"هربنا كما نحن، حفاة الأقدام"... تروي شيرين عكيلة كيف أخلوا منزلهم بعدما أعطاهم الجيش الإسرائيلي مهلة عشر دقائق قبل قصفه، خلال عدوانه الأخير على غزة.
لم تظن الجدة شيرين (57 عاماً) أنها ستشهد يوماً تدمير منزلها. هذا المنزل الذي هو بمثابة تاريخ للعائلة. فقد تربى فيه أولادها وأحفادها من بعدهم، ويعيش فيه اليوم أربعون فرداً في أربع طبقات.
في ذلك اليوم، عند الساعة الثانية عشر ظهراً، رنّ الهاتف. فأجابت إحدى كنائنها. قيل لها: "هنا موسى من قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي. عليكم إخلاء المنزل خلال عشر دقائق لنقصف". فركض الجميع إلى الخارج للنجاة بأنفسهم وراحوا يحذّرون الجيران. وتروي شيرين "عندما راحت تصرخ كنّتي، لم أفهم شيئاً مما تقوله وبدأت بإخراج الأطفال. وعلى الرغم من حركتي البطيئة، إلا أنني أسرعت في الخروج وقد تمكّنت من إحضار هويتي.. فقط". تضيف "رحت أودّع ذكرياتي كلها وأنا أشاهد البناء يتحول ركاماً".
من جهتها، كانت عائلة طارق دحلان قد استقبلت أقارب لها من شمال القطاع بعد أسبوعَين من بدء العدوان الإسرائيلي. وكأنه قدّر لهؤلاء الأخيرين الذي سبق وهدّد منزلهم، أن يختبروا الأمر نفسه مرّة أخرى. وعصر أحد أيام شهر رمضان، قبل موعد الإفطار، تلقوا اتصالاً هاتفياً يمهلهم "عشر دقائق" قبل قصف المنزل. فتركوا البيت على عجل.
وفي حين كانت عائلته وضيوفه يحاولون النجاة بأنفسهم، كان طارق دحلان (52 عاماً) في طريقه إلى البيت. أراد الدخول، لكن كثيرين منعوه. وبقي في الشارع يشاهد الطائرات الحربيّة تدمّر ما بناه خلال سنين.
ويخبر دحلان: "صدمت عندما شاهدت أبنائي وبناتي في الشارع وهم يدعون الجميع إلى الهرب. حاولت الدخول لأحضر مستندات يصعب الحصول على بديل عنها". يضيف أنه "من ضمنها مستندات ثبوتية لأملاك والدي في بلدتنا حمامة، تعود إلى عام 1948". وكما عائلة دحلان، كذلك كانت عائلة الغول تحضّر لآخر وجبة إفطار في منزلها، عندما وردها اتصال من ضابط إسرائيلي يأمرها بالإخلاء الفوري. لكن الأمر كان أكثر تعقيداً من عائلة دحلان. وراح مصطفى الغول (40 عاماً) يناشد جيرانه لمساعدته في إخراج والدَيه المسنَّين وولدَيه المعوّقَين (يعانيان من إعاقة حركيّة وعقليّة) وبناته الخمس. ويقول الغول "حمدت ربي ألف مرة، لأنني تمكّنت من إخراج أمي وأبي وأولادي ولم نصب بأي أذى". يضيف "لولا الجيران في الحارة، لما كنا استطعنا أن نهرب في أقل من عشر دقائق وكنا ذهبنا ضحيّة العدوان".
من جهتها، تركت عائلة أبو حمرة منزلها ومخازنها وهربت بعيداً وقد تركت كل شيء وراءها، تنفيذاً لأوامر الضابط الإسرائيلي الذي اتصل بها، وهدّدها طالباً منها إخلاء المنزل.
وقد أثّرت الصدمة على الوالد أبو مجدي الذي راح يشاهد أملاكه وهي تدمّر أمام عينَيه. كذلك الأمر بالنسبة إلى أبنائه الصغار الذين يعالجون اليوم للخروج من صدمتهم النفسيّة تلك.
ويقول أبو مجدي: "لم نتوقّع في يوم أن يضرب منزلنا. فنحن لا ننتمي إلى أي حزب سياسي. نحن نعمل بالتجارة، وهذا أمر معروف".
لعائلة أبو النور، حكاية مختلفة. هي تسكن في برج الظافر الذي قُصف بصواريخ عدّة دمرته بالكامل. للوهلة الأولى، عندما طلب منهم إخلاء البرج، ظنوا أن القصف سيطال شقّة أو اثنتَين، كما يحصل عادة في الأبراج الأخرى. غير أن هذه المرّة كانت غير كل المرات. فقد دمّر البرج وتحوّل كل شيء في شقتهم رماداً.
ويقول جميل أبو النور "خلال إبلاغنا بتهديد البرج تركت وزوجتي كل ما نملك من مال وذهب ومستندات أملاك في المنزل، على أن نعود لاحقاً. لكن ما إن تدمّر البرج أمامي حتى فقدت أعصابي. أما زوجتي فوقعت على الأرض بجانبي مغمى عليها".
لم تظن الجدة شيرين (57 عاماً) أنها ستشهد يوماً تدمير منزلها. هذا المنزل الذي هو بمثابة تاريخ للعائلة. فقد تربى فيه أولادها وأحفادها من بعدهم، ويعيش فيه اليوم أربعون فرداً في أربع طبقات.
