وتُعدّ الصفقة مع الهند نجاحاً سياسياً كبيراً للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزير الدفاع جان إيف لودريان، وأيضاً للصانع الفرنسي "داسو"، بعد صفقة أولى تم إبرامها مع مصر في فبراير/شباط الماضي، وستكون مصدر انتعاش استثنائي للاقتصاد الفرنسي، في وقتٍ تعاني فيه الحكومة الاشتراكية من شحّ صناديق الدولة.
وكانت شركة "داسو للطيران" بدأت المفاوضات حول هذه الصفقة، منذ ثلاثة أعوام، لكن عقباتٍ كثيرة تخللتها، خصوصاً في ما يتعلق باختلاف وجهات النظر حول الضمانات التي تطالب بها "داسو" الحكومة الهندية ومكان التصنيع، الذي تفضّل الهند أن يكون محلياً، لا في المصانع الفرنسية. إلا أن الأهم بالنسبة للصانع الفرنسي، هو أن صفقة الطائرات الـ36 لن تؤثر على المفاوضات المتواصلة حول مشروع صفقة أخرى، وتشمل بيع 90 طائرة "رافال" أخرى.
وانتشل نجاح الصفقتين المصرية (24 طائرة رافال بيعت لمصر في شباط/فبراير الماضي) والهندية، الصانع الفرنسي من سلسلة محبطة من المحاولات الفاشلة لتصدير "رافال"، بدأت منذ عام 1985، تاريخ تصنيعها ودخولها سوق الطيران الحربي، خصوصاً في ظلّ رفض دول عدة طائرات "رافال"، ومنها هولندا وكوريا الجنوبية والبرازيل.
اقرأ أيضاً: حاملة الطائرات الفرنسية "ديغول" تبدأ أولى عملياتها العسكرية بالعراق
وبلغ الفشل الفرنسي أوجه، عندما تبخّرت الآمال ببيعها لحليفين تقليديين، هما السعودية والمغرب، على الرغم من التدخل الشخصي القوي للرئيسين الفرنسيين السابقين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي. وبسبب هذا العجز في التسويق، يقول المحلل الاقتصادي كميل الساري لـ"العربي الجديد"، إن "المتخصصين في الطيران الحربي باتوا يعتبرون طائرة رافال مشروعاً فاشلاً من أساسه بسبب غلائها وتكنولوجيتها المعقدة. ويُشكّل ما حدث تهديداً جدياً لمستقبل الشركة نفسها، بالنظر إلى الأموال الضخمة التي استثمرتها في المشروع".
وأضاف أن "رافال تحولت إلى مشكلة للدولة الفرنسية نفسها، التي ضخّت أكثر من 42 مليار دولار في هذا المشروع، وعادت العام الماضي وأضافت ملياراً آخر لتطوير الطائرة وتمتين حظوظها في سوق المنافسة الدولية".
وبعد نجاح الصفقتين مع مصر والهند، تتجه أنظار فرنسا الآن بقوة إلى دول الخليج، باعتبارها "سوقاً واعدة" بسبب تزايد التهديدات العسكرية في المنطقة، مثلما هو الحال مع العملية العسكرية التي تقوها السعودية في اليمن، والتي تعتمد بشكل أساسي على الضربات الجوية، وأيضاً بسبب تطلع الدول الخليجية إلى تنويع مصادر أسلحتها وعدم الاعتماد بشكل كلي على الصناعة الحربية الأميركية. وتعوّل فرنسا بشكل خاص على الإمارات، التي زارها لودريان مرات عدة، وتباحث فيها مع كبار المسؤولين بشأن مشروع صفقة لتجديد سلاح الجو الإماراتي، وتعويض أسطوله المكون من 60 طائرة "ميراج" فرنسية.
اقرأ أيضاً: فرنسا والهند: "رافال" هدف زيارة مودي إلى باريس