15 سبتمبر 2023
يحدث في الأردن الآن
أظهر استطلاع رأي في الأردن تراجع شعبية حكومة عمر الرزاز بعد مائة يوم على تشكيلها، حيث انخفضت نسبة من يعتقدون أنها ستكون أفضل من سابقتها برئاسة هاني الملقي من 81% عند التشكيل في شهر يونيو/ حزيران 2018 إلى 54% في سبتمبر/ أيلول 2018. وحسب الاستطلاع الذي أجري بين 17 - 24 سبتمبر/ أيلول على عينة ممثلة كل مناطق المملكة، ارتفعت نسبة من يعتقدون أن حكومة الرزاز نفسها حكومة الملقي من 11% إلى 34%. وقال 40% أن أداء حكومة الرزاز حتى الآن أقل من المتوقع، فيما أفاد 18% بأنه أفضل من المتوقع. وانخفضت نسبة المتفائلين بتكليف الرزاز من 64% إلى 53%، فيما ارتفعت نسبة من قالوا إنهم أصيبوا بخيبة الأمل من 22% عند التشكيل إلى 30% الآن. وفيما يتعلق بقدرة رئيس الوزراء على إدارة المرحلة، انخفضت نسبة من يعتقدون أن الرزّاز كان قادرا على إدارة المرحلة حتى الآن إلى 59% مقارنة بـ 69% توقعوا أنه سيكون قادرا عند التشكيل (انخفاض بواقع 10 نقاط).
لم تكن هذه الأرقام غريبة، فقد حاول رئيس الحكومة، عمر الرزاز، في محاضرة له في الجامعة الأردنية قبل نحو شهر، دعوة الناس إلى عدم رفع سقف التوقعات من حكومته، وقال إن الإرث الذي حمله كان كبيراً وثقيلاً، وإن أزمة الثقة بين الناس والحكومات اتسعت كثيراً. وكان استباق الرجل مبكرا لتذكير الناس بأنه لا يملك عصا سحرية لحل أزمات البلد، فكان له أن يعتمد بذكاء على شعبيته وصورته وإرثه، وهو ما ظهر لاحقاً في قضايا مختلفة، إذ حاول، بالاتكاء على ذلك كله في مواجه القضايا والتحديات اليومية لحكومته مباشرة، وبعنوان "تطبيق القانون"، داعما هذا النهج بخرق السدود المنيعة على الحكومات السابقة، إما بالتواصل الافتراضي من النشطاء، أو بفتح قنوات حوارية مع تيارات مختلفة وعليها جدل محلي، أو بالذهاب إلى صالونات سياسية محدّدة، أو محاورة معارضين أو نخب الأطراف، وكل هذا يحسب له.
حاور الرزاز الإسلاميين والتقاهم، وحاور شبابا من التيار المدني، والتقى رجال تعليم عال في صالون سياسي لوجيه، هو أمين محمود الذي شغل مناصب عديدة، ويُحسب على العمق
الأردني الموالي للحكم. كما تواصل الرزاز مع أفراد محدّدين، وتخدمه علاقات جيدة مع الوسط الإعلامي بدون منافع مسبقة، لكن الرزاز، في تواصله المُقدَر من القصر مع المواطنين والنشطاء والساسة، ذهب إلى العمق، حيث الأطراف المثقلة بالفقر والتهميش. وخلال شهر من حسن النيات للحكومة، زارت ووفود وزارية محافظات الأطراف، في شبهة حوارٍ معدّ مسبقاً من حيث قائمة الخيارات للحضور التي يتكفّل بطلبها محافظو الأطراف، لكي يقنعوا الناس بمشروع قانون الضريبة الجديد، كما التقى نائب رئيس الوزراء، رجائي المعشر مجلس النقباء، وهو الذي كان قد تعهد بإقناع نقباء العمال والمهن، لكنه لقي الرد مباشرة من رئيس هذا المجلس بملاحظاتٍ عميقةٍ ورافضةٍ القانون، لترسل الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب في إرادة ملكية جديدة تضيفه إلى جدول دورة استثنائية نيابية أفل عمرها.