في ذلك اليوم، عند الساعة الثانية عشر ظهراً، رنّ الهاتف. فأجابت إحدى كنائنها. قيل لها: "هنا موسى من قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي. عليكم إخلاء المنزل خلال عشر دقائق لنقصف". فركض الجميع إلى الخارج للنجاة بأنفسهم وراحوا يحذّرون الجيران. وتروي شيرين "عندما راحت تصرخ كنّتي، لم أفهم شيئاً مما تقوله وبدأت بإخراج الأطفال. وعلى الرغم من حركتي البطيئة، إلا أنني أسرعت في الخروج وقد تمكّنت من إحضار هويتي.. فقط". تضيف "رحت أودّع ذكرياتي كلها وأنا أشاهد البناء يتحول ركاماً".
من جهتها، كانت عائلة طارق دحلان قد استقبلت أقارب لها من شمال القطاع بعد أسبوعَين من بدء العدوان الإسرائيلي. وكأنه قدّر لهؤلاء الأخيرين الذي سبق وهدّد منزلهم، أن يختبروا الأمر نفسه مرّة أخرى. وعصر أحد أيام شهر رمضان، قبل موعد الإفطار، تلقوا اتصالاً هاتفياً يمهلهم "عشر دقائق" قبل قصف المنزل. فتركوا البيت على عجل.
وفي حين كانت عائلته وضيوفه يحاولون النجاة بأنفسهم، كان طارق دحلان (52 عاماً) في طريقه إلى البيت. أراد الدخول، لكن كثيرين منعوه. وبقي في الشارع يشاهد الطائرات الحربيّة تدمّر ما بناه خلال سنين.
ويخبر دحلان: "صدمت عندما شاهدت أبنائي وبناتي في الشارع وهم يدعون الجميع إلى الهرب. حاولت الدخول لأحضر مستندات يصعب الحصول على بديل عنها". يضيف أنه "من ضمنها مستندات ثبوتية لأملاك والدي في بلدتنا حمامة، تعود إلى عام 1948". وكما عائلة دحلان، كذلك كانت عائلة الغول تحضّر لآخر وجبة إفطار في منزلها، عندما وردها اتصال من ضابط إسرائيلي يأمرها بالإخلاء الفوري. لكن الأمر كان أكثر تعقيداً من عائلة دحلان. وراح مصطفى الغول (40 عاماً) يناشد جيرانه لمساعدته في إخراج والدَيه المسنَّين وولدَيه المعوّقَين (يعانيان من إعاقة حركيّة وعقليّة) وبناته الخمس. ويقول الغول "حمدت ربي ألف مرة، لأنني تمكّنت من إخراج أمي وأبي وأولادي ولم نصب بأي أذى". يضيف "لولا الجيران في الحارة، لما كنا استطعنا أن نهرب في أقل من عشر دقائق وكنا ذهبنا ضحيّة العدوان".
من جهتها، تركت عائلة أبو حمرة منزلها ومخازنها وهربت بعيداً وقد تركت كل شيء وراءها، تنفيذاً لأوامر الضابط الإسرائيلي الذي اتصل بها، وهدّدها طالباً منها إخلاء المنزل.
وقد أثّرت الصدمة على الوالد أبو مجدي الذي راح يشاهد أملاكه وهي تدمّر أمام عينَيه. كذلك الأمر بالنسبة إلى أبنائه الصغار الذين يعالجون اليوم للخروج من صدمتهم النفسيّة تلك.
ويقول أبو مجدي: "لم نتوقّع في يوم أن يضرب منزلنا. فنحن لا ننتمي إلى أي حزب سياسي. نحن نعمل بالتجارة، وهذا أمر معروف".
لعائلة أبو النور، حكاية مختلفة. هي تسكن في برج الظافر الذي قُصف بصواريخ عدّة دمرته بالكامل. للوهلة الأولى، عندما طلب منهم إخلاء البرج، ظنوا أن القصف سيطال شقّة أو اثنتَين، كما يحصل عادة في الأبراج الأخرى. غير أن هذه المرّة كانت غير كل المرات. فقد دمّر البرج وتحوّل كل شيء في شقتهم رماداً.
ويقول جميل أبو النور "خلال إبلاغنا بتهديد البرج تركت وزوجتي كل ما نملك من مال وذهب ومستندات أملاك في المنزل، على أن نعود لاحقاً. لكن ما إن تدمّر البرج أمامي حتى فقدت أعصابي. أما زوجتي فوقعت على الأرض بجانبي مغمى عليها".
"حفاظاً على حياتكم"
خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزّة، عمد الاحتلال إلى إنذار الفلسطينيّين من سكان الأحياء المستهدفة بضرورة إخلاء منازلهم في مهل زمنيّة محدّدة، "حفاظاً على حياتكم"، وذلك من خلال تحذيرات بثّتها وسائل الإعلام أو مناشير ألقيت على البلدات أو اتصالات هاتفيّة مسجّلة. وقد تفاوتت مدّة تلك المهل ما بين ساعات وصلت إلى 48 ساعة، ودقائق كانت دون العشر في بعض الأحيان.
خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزّة، عمد الاحتلال إلى إنذار الفلسطينيّين من سكان الأحياء المستهدفة بضرورة إخلاء منازلهم في مهل زمنيّة محدّدة، "حفاظاً على حياتكم"، وذلك من خلال تحذيرات بثّتها وسائل الإعلام أو مناشير ألقيت على البلدات أو اتصالات هاتفيّة مسجّلة. وقد تفاوتت مدّة تلك المهل ما بين ساعات وصلت إلى 48 ساعة، ودقائق كانت دون العشر في بعض الأحيان.