اعتادَ اليمنيون الأزمات والحروب وتكيّفوا معها، وإن كانت الظروف الحالية مختلفة بسبب انعدام جميع الخدمات الأساسية في وقت واحد. مع ذلك، لم يكن من خيار أمامهم إلا التعايش مع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وانعدام المياه، والوقود، وغيرها. وصاروا يبحثون عن وسائل بديلة لتعويض هذا النقص في الخدمات.
ولجأت الأسر اليمنية الفقيرة إلى استخدام بعض الأساليب التقليدية لتعويض انقطاع الكهرباء. وعمدت ربّات البيوت إلى البحث عن بدائل لحفظ اللحوم والخضار في ظل عدم القدرة على تشغيل الثلاجات. في السياق، تقول فاتن العبسي، وهي ربة منزل، إنها "تعمل على طهي اللحوم حتى تخلو من المياه، وترش عليها كثيراً من الملح، ما يجعلها تبقى صالحة للاستخدام لأكثر من أسبوع من دون الحاجة إلى ثلاجة"، مشيرةً إلى أن "هذا الأسلوب ما زال يستخدم في القرى النائية التي لا يوجد فيها كهرباء". وتضيف لـ "العربي الجديد" أن "المناطق المعتدلة مثل صنعاء وذمار عادة ما تعد أفضل لحفظ اللحوم لوقت أطول من دون الحاجة إلى ثلاجات".
أما في المناطق المحيطة بصنعاء التي تُزرع فيها نبتة الطماطم، فيعمد الأهالي إلى تجفيفها ووضعها على أسطح المنازل لبعض الوقت، لاستخدامها في وقت لاحق. فيما تلجأ أسر أخرى إلى تخليل أنواع من الخضار لتجنّب تلفها. أيضاً، يعمد الناس إلى تبريد المياه والعصائر عن طريق تغطية العلب التي تحفظها بالشوال وبلّها بالمياه. وتوضح العبسي أن بعض الأسر تلجأ إلى استخدام أي قماش مصنوع من القطن. وهناك من عاد إلى استخدام أداة "الهاون" أو "المسحقة" لطحن البهارات.
أما فاطمة الحُمري القاطنة في شقة في الطابق الرابع، فوجدت نفسها مضطرة إلى النزول إلى الطابق الأرضي يومياً لتعبئة عدد من الأوعية البلاستيكية بالمياه وحملها، لأن مضخات المياه لا تعمل. تقول لـ "العربي الجديد": "يومياً نعبئ ما تيسر من أوعية لتكفينا ليوم واحد"، مشيرة إلى أن "هذا حالنا قبل أكثر من 17 يوماً". وتشير إلى أن "الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي دفعها إلى غسل الملابس بالطريقة التقليدية، أي بيديها". وتضيف أنها "لم تفعل أمراً مماثلاً من قبل، إذ إنها كانت تعتمد على الغسالة الكهربائية". تعترف أن الأمر ليس سهلاً لكن ليس في يدها حيلة.
إلى ذلك، وبهدف توفير الضوء في ساعات الليل، عمدت الأسر الفقيرة في صنعاء والأرياف إلى استخدام علب صغيرة تعمل بمادة الكيروسين، وتسمى محلياً بـ "الجازة". فتضع العائلات الكيروسين في "الجازة" وتشعلها طوال الليل. وتوضح الحاجة علوية علي لـ "العربي الجديد" أنها "غير قادرة على استخدام الشموع بشكل مستمر بسبب ارتفاع كلفتها المادية، ما جعلها تلجأ إلى علبة الجازة". كذلك، يستخدم كثير من الأسر وسائل إنارة تشحن بواسطة الطاقة الشمسية.
من جهة أخرى، يبدو أن هناك هموماً أخرى للرجال. يرغب بعضهم في تعويض ما قد يفوتهم من أخبار حول اليمن والعالم عن طريق القنوات الفضائية. فما كان منهم إلا اللجوء إلى أجهزة الراديو التي تعمل بالبطاريات. في السياق، يقول عبد الغني السلامي إن "الكهرباء مقطوعة منذ أكثر من أسبوعين. مرت أيام لم نكن نسمع فيها أي أخبار حول ما يجري في اليمن. لهذا، عدنا لاستخدام أجهزة الراديو التي كنا قد تخلينا عنها منذ سنوات، بعدما صرنا نعتمد بشكل كامل على الستالايت وغيره"، مشيراً إلى أنه يحرص على الاستماع إلى نشرات الأخبار عبر الإذاعات الدولية كونها أكثر مصداقية.
بطاريات لـ"واتساب" و"فيسبوك"
عادةً ما يشتري اليمنيون البطاريات لشحن الهواتف النقالة لفترات طويلة، ما يمكّنهم من متابعة الأخبار عبر تطبيق "واتساب" و"فيسبوك". وتؤكّد الباحثة الاجتماعية بلقيس محمد أن اليمنيين تعودوا على التعايش مع الأزمات والأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة، والتي تنعكس سلباً عليهم، لافتةً إلى أن الأسر الريفية أكثر صبراً وتعايشاً مع الظروف الطارئة.