16 نوفمبر 2024
ينتهي "داعش"... الحرب لا
لم يكن الانفصال "الودّي" بين تنظيم القاعدة وجبهة النصرة (جبهة فتح الشام بمسماها الجديد)، يوم الخميس، مجرد خطوةٍ بين تنظيمٍ عابر للحدود الجغرافية وفصيلٍ يؤيده في منطقة إقليمية محدّدة، بل يُكرّس الانفصال حتمية استمرار القتال في سورية، على الرغم من ارتفاع منسوب التفاؤل بقرب الحلّ السياسي، بفعل الاتفاق الأميركي ـ الروسي.
لا يُمكن الحديث عن مرحلةٍ سلميةٍ عتيدة، في الوقت الذي تواكب فيه تغييرات "جبهة فتح الشام"، المسار الميداني السوري. في الشمال، استكمل الأميركيون بناء قاعدةٍ عسكريةٍ في عين العرب، وفي الشمال الشرقي، يستخدمون مطار الرميلان لأهدافهم العسكرية. أنهى الفرنسيون بناء قاعدتهم المجاورة للأميركيين في عين العرب أيضاً. يعمل الألمان في القاعدة الفرنسية، وقد يكونون مستعدين لبناء قاعدةٍ خاصة لهم. في منطقة القاع (شرقي محافظة البقاع) اللبنانية الحدودية مع سورية، يواصل البريطانيون أعمالهم لبناء أبراج مراقبةٍ وإنذار مبكر، لتسليمها للجيش اللبناني.
بالتالي، إذا كانت تلك القواعد مخصّصةً لضرب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وباقي التنظيمات المصنّفة إرهابية، وفق اللوائح الأميركية والأوروبية، فإنه، ووفقاً للمسار العسكري، بدأ التنظيم يتراجع، ولا حاجة لاستخدام مزيدٍ من "القوة" ضده. ذلك لأنه لا يكاد يمرّ أسبوعٌ من دون خروج مسؤول أميركي عسكري، للتأكيد على أن "داعش يتراجع في سورية والعراق". كما تُوحي الاستعدادات المتواصلة لتحرير الموصل العراقية منه، أن "وجود التنظيم الجغرافي في الشمال العراقي مسألة وقت ليس إلا".
إذاً، لمَ تكثيف الوجود العسكري الغربي، المفترض كان أن يحصل في أوج قوة "داعش"، لا في ضعفه، كما تُظهر التقارير الأميركية، ما لم يكن هذا الوجود تحديداً، هو لحماية مناطق نفوذ في معارك مستقبلية؟ وما هي هذه المناطق؟ لا حاجة للتذكير بأن انتهاء "داعش"، وغيره من التنظيمات المماثلة، لا يعني انتهاء المعارك في سورية، كونها لم تنطلق أساساً على قاعدة "النظام ضد الإرهابيين"، بل بثورة شعبية، لا إرهابية. كما أنه لا حاجة للتذكير بأن تنامي قوة "داعش" في العراق نابعة من انضمام آلاف من العسكريين العراقيين السابقين إليه، قبل بدء زحف المسلّحين الأجانب، لا لكونه "محبوباً" لدى جماهير الكوكب.
عليه، لا يُمكن الاعتقاد بأن القضاء على "داعش" يعني القضاء على كل عراقيل الحلّ السياسي في سورية أو في العراق، بل على العكس، فإن سقوط التنظيم، رسمياً، سيُشرّع الأبواب أمام حروبٍ أهلية متفرقة، في بلاد الرافدين وبلاد الشام. علّمنا التاريخ أن جماعات الخندق الواحد تتصادم، فور الاقتناع بأن خصمها في المتراس المقابل، بات أضعف من أن يواجهها. لنا في الحروب الأهلية الإيرلندية والأميركية والروسية وغيرها نماذج عن ذلك. بالتالي، تبدو الساحة الكردية خصبةً لصراعاتٍ داخلية، كذلك ساحات جنوب العراق، ما يعني أن الفراغ الأمني الذي سيستمر بفعل الاقتتال الداخلي سيتيح للغربيين تركيز وجودهم وحمايته في المشرق العربي.
تبدو المنطقة كأنها أفغانستان أخرى. لكن، مع وجود روسي عسكري أساسي فيها، ويُمكن أن تكون قوة تركيا أقرب إلى قوة باكستان في أفغانستان، على الرغم من تصدّر الداخل قائمة أولوياتها، بعد المحاولة الانقلابية في 15 يوليو/ تموز الحالي. ولا يُمكن الحديث عن مثل تلك الـ"أفغانستان" من دون المرور بإيران التي تبدو صامتةً أمام تكاثر القواعد العسكرية في سورية. ربما تستذكر طهران الجار العراقي الذي عجّ بقواعد عسكريةٍ أجنبية، إذ طالما لا تمسّ تلك القواعد مصالحها، فإن كل شيء سيكون على ما يرام.
