6 آلاف مريض بالفشل الكلوي يستفيدون من خدمات مصحات تصفية الدم في تونس، من بينهم 3 آلاف مريض يعالجون في المراكز العمومية، وما تبقى في المستشفيات الخاصة، هؤلاء يواجهون الموت يومياً منذ بداية الشهر الماضي. أما السبب، فهو امتناع المستشفيات الخاصة، عن تقديم خدماتها الطبية لهذه الشريحة، نتيجة صراعها مع وزارة الصحّة، لزيادة مخصصاتها المالية.
"مشرحة عمومية"
"مشرحة عمومية"
في المقابل، تحوّلت مستشفيات الدولة إلى مشرحة لتحديد أسباب الوفاة لا غير، أو ربّما في بعض الأحيان إلى ركن للاحتضار. أما المصّحات الخاصّة، فخدماتها تقتصر على من استطاع إليها سبيلاً، وهم قلّة في مجتمع ينهشه الفقر وتنخره ارتدادات أزمة اقتصاديّة خانقة لا تبدو نهايتها قريبة.
تبرز الإحصائيّات الرسميّة تراجع نسبة الوفيات عند الولادة، وارتفاع معدّلات الأعمار بفضل ما تعتبره انجازات حكوميّة في مجال الصحّة. ولكنّ هذه الجهود التي وإن أتت في العقود الأولى التي تلت استقلال البلاد، "أصبحت اليوم مهدّدة بسبب تراجع الخدمات الصحيّة"، بحسب الطبيبة هبة الوسلاتي، التي أوضحت أن المستشفيات العمومية تفتقر إلى التجهيزات الضروريّة لتقديم الخدمات الاستشفائيّة للمواطنين والتعامل مع الحالات الطارئة والمعقّدة. هذا بالإضافة إلى غياب أو تهالك الوسائل اللوجيستيّة. وأضافت الوسلاتي، أن هذا الواقع ساهم في هجرة العديد من الأطباء من القطاع الخاص.
ضعف ميزانية الصحة
في هذا السيّاق، أكد الخبير مصطفى الجويلي أنّ ميزانيّة وزارة الصحّة لا تتجاوز 797 مليون دولار لعام 2014 بنسبة تطوّر ضعيفة بلغت 4% عن نظيرتها في السنة السابقة. وتبلغ حصّة المواطن التونسيّ في ميزانيّة الوزارة كنفقات علاج وتغطية صحيّة 290 دولاراً سنويّاً، كما أنّ الأسر التونسية تساهم بـ 45% من كلفة الخدمة الصحية وهي نسبة مرتفعة في الوقت الذي يجب أن تكون فيه أقل من ذلك بكثير.
وتابع الجويلي: "هذه المخصّصات المتدنّية أثّرت على جودة الخدمات الصحيّة في القطاع العموميّ وأدّت إلى تدهور القطاع الصحيّ الحكوميّ، حيث يوجد في تونس حسب المنظمة الدولية للصحة، 12 طبيباً و21 سريراً لكل 10 آلاف ساكن. هذا وقد أشارت إحصائيّات وزارة الصحّة لعام 2014 إلى تفاوت كبير بين مستوى الخدمات الصحيّة والمرافق الضروريّة من مستشفيات وسيارات إسعاف ومراكز طوارئ بين المدن الكبرى والمناطق الداخليّة للبلاد.
ووفق الجويلي، فإن المستقبل القريب لا ينبئ بخير في هذا القطاع الحيويّ، حيث بلغت مديونية المؤسسات العمومية للصحة تجاه الشركات الوطنية 52 مليون دولار خلال العام 2012، إضافة إلى 160 مليون دولار كديون مستحقّة للصيدليّة المركزيّة.
ينص القانون التونسيّ على ضرورة استقبال المريض عند وصوله إلى المستشفى، إلا أنّه لم يمنع معاناة هؤلاء بمجرّد دخولهم المشافي العموميّة، لتتحوّل المستشفيات إلى محطّة أخيرة قبل الموت. وقال الطبيب محمد رحّال، الذي هجر العمل في المستشفيات العموميّة وافتتح عيادة خاصّة، إنه قرّر العمل لحسابه الخاصّ بعد أن كان شاهد عيان على العديد من المآسي التي حصلت داخل المستشفيات العموميّة. وأشار رحّال أن خيار المستشفيات الخاصة يبقى الأنجح، إلاّ أنّه يظلّ بعيد المنال عن نسبة هامة من التونسيّين. فالمصحات الخاصّة التي بلغ عددها 409 مصحّات تقدّم خدماتها لقاء مبالغ مرتفعة لا تقلّ عن 700 دولار كحدّ أدنى. وهو رقم يصعب على التونسيّين تخصيصه للعلاج.
