تتسارع الخطوات الإيرانية الروسية في كل من العراق وسورية بشكل غير مسبوق، بما يثير مخاوف من مفاجئات أو تطورات كبيرة قد يشهدها البلدان في الأيام المقبلة. وفي الوقت الذي لا يبدو على تنظيم "داعش" (الحجة الرسمية للتدخل الروسي والإيراني المشترك) أي تأثر بالغارات الجوية التي نفذها الروس، خلال الأيام الماضية في سورية، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، فالنتينا ماتفيينكو، أمس الثلاثاء، قولها، إن بلادها ستبحث توسيع نطاق ضرباتها الجوية لتشمل العراق إذا تلقت طلباً بذلك من بغداد. وأضافت أن روسيا لم تتلق، حتى الآن، مثل هذا الطلب من الحكومة العراقية.
في غضون ذلك، يكشف وزير عراقي، طلب عدم كشف اسمه، لـ"العربي الجديد" عن انتقال ما بين ألفين الى ألفين وخمسمائة مقاتل من مليشيات الحشد الشعبي إلى سورية، في اليومين الماضيين، بشكل مفاجئ. ووفقاً للمصدر، فقد جرى نقل مقاتلي المليشيات عبر طائرات تابعة للخطوط الجوية العراقية والسورية، وهم يمثلون أربعة فصائل مسلحة هي: حزب الله العراقي، العصائب، كتائب علي الأكبر وحركة الابدال. وجرى اختيارهم وفقاً لمواصفات معينة. وبحسب الوزير، فإنه من غير المعروف ما إذا كانت إيران سترسل آخرين غيرهم خلال الساعات المقبلة.
اقرأ أيضاً: وفد عراقي يبحث في روسيا توقيع اتفاق ضرب "داعش"
ويوضح الوزير، أن إيران سمّت قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، رئيساً لفريقها العسكري في غرفة عمليات التحالف الرباعي في الوقت الذي اختارت فيه دمشق العميد توفيق جواد اللاذقاني، ووصل إلى بغداد على رأس وفد من جيش النظام لا يتجاوز عددهم 30 ضابطاً. أما عدد الروس فبلغ نحو 100 جنرال ومستشار عسكري وضابط استخبارات فضلاً عن متخصصي اتصالات.
ووفقاً للوزير العراقي، فإن القوات الأميركية والسفارة الأميركية تكتفيان بدور المتفرج على المشهد الذي تتسارع تطوراته. ويشير الوزير إلى تخصيص قوات من اللواء 56 في الجيش العراقي لتوفير حماية لأعضاء الوفد العسكري الروسي في بغداد المتنقلين بين مطار المثنى العسكري وفندق المنصور ميليا وقاعدة عسكرية في مدينة الكاظمية شمالي بغداد على نهر دجلة ، تعرف سابقاً باسم الشعبة الخامسة.
كما يشير إلى أن "قادة المليشيات العراقية التابعة لإيران اجتمعوا مع الروس وعرضوا عليهم مشاكل التسليح ونقص التجهيزات، قبل أن يتلقوا وعوداً من الروس بمساعدتهم وتوفير ما يريدون فضلاً عن مناقشة ملف استعصاء تحرير المدن".
وفي السياق نفسه، يشير الوزير إلى وجود وفد سياسي يضم عدداً من رؤساء كتل التحالف الوطني (الحليف لإيران) في موسكو حالياً بمهمة لا تزال مجهولة لنا، لكن التسريبات المتوافرة تتحدث عن طلب تدخل عسكري في العراق من الروس". ويضيف المصدر "لكن هذا ما نفاه العبادي في جلسة خاصة" قائلاً: "إن العراق ليس سورية ولكل بلد وضعه الخاص لدى واشنطن" على حد وصف الوزير.
من جهته، يقول عميد في الجيش العراقي، لمراسل "العربي الجديد" في بغداد، إن "توجه المليشيات إلى سورية مستمر، وهو على سبيل الإعارة كما علمنا وتم برعاية إيرانية"، على حد وصفه.
ويلفت العميد، الذي تحفظ على ذكر اسمه، إلى أن "الإيرانيين أمروا، وعلى الحكومة والمليشيات التنفيذ"، محذراً من أن "الأمور تتجه الى تصعيد أكبر".
وحول سبب نقل مقاتلي المليشيات العراقية، يرى العميد أن "الهدف تحرير مناطق وبلدات التماس مع خط الساحل أو خط الجبهة، فضلاً عن مدن استراتيجية في ريف حمص الشمالي وريف حماة، لتأمين حدود ما اصطلح عليه، أخيراً، بالدولة العلوية ضمن محاولة للإعلان أمام العالم عن أول نصر يحققه التدخل الروسي في سورية".
في موازاة ذلك، تكشف مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" أن السفارة الروسية في بغداد وجهت دعوات لزعماء عشائر قبل يومين، لكن من غير المؤكد ما إذا كان زعماء العشائر يتجهون لتلبية الدعوة بسبب تحفظ القوات العشائرية المناهضة لـ"داعش" على التحالف الرباعي. وقد سبق أن وصفه أحد زعماء العشائر، حميد الجغيفي، بأنه "تحالف طائفي يهدف لتثبيت جذور إيران بالعراق والإبقاء على نظام دموي مجرم في سورية".
وتؤكد مصادر في بغداد لـ"العربي الجديد" صحة المعلومات، مشيرةً إلى أنّ السفارة الروسية استقبلت شخصيات عدة، حتى الآن، لكنّ ممثلين عن السنة والأكراد لم يجتمعوا مع السفير إيليا مورغونوف الذي بدا مفوضاً بصلاحيات مطلقة في الشأن العراقي. من جهته، يقول أحد شيوخ شمر في العراق، دحام حسين الشمري، في حديث لـ"العربي الجديد" "لقد تلقينا دعوات ولم نذهب، ولدينا تحالف مع الأميركيين نراه جيداً، حتى الآن، ونحن مستمرون به لحين تحرير مناطقنا"، معتبراً أنّ "روسيا تريد ضرب مصالح الأميركيين، وكأنها حرب باردة جديدة تجري على جثثنا هذه المرة".
اقرأ أيضاً: التحالف الرباعي: غطاء جديد للنفوذ الإيراني بالعراق