وحدود تطلعاته على مغامرةٍ لا تعرف حدود تأثيرها، ولا مدى كارثية نتائجها عليها، فهي لا تدري من سيخلف هذا النظام لو أسقطته.
توفر هذه الحالة لإيران حرية تحرّك في الإقليم، وقد تغلق مضيق هرمز، وهو ما يخدم ترامب، إذ في هذه الحالة يرتفع الضغط الاقتصادي، وبالتالي النفسي، لحكام أوروبا، ويجعلهم يسارعون نحو أميركا بحثاً عن المنفذ، ويجعل الشركات الأميركية المتحكّمة في الطاقة تستغول وتعربد أكثر مما هي عليه، وينتشي ترامب، ويجد متعةً كبرى في إجبار الساسة الأوروبيين على الإذعان له. طبعاً، أن يخوض الانتخابات المقبلة منتشياً بإذعان الأوروبيين أفضل بكثير من دخولها مثقلاً بجثث ودماء أميركية، تلطخ يديه في حال خوض حربٍ ضد إيران، علماً أنه بهذه الوضعية يخدم أيضاً روسيا المصدرة للطاقة، من دون حاجة للمرور ببحر عُمان، وغياب بترول دول الخليج وإيران مع عربدة الشركات الأميركية، ويجعل روسيا ملاذاً لدول آسيوية كثيرة، وحتى الأوروبية، وهذه خدمة يقدمها ترامب لبوتين، وربما يجد ثمرتها في صناديق الانتخابات المقبلة. والكل يعلم أنه لا توجد قوة ترغب في إغلاق المضيق مدة طويلة، إلا أن الشعور بطول المدة، أو قصرها، مرهون بالقدرة على التحمل.
المهم عربياً تواصل نمو الوعي بضرورة الانتفاض ضد التوجه العدمي، والخروج على كل الأحزاب المساومة لقوى الاستعمار، أياً كانت مرجعيتها. المهم تحقيق استقلال القرار الوطني، فلا العلمانيون والملحدون سيدخلوننا النار، ولا الإسلاميون ضامنون لنا الجنة. إنما السياسة القيام على الشأن العام بما يصلحه، وأول أوجه الصلاح استقلال القرار الوطني.
المهم عربياً تواصل نمو الوعي بضرورة الانتفاض ضد التوجه العدمي، والخروج على كل الأحزاب المساومة لقوى الاستعمار، أياً كانت مرجعيتها. المهم تحقيق استقلال القرار الوطني، فلا العلمانيون والملحدون سيدخلوننا النار، ولا الإسلاميون ضامنون لنا الجنة. إنما السياسة القيام على الشأن العام بما يصلحه، وأول أوجه الصلاح استقلال القرار الوطني.