جدد رئيس الحكومة التركية، بن علي يلدريم، دعوته للشعب التركي لـ"عدم ترك الميادين خالية"، لأن "تركيا تمر عبر مرحلة عصيبة، والتنظيمات الإرهابية تستغل الأوضاع عقب محاولة الانقلاب"، مشدداً على أن الحكومة والسلطات "تستمد القوة من الشعب وليس من الدبابات".
وبدا يلدريم، خلال خطابه أمام مجلس النواب، الذي يناقش مسألة تنفيذ عقوبة الإعدام بحق الانقلابيين، اليوم الثلاثاء، حريصاً على توجيه الرسائل إلى "الجبهة الداخلية" لمزيد من "التماسك"، مشيداً برد فعل الشعب منذ اللحظات الأولى لبداية محاولة الانقلاب الفاشلة، التي جرت، ليل الجمعة السبت، كما نوّه بالأحزاب والمؤسسات المدنية، التي قال إنها "وقفت وقفة واحدة من أجل الشعب".
وتحدث عن أهمية اجتماع يعقد، غداً الأربعاء، يضم رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، مع مجلسي الأمن القومي ورئاسة الوزراء، لـ"تقييم المرحلة"، مؤكداً أنه ستتخذ "قرارات هامة تمنع مثل هذه الأحداث في المستقبل، ولو بنسبة واحد في المائة"، وذكر أنه "علينا أن ننتهي من هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن (..) وسنعمل في النهار من أجل الحفاظ على الديمقراطية، وسنبقى ليلاً في الميادين".
وفي إشارة لافتة، نوّه بأداء رجال الشرطة ودورهم في إحباط الانقلاب، بحيث قال: "أقبل كل شرطي من بين عينيه، فعناصر الشرطة هم الأبطال الحقيقيون".
يذكر أنه منذ الساعات الأولى لمحاولة الانقلاب، وبعد دعوة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للأتراك للتظاهر، عملت قوات الأمن على حماية المتظاهرين من اعتداءات الجنود الانقلابيين، بل وتعرضت بعض مقرات الشرطة للهجوم من قبل عسكريين متمردين.
وقال رئيس الحكومة التركي: "نستمد القوة من الشعب وليس من الدبابات، وكل فرد من الشعب التركي "مقدس" لدينا"، مشدداً على أن "الانتصار في 15 يوليو/تموز على محاولة الانقلاب كان عظيماً، وكان انتصاراً للديمقرطية".
وأوضح المتحدث ذاته أن "الشعب التركي يواصل مسيرته المقدسة منذ قرون، لكنه تعرض للخيانة عن طريق الدسائس والخدع"، مشدداً على أن "كل الانقلابات مرفوضة، وهي خيانة للإرادة الشعبية، وتركيا شهدت كثيراً من الانقلابات، لكنها المرة الأولى التي يُستهدف فيها مجلس الشعب".
وشدد المسؤول التركي على أن "الانقلابيين لم يحسبوا حساباً لشجاعة النواب في البرلمان"، الذين اعتصموا في مقر البرلمان احتجاجاً على محاولة الانقلاب، مبرزاً أن "استهداف المدنيين كان أمراً غير مسبوق".
واعترف أن التنظيم المخطط للانقلاب ( يقصد جماعة الداعية فتح الله غولن) استطاع التغلغل داخل المؤسسة العسكرية، منذ زمن، لكنه حرص على التمييز بين الانقلابيين ومؤسسة الجيش، بحيث قال: "دعونا نفرق بين الجيش التركي "الأصيل" وبين "العصابات" المتخفية بلباسه"، مشيراً إلى أن "كثيرين عارضوا عملية التطهير بعد محاولة الانقلاب في ديسمبر/كانون الأول 2013". لكنه عاد وتعهّد بـ"تطهير المؤسسات من "الخونة"، فتركيا أمام عهد جديد".
وأشاد بموقف الاتحاد الأوربي، موضحاً أن بلاده تثمن موقفه، "لكننا لا نقبل كلمة "لكن"، وعليكم تفهم إجراءاتنا لحماية الدولة"، مبرزاً أن "أوامر الشعب ستناقش ( يقصد المطالب بالعودة لاعتماد عقوبة الإعدام)، لكن الموقوفين سيحظون بمحاكمة عادلة وفق ما تقوله المؤسسات الدستورية"، قبل أن يؤكد أن توجه تركيا في المرحلة المقبلة هو "تقوية علاقاتنا مع أصدقائنا، ولن نكسب أعداء جدداً في الداخل أو الخارج".
وكان يلدريم قد صرح، في مؤتمر صحافي قصير قبل خطابه بالبرلمان، صباح اليوم، أن سلطات بلاده لا تسعى لـ"الانتقام"، لكن "حكم القانون سينفذ على مخطط الانقلاب"، مشدداً على أنه "سيتم الرد بقوة على أي أنشطة إجرامية أخرى عقب محاولة الانقلاب"، وأنه "يجب أن نمنع خطر استغلال بعضهم الأوضاع في تركيا بعد الانقلاب الفاشل".