أما الأساس الأكبر، هنا، فهو أن المسار السوري تبدّل. لم يعد العالم يتحدّث عن "ثورة سورية"، بل عن "حرب أهلية سورية". كما أن حصار المدنيين في مناطق المعارضة في حلب، والسكوت عنه إعلامياً في الغرب، يدلّ على أن الغرب "تجاوز" المرحلة التي نعيشها، إلى مرحلة أخرى يترقّبها، لكنها مجهولة بالنسبة لسكان الشرق.
لا يُمكن الحديث عن مرحلةٍ سلميةٍ عتيدة، في الوقت الذي تواكب فيه تغييرات "جبهة فتح الشام"، المسار الميداني السوري. في الشمال، استكمل الأميركيون بناء قاعدةٍ عسكريةٍ في عين العرب، وفي الشمال الشرقي، يستخدمون مطار الرميلان لأهدافهم العسكرية. أنهى الفرنسيون بناء قاعدتهم المجاورة للأميركيين في عين العرب أيضاً. يعمل الألمان في القاعدة الفرنسية، وقد يكونون مستعدين لبناء قاعدةٍ خاصة لهم. في منطقة القاع (شرقي محافظة البقاع) اللبنانية الحدودية مع سورية، يواصل البريطانيون أعمالهم لبناء أبراج مراقبةٍ وإنذار مبكر، لتسليمها للجيش اللبناني.
بالتالي، إذا كانت تلك القواعد مخصّصةً لضرب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وباقي التنظيمات المصنّفة إرهابية، وفق اللوائح الأميركية والأوروبية، فإنه، ووفقاً للمسار العسكري، بدأ التنظيم يتراجع، ولا حاجة لاستخدام مزيدٍ من "القوة" ضده. ذلك لأنه لا يكاد يمرّ أسبوعٌ من دون خروج مسؤول أميركي عسكري، للتأكيد على أن "داعش يتراجع في سورية والعراق". كما تُوحي الاستعدادات المتواصلة لتحرير الموصل العراقية منه، أن "وجود التنظيم الجغرافي في الشمال العراقي مسألة وقت ليس إلا".
إذاً، لمَ تكثيف الوجود العسكري الغربي، المفترض كان أن يحصل في أوج قوة "داعش"، لا في ضعفه، كما تُظهر التقارير الأميركية، ما لم يكن هذا الوجود تحديداً، هو لحماية مناطق نفوذ في معارك مستقبلية؟ وما هي هذه المناطق؟ لا حاجة للتذكير بأن انتهاء "داعش"، وغيره من التنظيمات المماثلة، لا يعني انتهاء المعارك في سورية، كونها لم تنطلق أساساً على قاعدة "النظام ضد الإرهابيين"، بل بثورة شعبية، لا إرهابية. كما أنه لا حاجة للتذكير بأن تنامي قوة "داعش" في العراق نابعة من انضمام آلاف من العسكريين العراقيين السابقين إليه، قبل بدء زحف المسلّحين الأجانب، لا لكونه "محبوباً" لدى جماهير الكوكب.
عليه، لا يُمكن الاعتقاد بأن القضاء على "داعش" يعني القضاء على كل عراقيل الحلّ السياسي في سورية أو في العراق، بل على العكس، فإن سقوط التنظيم، رسمياً، سيُشرّع الأبواب أمام حروبٍ أهلية متفرقة، في بلاد الرافدين وبلاد الشام. علّمنا التاريخ أن جماعات الخندق الواحد تتصادم، فور الاقتناع بأن خصمها في المتراس المقابل، بات أضعف من أن يواجهها. لنا في الحروب الأهلية الإيرلندية والأميركية والروسية وغيرها نماذج عن ذلك. بالتالي، تبدو الساحة الكردية خصبةً لصراعاتٍ داخلية، كذلك ساحات جنوب العراق، ما يعني أن الفراغ الأمني الذي سيستمر بفعل الاقتتال الداخلي سيتيح للغربيين تركيز وجودهم وحمايته في المشرق العربي.
تبدو المنطقة كأنها أفغانستان أخرى. لكن، مع وجود روسي عسكري أساسي فيها، ويُمكن أن تكون قوة تركيا أقرب إلى قوة باكستان في أفغانستان، على الرغم من تصدّر الداخل قائمة أولوياتها، بعد المحاولة الانقلابية في 15 يوليو/ تموز الحالي. ولا يُمكن الحديث عن مثل تلك الـ"أفغانستان" من دون المرور بإيران التي تبدو صامتةً أمام تكاثر القواعد العسكرية في سورية. ربما تستذكر طهران الجار العراقي الذي عجّ بقواعد عسكريةٍ أجنبية، إذ طالما لا تمسّ تلك القواعد مصالحها، فإن كل شيء سيكون على ما يرام.
أما الأساس الأكبر، هنا، فهو أن المسار السوري تبدّل. لم يعد العالم يتحدّث عن "ثورة سورية"، بل عن "حرب أهلية سورية". كما أن حصار المدنيين في مناطق المعارضة في حلب، والسكوت عنه إعلامياً في الغرب، يدلّ على أن الغرب "تجاوز" المرحلة التي نعيشها، إلى مرحلة أخرى يترقّبها، لكنها مجهولة بالنسبة لسكان الشرق.