وقالت المنظمة في تقريرها الصادر اليوم الثلاثاء، إنّ روسيا ليست وحيدةً في نشر التضليل على "فيسبوك" و"غوغل" و"تويتر"، بل هناك حكومات ضالعة في الأمر نفسه في جميع أنحاء العالم، بينها تركيا وفنزويلا والفيليبين.
وارتفع استخدام المعلّقين المدفوعين الموالين للحكومات. والقضيّة التي تحدّثت عنها "فريدوم هاوس" للمرة الأولى عام 2009، شهدت ارتفاعاً كبيراً هذا العام، حيث استخدمتها 30 دولة من أصل 65 يشملها التقرير، فيما كان عددها 23 العام الماضي. وأكّدت المنظّمة أنّ هناك تقارير موثوقة بأنّ تلك الحكومات توظّف أشخاصاً للتلاعب بالنقاشات عبر الإنترنت. خلال الأعوام الماضية، وجدت الحكومات طرقاً جديدةً لتمويل وتفعيل التلاعب والوصول إلى نتائج أكبر من دون تحمّل مسؤوليّة مباشرة. وبسبب ذلك، يصعب في كثيرٍ من الأحيان تمييز البروباغندا عن "الوطنية الحقيقية".
وأشار التقرير إلى أنّ الحكومة السودانيّة تحتفظ بجيش إلكتروني افتراضي للتسلّل إلى "فيسبوك" و"واتساب" وغيرها من الخدمات لنشر رسائل قادتها. وفي فنزويلا، استخدمت القوات الحكومية باستمرار "لقطاتٍ مصوّرة متلاعب بها لنشر الأكاذيب حول المتظاهرين المعارضين ووسائل الإعلام، ما خلق البلبلة قبل الانتخابات الأخيرة".
ووجدت المنظمة أنّ جهود التلاعب بالمعلومات على الشبكة، من قبل الحكومات وغيرها من القوات، قد تكون أثّرت على 18 بلداً في الانتخابات، ما أضرّ بقدرة المواطنين على اختيار قادتهم استناداً إلى أخبار واقعيّة ونقاش حقيقي". وكانت الولايات المتحدة الأميركيّة مشمولةً في ذلك، إذ أثار متصّيدون روس النقاشات التي تؤجّج الانقسام والصراعات حول الهجرة وقوانين السلاح وحقوق المثليين.
وقال رئيس "فريدوم هاوس"، مايكل أبراموفيتز، في بيان، إنّ "استخدام الصينيين والروس للمعلّقين المدفوعين والروبوتات السياسيّة كان رائداً، لكنّه أصبح اليوم شأناً عالمياً". وأضاف "إنّ آثار هذه التقنيّات سريعة الانتشار على الديمقراطية والنشاط المدني قد تكون مدمّرة".
وجاءت هذه الاستنتاجات كجزءٍ من تقييم "فريدوم هاوس" السنوي لحرية الإنترنت حول العالم، والتي وجدت، مجدداً، أنّ "القيود الحكوميّة المفروضة على استخدام مواطنيها الإنترنت آخذة في الارتفاع".
وركّز التقرير على 65 بلداً، ودرس نهج المناقشة والتنظيم على الإنترنت بين يونيو/حزيران 2016، ومايو/أيار 2017، حيث تصنّف "فريدوم هاوس" درجات حريّة الإنترنت لتلك الحكومات.
وتحتفظ الصين بأدنى تصنيف في حريّة الإنترنت هذا العام أيضاً. وأعربت المنظّمة عن أسفها جرّاء القيود التاريخية غير المسبوقة في البلاد على الخطاب عبر الإنترنت، وميل الحكومة الصينيّة لقرصنة المعارضين والمؤسسات الإعلاميّة على حدّ سواء، واستعدادها لسجن منتقدي قادة بكين.
