وثق المرصد التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تأجج الاحتجاجات في تونس خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2017، والتي شهدت أكثر من 3 آلاف تحرك احتجاجي، وتصاعدها بقوة خلال الشهر الحالي.
وبين المرصد الحقوقي، اليوم الثلاثاء، أن تدهور الأوضاع الاجتماعية منذ الصيف الماضي كان يهدد بالانفجار، وأن السنة الجديدة ستكون ساخنة، وخاصة أن تكريس ميزانية الدولة للأعباء على الطبقات الاجتماعية أدى إلى مزيد من الاحتقان.
وقال رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مسعود الرمضاني، لـ"العربي الجديد"، إن "مكونات المجتمع التونسي تعتبر أنها لم تحقق أهداف الثورة، وأن الشباب يرى أن هناك هوة بينه وبين السياسيين، ولم يتم النظر لأغلب مطالب الشباب، وبالتالي فإن حالة اليأس أدت إلى الانتفاض والاحتجاج لتحقيق المطالب".
وأوضح الرمضاني أنه "طالما لم يتم إنهاء المسائل الاجتماعية، فإنها مرشحة لمزيد من التصاعد"، معتبرا أن تونس في مفترق طرق، وعلى المسؤولين السياسيين فهم الواقع للوقوف على حجم الأزمة وحلها، وإرجاع الأمل للشباب الذي يجب أن يكون من أولويات الدولة.
وأضاف أن "الهجرة السرية، والالتحاق ببؤر التوتر، والانتحار، وتنامي العنف، كلها مؤشرات على تنامي اليأس في تونس، وخاصة بين الشباب الذي لا يرى أفقا للمستقبل، فلا وجود لمشاريع ملموسة على أرض الواقع لتعزيز انتماء الشباب للوطن، وهو ما يجب على الدولة العمل عليه".
وقال المسؤول بالمرصد والمختص في علم الاجتماع، عبد الستار السحباني، لـ"العربي الجديد"، إن "الخطاب الرسمي المضطرب وغير الواضح ساهم في تفاقم الاحتجاجات في تونس، وأن العنف والتخريب في احتجاجات شهر يناير/ كانون الثاني، حادا عن الملف الأساسي وهو المشاكل الاجتماعية والتنموية".
وأضاف أن زيارات المسؤولين للجهات كانت سببا في مزيد من الاحتجاجات، لأن الناس لم تعد في حاجة إلى وعود بل إلى معطيات فعلية وممارسات، معتبرا أن أسباب الاحتجاجات قائمة، ولكن معالجتها لا تسير بخطى عملية.
وأشار السحباني إلى أن "فصل الصيف شهد تراجعا في عدد الاحتجاجات بشكل كبير، ولكنها ارتفعت مجددا خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول بـ1243 تحركا، منها 70 تحركا في شكل احتجاجات فردية، و1173 تحركا جماعيا. الأسباب تعود إلى العودة المدرسية والجامعية، وعودة الحياة السياسية إلى نسقها العادي، وأحداث، منها قانون المالية، وتأزم الأوضاع الاجتماعية والتنموية في الجهات الداخلية".
وأوضح أن الاحتجاجات تراجعت خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 1036 احتجاجا، منها 958 احتجاجا جماعيا، و857 احتجاجا في ديسمبر/ كانون الأول، منها 779 جماعيا، مضيفا "العديد من العوامل تفسر هذا التراجع، منها انتظار نهاية السنة، وتوقع جملة من الإجراءات حول الوضع الاجتماعي. والمؤشرات حول قانون المالية كانت تنبئ بأن الوضع سيكون أكثر حدة خلال السنة الجديدة، فضلا عن بروز احتجاجات ذات خلفية سياسية، مثل الاحتجاج على قرار الرئيس الأميركي حول القدس".