البحث عن المفقودين من جراء انفجار مرفأ بيروت مستمرٌّ، والبحث عن حياة في قلوب العائلات التي خسرت جسدياً ومادياً ومعنوياً لن ينتهي، هي التي ترى قصّة وجعها في كلّ زاويةٍ من بيتٍ مدمّر أو صورة معلّقة على حائطٍ لضحيةٍ تركت ابتسامتها وغادرت من دون سابق إنذار، من جراء مأساة حلّت على اللبنانيين في الرابع من أغسطس/آب الجاري كالصاعقة.
وقال المدير الإقليمي لـ"يونيسف" في منطقة الشرق الأوسط تيد شيبان لـ"العربي الجديد"، خلال جولة تفقدية لمرفأ بيروت ومستشفى الكرنتينا ومار مخايل والأماكن التي طاولها انفجار المرفأ أمس الاثنين، إنّ أكثر من مائة ألف طفلٍ تضرّروا بشكل مباشر من جراء الانفجار الذي يعتبر من أكبر الانفجارات في تاريخ الشرق الأوسط، وغالبيتهم يعيشون حالة من الضيق والصدمة ويمرّون بوضع نفسي صعب، إضافة إلى سقوط أكثر من ألف طفل جريح، ومقتل 3 على الأقلّ.
ولفت شيبان، إلى أنّ منظمة "يونيسف" تقف إلى جانب لبنان والمواطنين الذين تضرّروا من جراء الانفجار، وخصوصاً على الصعيد الطبي من خلال تأمين المعدات المطلوبة واللقاحات والخدمات الإنسانية والاجتماعية خصوصاً في ظلّ ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا بشكل كبير، ومن الناحية التعليمية، ولا سيما أن حوالي 120 مدرسة عامة وخاصة تعرّضت لأضرار جسيمة.
وقد تعرّضت ثلاثة مستشفيات على الأقل لأضرار بالغة أو للدمار. كما أن نصف المنشآت الطبية، من أصل 55 منشأة طبية في المنطقة، غير صالحة للعمل. وأصيب حوالي 40 في المائة من المنشآت الطبية في المنطقة بأضرار متوسطة أو بالغة، وهي بحاجة إلى إعادة التأهيل. وفق بيان "يونيسف".
ويشير شيبان إلى أن الانفجار فرض تداعيات خطيرة وكبيرة على المجتمع اللبناني وليس على المباني والممتلكات فحسب، علماً أنّ المطلوب 4 ملايين ضرورية للمرافق الصحية والتعليمية واحتياجات "يونيسف" لدعم الأطفال وعائلاتهم في الصحة النفسية والنطاق التعليمي والمعنوي وحتى في المياه يصل إلى 46 مليون دولار، وسنكون إلى جانب الأطفال والعائلات اليوم وفي المستقبل.
ونبه إلى أن "يونيسف" تعمل مع السلطات اللبنانية والمنظمات غير الحكومية لتقدير الاحتياجات النفسية للأطفال والقصّر، وهنا دور الأطباء والمعالجين النفسيين الذين وصلنا منهم تقارير عن أوضاع نفسية يمرّ بها الأطفال تتطلّب أيضاً مواكبة من الأسرة الصغيرة قبل الأسر الكبيرة أي المنظمات المعنية.
في السياق، أطلقت الأمم المتحدة نداءً إنسانياً يهدف إلى جمع ما قيمته 565 مليون دولار لمساعدة لبنان على الانتقال من الإغاثة الإنسانية الفورية المنقذة للحياة إلى التعافي وإعادة الأعمال، وفي نهاية المطاف نحو الانتعاش الاقتصادي على المدى الطويل.
وسيمكّن النداء الشركاء في المجال الإنساني من مساعدة المحتاجين عبر الأمن الغذائي من خلال التوصيل الفوري للوجبات الساخنة وحصص الإعاشة الغذائية وتوصيلها لتحقيق الاستقرار في إمدادات الحبوب الوطنية. وصحياً، من خلال إعادة تأهيل المرافق الصحية المتضرّرة وتوفير مجموعات علاج الإصابات والأدوية الأساسية.
أما على صعيد المأوى، فمن خلال توفير النقود للعائلات التي تضرّرت منازلها وتمويل إصلاح المباني والمرافق التي تضرّرت من جراء انفجار الرابع من أغسطس، وأيضاً دعم نظافة المياه والصرف الصحي.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن أكثر من سبعين ألف عامل يُعتقد أنهم باتوا عاطلين عن العمل من جراء انفجار مرفأ بيروت الأمر الذي له تداعيات وانعكاسات مباشرة على عدد من الأسر، بالإضافة إلى 220 ألف عامل فقدوا وظائفهم نتيجة الأزمة المالية التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي من دون أن يشمل العدد العاطلين عن العمل بسبب فيروس كورونا.