وفي أماكن أخرى، اتّبعت الحكومات قيوداً جديدة على النشاط عبر الإنترنت. على سبيل المثال، سعت تسعة بلدان خلال العام الماضي إلى منع بثّ الفيديو المباشر (البثّ الحي) للمرة الأولى، وكان ذلك في كثير من الحالات مرتبطاً بمنع التغطية والبثّ الحيّ لتظاهرات مناهضة للحكومة.
وواجه ناشطون ومعارضون تحرشاً وقرصنةً لحساباتهم من قبل الحكومات في دول كالبحرين وأذربيجان والمكسيك والصين، بحسب التقرير.
وأنذرت المنظمة حول وضع حريّة الإنترنت في الولايات المتحدة، بعدما خلصت إلى أنّها انخفضت منذ العام الماضي، فيما كان ذلك مرتبطاً جزئياً بتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة 2016.
وقام متصيّدون مرتبطون بالكرملين بشراء إعلانات وإنشاء حسابات وهميّة على "فيسبوك" و"تويتر" و"غوغل" قبل يوم الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة وبعده، ساعين لخلق الفوضى وإثارة غضب متظاهرين، وتحويل التغطية الإعلاميّة بعيداً عن المرشح الجمهوري دونالد ترامب آنذاك. تلك الجهود موضوع تحقيق وفحص في "الكابيتول هيل"، وسبب أزماتٍ عدّة في وادي السيليكون، فيما يُحاول المشرّعون الأميركيّون البحث عن سبلٍ لمنع روسيا أو غيرها من التدخل في السياسة الأميركيّة، قبل الانتخابات المرتقبة عام 2018.
ووجدت "فريدوم هاوس" أنّه "في حين بقيت البيئة على الإنترنت في الولايات المتحدة حيويّةً ومتنوّعة، إلا أنّ انتشار التضليل والمحتوى الحزبي المتشدّد كان له تأثير كبير".
وعزت المنظّمة شكوكها الجديدة حول حريّة الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركيّة إلى زيادة المضايقات للصحافيين الأميركيين على الشبكة، بما في ذلك محاولة إدارة ترامب الحثيثة والمثيرة للجدل للكشف عن منتقديها على "تويتر"، وهي الاستراتيجيّة التي تخلّت عنها لاحقاً.
وقالت "فريدوم هاوس" إنّ حرية الإنترنت في أميركا عرضة لمزيد من التهديد، نتيجةً لمحاولات الحكومة المستمرّة للتراجع عن قواعد الحياد الحاليّة.
ونبّهت المنظمة في الوقت نفسه المشرّعين في الولايات المتحدة والدول الأخرى، الذين يحاولون إيجاد قوانين جديدة في محاولةٍ لإحباط التضليل و"العلل" الأخرى على الإنترنت.
وبحسب تقديرات "فريدوم هاوس"، هناك 14 دولة تسعى لوقف الروبوتات الخبيثة وغيرها من الأنشطة الشائنة على الإنترنت، وعرضت خلال العام الماضي قواعد تقيّد حريّة الإنترنت. وتضمّنت تلك الدول ألمانيا التي وضعت قانوناً جديداً في يونيو/حزيران 2017، يطلب من "فيسبوك" و"غوغل" و"تويتر" إزالة المحتوى الذي يوصف بأنّه "مهين"، بطريقةٍ "تفتقر للرقابة القضائيّة".
وقالت المشرفة على تقرير حريّة الإنترنت في المنظمة، سانجا كيلي، في بيان، إنّه "عندما تُحاول (الدول) مكافحة التلاعب عبر الإنترنت من الخارج، من المهم بالنسبة للدول عدم التجاوز"، مضيفةً "إنّ الحلّ للتلاعب والتضليل لا يكمن في الرقابة على المواقع ولكن في تعليم المواطنين كيفيّة اكتشاف الأخبار والتعليقات المزيّفة".
وتابعت "يجب على الديمقراطيات ضمان أن يكون مصدر الإعلانات على الإنترنت شفافاً على الأقل كما هو حال الإعلانات خارج الإنترنت".
(العربي الجديد)