لم يعد بوسع السيدة جواهر حامد، من بلدة سواد شرقي رام الله وسط الضفة الغربية، إلا البحث عن مصدر دخل آخر لتعيل أبناءها الأيتام الستة، الذين توفي والدهم قبل سبع سنوات، بعد قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي مطلع الشهر الجاري، تجميد الحسابات البنكية لمؤسسة الإغاثة الإنسانية الفلسطينية، والتي تخصص غالبية مشروعاتها لرعاية الأيتام في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقالت جواهر لـ"العربي الجديد"، على هامش اعتصام احتجاجي شاركت فيه عشرات النساء الفلسطينيات الأرامل وأطفالهن، أمام مكتب فرع مؤسسة الإغاثة بمدينة رام الله، ضمن سلسلة فعاليات احتجاجية على قرار الاحتلال، إن "هذا القرار الظالم تركنا رهينة البحث عن دخل وراتب لتغطية مصاريف أبنائنا، بعدما حرمنا من كفالتهم الشهر الماضي وهذا الشهر أيضًا، ولكننا لم نجد، فالمؤسسات الفلسطينية هنا لا توفر لنا دخلاً شهريًا كما مؤسسة الإغاثة".
ومنذ وفاة زوجها قبل سبع سنوات، توفر مؤسسة الإغاثة للسيدة جواهر كفالة شهرية لكل طفل من أبنائها الستة، بمبلغ ما بين 200 إلى 250 دولارا، علاوة على مساعدات نقدية في الأعياد وعينية في مناسبات أخرى كالأضاحي.
ذات الشيء تشعر به السيدة وهيبة حجيجي من قرية قراوة بني زيد شمالي رام الله، والتي توفي زوجها قبل تسع سنوات، وتعيل ثلاثة أيتام أكبرهم يبلغ من العمر 16 عامًا، وتقول لـ"العربي الجديد" إن "الإغاثة الإنسانية كانت توفر لنا دخلاً شهريًا يسد عوزنا ولو بالقليل، لكنه منتظم بشكل شهري، ولا يوجد مؤسسات أخرى تعمل بنفس طريقتهم".
وتناشد وهيبة دول العالم الضغط على إسرائيل لإيقاف هذا القرار الظالم، الذي يستهدف شأنًا إنسانيًا خالصًا لا علاقة له بالسياسية، وتقول "دعوا الأيتام يبلوا ريقهم"، في إشارة منها إلى سد احتياجات الأيتام.
وتقدم مؤسسة الإغاثة الإنسانية ومقرها مدينة الناصرة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، والتي تعمل منذ 13 عامًا في الأراضي الفلسطينية، كفالات ومساعدات لـ23 ألف يتيم في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومساعدات إنسانية أخرى للأسر الفقيرة الفلسطينية وأخرى لللاجئين السوريين.
اقرأ أيضا:تعليق اعتصامات أمام مصرف أغلق حسابات "الأيتام" في غزة
وتقدر قيمة الكفالات الشهرية للأيتام بين 40 إلى 50 دولارا، وتسمح المؤسسة للكافل بالتواصل الاجتماعي مع اليتيم نفسه، في ما تقدر ميزانية مشاريع المؤسسة جميعها سنوياً ما بين 13 إلى 18 مليون دولار، بحسب ما يقدم من تبرعات تجمع من متبرعين من الداخل الفلسطيني.
وجاء قرار الاحتلال بتجميد الحسابات البنكية للمؤسسة الإنسانية، مطلع الشهر الجاري، بحجة أنها مقربة من الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل، ما حرم آلاف العائلات من خدمات تلك المؤسسة، وحرم أولئك الأيتام من الحصول على كفالاتهم الشهرية.
وتقول مندوبة الإغاثة الإنسانية في مكتب رام الله، آمال منصور، لـ"العربي الجديد"، إن "مكتب المؤسسة لا يوجد له أية نشاطات سياسية، والنساء الأرامل جئن اليوم للاحتجاج على هذا القرار الظالم، ومن أجل إيصال صوتهن للعالم بأن هذا القرار أثر عليهن وعلى أبنائهن الأيتام".
من جانبه، شدد نائب مدير مؤسسة الإغاثة الإنسانية في الناصرة، رائد زعبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "الاحتلال الذي هجر أبناء الشعب الفلسطيني من أراضيه في النكبة عام 1948، وكذلك ما جرى في العام 1967، ليس مستغربًا عليه أن يحرم الأطفال بسمتهم ويسرق الفرحة من قلوبهم".
اقرأ أيضا:فلسطين تجبر البنوك على فتح حسابات لأيتام غزة