معنى هذا أن مشروع القانون سينتقل إلى الدورة العادية المقبلة لمجلس النواب، وأن الشعب سيكون أمام مواقف وبطولات جديدة للنواب، ولكن ماذا عن الوضع الاقتصادي؟ وماذا عن ظرفية الجدل الدائر بشأن العجز عن إبداع حلول مالية غير جيب المواطن؟
جاءت، في هذا السياق، تغريدة الأمير حمزة بن الحسين التي بدت كأنها عاصفة كبيرة في وجه سياسات الحكومات، وليس حكومة الرزاز وحدها، فالأمير الذي شغل سابقاً موقع ولي عهد المملكة، قدمّ رأياً كأي مواطن، وهو أن الوضع الاقتصادي في سوء، وأن الحلول العامة ليست بخير وتقود إلى الهاوية.
لاحقا، تظهر ناشطة "تويترية" تستغرب التغريدة وتنتقدها، ويظهر من يدافع عن حق الأمير باعتباره مواطنا، في مشهد لا يثير أي قلق، بقدر ما يظهر أن الأردن بلد قادر على تحمل هذا الخلاف في الرأي، ولا يقبل الأمر أي تأويل آخر لرأي الأمير حمزة الذي طرحه بكل شجاعة وقناعة، وهو حالة وطنية، لكنه لا يحمل أي تأويلٍ لخلاف في العائلة المالكة.
لم يختبئ الأمير حمزة، بعد تغريدته، كما قالت التغريدة النسوية المنتقدة موقفه، بل ذهب إلى صلاة الجمعة مع جموع المواطنين في مسجد الملك حسين، ليظهر بيانٌ في اليوم نفسه يقول إن من انتقد الأمير حمزة على تغريدته لا علاقة له بمكتب الملكة رانيا العبدلله، وأنه يعبّر عن رأيه الشخصي.
في هذا الأسبوع المليء بالجدل، أعلن عن "الوصفيين الجدد"، بوصفه تيارا سياسيا أردنيا
جديدا، يشق طريقه وسط حالةٍ من الحيرة والقلق الأردني، وعبّر الناشطون الذي تبنّوا التيار أنهم يستلهمون إرث رئيس الوزراء الراحل وصفي التل (اغتيل في القاهرة في 1971)، في مواقفه الوطنية والقومية. وهذا التيار يصعد مع نمو حركة النقد لمسألة مهمة، وهي قصة تسجيل الأراضي غير المملوكة باسم الجيش العربي، فيما تطالب مجموعات وطنية بتسجيلها باسم الخزينة العامة للدولة.
لكن كل ذلك الحراك السياسي لا يُحدث انتصاراتٍ، بل يعمق التعقيد في المشهد المحلي في وجه حكومةٍ تقول الدفاعات عنها إنها تواجه خصوماً محافظين، هم أعداء الدولة المدنية، وأعداء الإصلاح، وإن الحكومة تمهد لأردن جديد يتحول اقتصاديا في بنيته من الريع إلى الإنتاج، وهي فكرة دافع عنها وبحث بشأنها رئيس الحكومة.
في ظلال هذه المواجهة غير المعلنة بين حلفاء الأرض، كما يسمّون أنفسهم، أمثال الوصفيين الجدد أو الحركة الوطنية والتي دعت إلى مؤتمر وطني أردني، يكمن حجم العقد الشاخصة في المسار الأردني الإصلاحي. ويبقى السؤال عن مقدرة حكومة الرزاز على الصمود، في وقت ليس غريبا على الأردنيين الذي اعتادوا الضيق والأزمات الاقتصادية، فالدكتور عمر الزراز قال، في محاضرته في الجامعة الأردنية، إنه ذو نفس طويل، ولا ينهزم أو ينسحب بسهولة. وأعلن عن نية تأسيس شركة أردنية قابضة، في محاولةٍ لخرق البيات الطويل لانعدام رؤية مشاريع كبرى تتحقق أردنياً؟
لم تكن هذه الأرقام غريبة، فقد حاول رئيس الحكومة، عمر الرزاز، في محاضرة له في الجامعة الأردنية قبل نحو شهر، دعوة الناس إلى عدم رفع سقف التوقعات من حكومته، وقال إن الإرث الذي حمله كان كبيراً وثقيلاً، وإن أزمة الثقة بين الناس والحكومات اتسعت كثيراً. وكان استباق الرجل مبكرا لتذكير الناس بأنه لا يملك عصا سحرية لحل أزمات البلد، فكان له أن يعتمد بذكاء على شعبيته وصورته وإرثه، وهو ما ظهر لاحقاً في قضايا مختلفة، إذ حاول، بالاتكاء على ذلك كله في مواجه القضايا والتحديات اليومية لحكومته مباشرة، وبعنوان "تطبيق القانون"، داعما هذا النهج بخرق السدود المنيعة على الحكومات السابقة، إما بالتواصل الافتراضي من النشطاء، أو بفتح قنوات حوارية مع تيارات مختلفة وعليها جدل محلي، أو بالذهاب إلى صالونات سياسية محدّدة، أو محاورة معارضين أو نخب الأطراف، وكل هذا يحسب له.