كما تكمن المشكلة الثانية في القطاع الخاصّ في سياسة رفع الأسعار المستمر، خصوصاً بعد تحول المستشفيات الخاصة إلى قبلة للمصابين والجرحى الليبيّين، إضافة إلى دخول الجزائريّين على الخطّ وتفضيلهم للمراكز الطبيّة الخاصّة في تونس، ما جعل المصحات ترفع في سقف الأسعار، ليجد التونسيّ نفسه عاجزاً عن التمتّع بخدمات صحيّة أفضل من تلك التي يقدّمها القطاع العام.
تبرز الإحصائيّات الرسميّة تراجع نسبة الوفيات عند الولادة، وارتفاع معدّلات الأعمار بفضل ما تعتبره انجازات حكوميّة في مجال الصحّة. ولكنّ هذه الجهود التي وإن أتت في العقود الأولى التي تلت استقلال البلاد، "أصبحت اليوم مهدّدة بسبب تراجع الخدمات الصحيّة"، بحسب الطبيبة هبة الوسلاتي، التي أوضحت أن المستشفيات العمومية تفتقر إلى التجهيزات الضروريّة لتقديم الخدمات الاستشفائيّة للمواطنين والتعامل مع الحالات الطارئة والمعقّدة. هذا بالإضافة إلى غياب أو تهالك الوسائل اللوجيستيّة. وأضافت الوسلاتي، أن هذا الواقع ساهم في هجرة العديد من الأطباء من القطاع الخاص.
ضعف ميزانية الصحة
في هذا السيّاق، أكد الخبير مصطفى الجويلي أنّ ميزانيّة وزارة الصحّة لا تتجاوز 797 مليون دولار لعام 2014 بنسبة تطوّر ضعيفة بلغت 4% عن نظيرتها في السنة السابقة. وتبلغ حصّة المواطن التونسيّ في ميزانيّة الوزارة كنفقات علاج وتغطية صحيّة 290 دولاراً سنويّاً، كما أنّ الأسر التونسية تساهم بـ 45% من كلفة الخدمة الصحية وهي نسبة مرتفعة في الوقت الذي يجب أن تكون فيه أقل من ذلك بكثير.
وتابع الجويلي: "هذه المخصّصات المتدنّية أثّرت على جودة الخدمات الصحيّة في القطاع العموميّ وأدّت إلى تدهور القطاع الصحيّ الحكوميّ، حيث يوجد في تونس حسب المنظمة الدولية للصحة، 12 طبيباً و21 سريراً لكل 10 آلاف ساكن. هذا وقد أشارت إحصائيّات وزارة الصحّة لعام 2014 إلى تفاوت كبير بين مستوى الخدمات الصحيّة والمرافق الضروريّة من مستشفيات وسيارات إسعاف ومراكز طوارئ بين المدن الكبرى والمناطق الداخليّة للبلاد.
ووفق الجويلي، فإن المستقبل القريب لا ينبئ بخير في هذا القطاع الحيويّ، حيث بلغت مديونية المؤسسات العمومية للصحة تجاه الشركات الوطنية 52 مليون دولار خلال العام 2012، إضافة إلى 160 مليون دولار كديون مستحقّة للصيدليّة المركزيّة.
ينص القانون التونسيّ على ضرورة استقبال المريض عند وصوله إلى المستشفى، إلا أنّه لم يمنع معاناة هؤلاء بمجرّد دخولهم المشافي العموميّة، لتتحوّل المستشفيات إلى محطّة أخيرة قبل الموت. وقال الطبيب محمد رحّال، الذي هجر العمل في المستشفيات العموميّة وافتتح عيادة خاصّة، إنه قرّر العمل لحسابه الخاصّ بعد أن كان شاهد عيان على العديد من المآسي التي حصلت داخل المستشفيات العموميّة. وأشار رحّال أن خيار المستشفيات الخاصة يبقى الأنجح، إلاّ أنّه يظلّ بعيد المنال عن نسبة هامة من التونسيّين. فالمصحات الخاصّة التي بلغ عددها 409 مصحّات تقدّم خدماتها لقاء مبالغ مرتفعة لا تقلّ عن 700 دولار كحدّ أدنى. وهو رقم يصعب على التونسيّين تخصيصه للعلاج.
كما تكمن المشكلة الثانية في القطاع الخاصّ في سياسة رفع الأسعار المستمر، خصوصاً بعد تحول المستشفيات الخاصة إلى قبلة للمصابين والجرحى الليبيّين، إضافة إلى دخول الجزائريّين على الخطّ وتفضيلهم للمراكز الطبيّة الخاصّة في تونس، ما جعل المصحات ترفع في سقف الأسعار، ليجد التونسيّ نفسه عاجزاً عن التمتّع بخدمات صحيّة أفضل من تلك التي يقدّمها القطاع العام.