غادر وزير الأمن الإسرائيلي المستقيل، موشيه يعالون، بعد ظهر الأحد، نهائياً مبنى وزارة الأمن، مع سريان مفعول الاستقالة التي قدمها الجمعة الماضي، وذلك بعدما تبين أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يعتزم إقالته من منصبه وتعيين أفيغدور ليبرمان خلفا له، سعيا لتوسيع ائتلافه الحكومي القائم.
وجرت في وزارة الأمن الإسرائيلية في الرابعة من بعد ظهر الأحد، مراسم رسمية ودع خلالها يعالون قادة أركان الجيش الإسرائيلي، والعاملين في الوزارة. وسبق ذلك لقاء جمع بين يعالون وهيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وخدم يعالون في جيش الاحتلال الإسرائيلي 32 عاماً، تبوأ فيها مناصب رفيعة بدءا من قيادة سلاح المظليين، إلى سرية أركان الجيش وصولاً إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي.
وشارك أيضاً خلال خدمته في سرية أركان الجيش النخبوية في عدد من العمليات السرية لجيش الاحتلال، أبرزها عملية اغتيال القائد الفلسطيني، خليل الوزير في تونس، عام 1988، إذ تبين لاحقاً أن يعالون شخصياً كان من أطلق الرصاص باتجاه الوزير للتأكد من استشهاده.
ومع أن يعالون، تربى في كيبوتس كريات بيالك، وكان من خريجي الحركة العمالية، إلا أنه انضم بعدما أنهى خدمته في الجيش لحزب "الليكود"، وكان من وزرائه البارزين، كما كان المسؤول عن عدوان الجرف الصامد مع كل ما رافق العدوان من جرائم حرب، وعرف عنه خلال توليه منصب وزير الأمن، محاباته وتأييده الجارف لحركة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وبالمقابل حظي خلال الانتخابات التمهيدية لليكود، بدعم وتأييد المستوطنين له.
وعلى الرغم من هذا التأييد، فإن العلاقات بين يعالون والمستوطنين تدهورت في العام الأخير، وتحديدا بعد إصراره على تنفيذ قرار المحكمة الإسرائيلية بهدم "منزل دراينوف" في مستوطنة بيت إيل الذي تبين أنه أقيم على أراض فلسطينية بملكية خاصة.
وزاد تدهور العلاقات بشكل أكبر بعدما اتهمه المستوطنون بأنه يقف وراء تجميد البناء في المستوطنات، من جهة، وفي ضرب الروح المعنوية للجنود، من جهة ثانية، على أثر تصريحات له حذر فيها من مخاطر وتداعيات تعاظم خطر حركات اليمين المتطرفة.
كما تدهورت العلاقات بين يعالون ونتنياهو، بعد تصريحات الأول المؤيدة والمدافعة عن نائب رئيس أركان الجيش، الجنرال يئير عولان الذي أعلن عشية ذكرى "ضحايا الهولوكوست" أن ما يخيفه هو تشخيصه لتحولات خطيرة في المجتمع الإسرائيلية شبيهة بتلك التي سادت في أوروبا الغربية وتحديدا في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي.
مع ذلك، وبالرغم من مسعى الصحافة الإسرائيلية، وتحديدا المراسلين العسكريين الذين وقفوا إلى جانب يعالون، بتصويره أنه كان "الشخص البالغ في حكومتي نتنياهو، الحالية والسابقة"، إلا أن ذلك لا ينفي أنه كان أشد تطرفا وقساوة في تعامله مع الشعب الفلسطيني، سواء خلال العدوان الأخير على غزة، مع ما رافقه من جرائم حرب، أم في تشديد القبضة الأمنية على الضفة الغربية المحتلة، بحسب مراقبين.
أما في سياق الداخل الفلسطيني فقد كان العامل الأساسي في ترجمة تحريض نتنياهو على الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني والسعي إلى الإعلان عنها حركة محظورة وغير قانونية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
وسبق ذلك إعلانه عن حركتي المرابطين والمرابطات، اللتين نشطتا في التصدي لاقتحامات المستوطنين واليمين الإسرائيلي للمسجد الأقصى، بأنهما حركتان غير قانونيتين، وإصدار أوامر إدارية لمنع ناشطين وناشطات بارزات في الحركتين من دخول المسجد الأقصى المبارك.
في غضون ذلك، بدأ افيغدور ليبرمان بالاستعداد لدخول وزارة الأمن، خلفا ليعالون، وأعلن عدد من المقربين منه، أن ليبرمان خلافاً للصورة التي رسمت له، لن يخوص في صدامات مع قادة الجيش، بل سيهتم بدراسة الملفات المطروحة على جدول أعمال وزارة الأمن، وسيستمع لتوصيات قادة أركان الجيش ولن يسارع لاتخاذ قرارات بشكل فردي، من شأنها أن تؤثر على الجيش وجهاز الأمن.