حاور الرزاز الإسلاميين والتقاهم، وحاور شبابا من التيار المدني، والتقى رجال تعليم عال في صالون سياسي لوجيه، هو أمين محمود الذي شغل مناصب عديدة، ويُحسب على العمق
معنى هذا أن مشروع القانون سينتقل إلى الدورة العادية المقبلة لمجلس النواب، وأن الشعب سيكون أمام مواقف وبطولات جديدة للنواب، ولكن ماذا عن الوضع الاقتصادي؟ وماذا عن ظرفية الجدل الدائر بشأن العجز عن إبداع حلول مالية غير جيب المواطن؟
جاءت، في هذا السياق، تغريدة الأمير حمزة بن الحسين التي بدت كأنها عاصفة كبيرة في وجه سياسات الحكومات، وليس حكومة الرزاز وحدها، فالأمير الذي شغل سابقاً موقع ولي عهد المملكة، قدمّ رأياً كأي مواطن، وهو أن الوضع الاقتصادي في سوء، وأن الحلول العامة ليست بخير وتقود إلى الهاوية.
لاحقا، تظهر ناشطة "تويترية" تستغرب التغريدة وتنتقدها، ويظهر من يدافع عن حق الأمير باعتباره مواطنا، في مشهد لا يثير أي قلق، بقدر ما يظهر أن الأردن بلد قادر على تحمل هذا الخلاف في الرأي، ولا يقبل الأمر أي تأويل آخر لرأي الأمير حمزة الذي طرحه بكل شجاعة وقناعة، وهو حالة وطنية، لكنه لا يحمل أي تأويلٍ لخلاف في العائلة المالكة.
لم يختبئ الأمير حمزة، بعد تغريدته، كما قالت التغريدة النسوية المنتقدة موقفه، بل ذهب إلى صلاة الجمعة مع جموع المواطنين في مسجد الملك حسين، ليظهر بيانٌ في اليوم نفسه يقول إن من انتقد الأمير حمزة على تغريدته لا علاقة له بمكتب الملكة رانيا العبدلله، وأنه يعبّر عن رأيه الشخصي.
في هذا الأسبوع المليء بالجدل، أعلن عن "الوصفيين الجدد"، بوصفه تيارا سياسيا أردنيا
لكن كل ذلك الحراك السياسي لا يُحدث انتصاراتٍ، بل يعمق التعقيد في المشهد المحلي في وجه حكومةٍ تقول الدفاعات عنها إنها تواجه خصوماً محافظين، هم أعداء الدولة المدنية، وأعداء الإصلاح، وإن الحكومة تمهد لأردن جديد يتحول اقتصاديا في بنيته من الريع إلى الإنتاج، وهي فكرة دافع عنها وبحث بشأنها رئيس الحكومة.
في ظلال هذه المواجهة غير المعلنة بين حلفاء الأرض، كما يسمّون أنفسهم، أمثال الوصفيين الجدد أو الحركة الوطنية والتي دعت إلى مؤتمر وطني أردني، يكمن حجم العقد الشاخصة في المسار الأردني الإصلاحي. ويبقى السؤال عن مقدرة حكومة الرزاز على الصمود، في وقت ليس غريبا على الأردنيين الذي اعتادوا الضيق والأزمات الاقتصادية، فالدكتور عمر الزراز قال، في محاضرته في الجامعة الأردنية، إنه ذو نفس طويل، ولا ينهزم أو ينسحب بسهولة. وأعلن عن نية تأسيس شركة أردنية قابضة، في محاولةٍ لخرق البيات الطويل لانعدام رؤية مشاريع كبرى تتحقق أردنياً؟