أكدت معطيات رسمية لدائرة الإحصائيات المركزية، أن أكثر من 290 ألف إسرائيلي من أبناء المهاجرين الروس الذين وصلوا إسرائيل في مطلع التسعينات مع موجة الهجرة الكبيرة من الاتحاد السوفييتي، غادروا إسرائيل وعادوا إما إلى موطنهم الأصلي أو هاجروا إلى دول أوروبية أخرى وإلى الولايات المتحدة بين السنوات 1990-2014.
وبيّنت المعطيات التي نشرتها صحيفة "هآرتس" اليوم، أن 17 في المائة من أبناء المهاجرين الروس الذين وصلوا إسرائيل في السنوات المذكورة، عادوا إلى موطنهم الأصلي، وتنازلوا عن الجنسية الإسرائيلية مقابل الحصول على جواز سفر أجنبي.
وقال التقرير، إن هؤلاء هم أبناء مهاجرين جاؤوا من روسيا، وترعرعوا في إسرائيل ومدارسها وجامعاتها، لكن نسبة الهجرة في صفوفهم تفوق أضعاف نسبتها في صفوف الإسرائيليين الذين تعلموا معهم، والذين ينتمون لمجموعات إسرائيلية هاجرت من بلدان مغايرة.
ونقل التقرير عن الباحث الإسرائيلي من معهد بروكديل في القدس، ميخائيل فيليبوف، قوله "إن هؤلاء المهاجرين من إسرائيل يختلفون في طبيعتهم وخصائصهم عن المجموعات الأخرى، إذ إننا أمام مجموعة من الشبان، وهم بأغلبيتهم من الأكاديميين الذين يقررون الهجرة".
واعتبرت البروفيسور، لاريسا رامنيك، هذه الظاهرة بأنها مشكلة قومية كبيرة، وأن حكومة إسرائيل لا تملك وسائل لمواجهتها والحد منها.
ووفقاً للمعطيات الرسمية الإسرائيلية وصل إلى إسرائيل في موجة الهجرة الروسية الكبيرة من دول الاتحاد السوفييتي في أوائل تسعينيات القرن الماضي نحو 650 ألف مهاجر روسي، كان 185 ألف شخص منهم دون سن 20 عاماً، واليوم فإن 32 ألف شخص منهم لا يعيشون في إسرائيل وهاجروا إلى بلدان أخرى.
وأورد تقرير صحيفة "هآرتس"، أسباب الهجرة، وفقاً لما صرح به عدد من هؤلاء المهاجرين، إذ أتضح أن قسماً كبيراً منهم غادر إسرائيل لأنه استنفد القدرة على تحقيق الذات وتحسين مستوى معيشته مقابل الآفاق المفتوحة في الخارج، في حين لم ينف بعضهم، خاصة من لا تعترف المؤسسات الدينية اليهودية الأرثوذكسية بيهوديتهم وتطعن بها، أنهم فضلوا الهجرة من إسرائيل والتنازل عن جنسيتها وعن الهوية اليهودية التي ظلت موضع شك من قبل مؤسسات الدولة، وأنهم رفضوا التعامل الديني المتشدد مع يهوديتهم حتى بعد خدمتهم في الجيش الإسرائيلي، والتلميح المتواصل إلى أن بعضهم ليسوا يهوداً بما فيه الكفاية، وأنهم مسيحيون كون أمهاتهم غير يهوديات.
وتنقل الصحيفة على لسان مهاجرة روسية أشارت إليها باسم مستعار، هو صوفي، قولها، إنها وزوجها مثلاً لم يطيقا حديث الأولاد في البيت والحي باللغة العبرية، في حين تبدو الإنكليزية والروسية لهما لغات طبيعية.
لكن المعطيات، ودراسة المعهد الإسرائيلي للديمقراطية عام 2009 بينت أن المشكلة لا تقف عند الذين هاجروا، بل في موقف أبناء الشبيبة اليهود من أصول روسية، سواء من تم الاعتراف رسمياً بيهوديتهم، أم لا، إذ إن 50 في المائة فقط من هؤلاء أكدوا للمعهد أنهم يرون أن مصيرهم مرتبط ببقائهم في إسرائيل.