يجنح كثير من الأهل والمربين أحياناً إلى المبالغة في تقدير أفعال أطفالهم وسلوكهم، إلى درجة المغالاة في المديح، ظناً منهم أنهم بذلك يجعلون منهم أشخاصاً واثقين من أنفسهم.
ويعتقد الأهل أن ترداد المديح الدائم للطفل، وإسماعه الكلام المبالغ فيه، بأن الرسم الذي أنجزه كان الأفضل، أو أن ركلة الكرة نحو المرمى كانت الأكثر حرفية، أو أن مظهره الخارجي لا يضاهى، أو أنه الأجمل بين أقرانه، أو أن براعته في الأداء في حفل المدرسة كانت استثنائية، تمنحه قدراً كافياً من الثقة بالنفس، لكنهم لا ينتبهون إلى أن المديح "غير الصادق" يصب غالباً في تعزيز مشاعر النرجسية لدى الطفل.
فقد أظهرت دراسة أجراها علماء هولنديون، وشملت 565 طفلاً، ونشرت في نشرة الأكاديمية الوطنية للعلوم الأميركية في مارس/آذار 2015، أن الأطفال الذين يردد آباؤهم على مسامعهم أنهم استثنائيون، لديهم نزعة أكثر من غيرهم بأن يكونوا نرجسيين. ويقول أستاذ الاتصالات وعلم النفس في جامعة أوهايو الأميركية، براد بوشمان، أحد المشاركين في الدراسة: "الأطفال يصدقون آباءهم عندما يقولون لهم إنهم متميزون عن الآخرين، وهذا ليس بالضرورة جيداً لهم ولا لمجتمعهم، لأن النرجسيين يظنون أنهم أفضل من الآخرين".
اقرأ أيضاً: أهل يلعبون مع أطفالهم في المدرسة
الطبيب النفسي الفرنسي للأطفال، جيل ماري فاليه، يعطي بعض النصائح للأهل تساعدهم في منح طفلهم الثقة بالنفس ومنها:
1- إذا أبدى المربون أقصى درجات الانفعال والفرح تجاه أقل نجاحات الطفل وأدناها، فهذا لا يفيده بالتأكيد. فقد يظن أن حبنا له مرتبط بنجاحه، وهذا الحب يصبح أقوى كلما قدم المزيد من النجاحات. وإذا أحس الطفل أن ما فعله هو الأفضل، عندها لا ندعه يطمح نحو التحسين والتطوير. لذلك علينا أن نشجعه على التقدم والتطور على الدوام وعدم اكتفائه بما قدمه أو أنجزه.
2- إن كان لبعض الأطفال صفات غير عادية، إلا أن على الآباء أن يعرفوا صفات أطفالهم، وأن يدركوا، أيضاً، أنهم ليسوا مثاليين. على الآباء أن يحفزوا أطفالهم على تقديم الأفضل، وألا يخطئوا في دفعهم للسعي نحو الكمال. الضغط سيء للغاية بالنسبة لتطور الصغار، وبالأساس لا يجب أن ينال الإحباط من الأهل الذين يجدون أن طفلهم "عادي" و"طبيعي"، وليس عبقرياً.
3- على الأهل منح الثقة للطفل من خلال إظهار ثقتهم به، واهتمامهم برأيه. عليهم أن يطلبوا رأيه في الطريقة الممكنة لتحسين أدائه، وإشراكه أيضاً في المهمات اليومية الصغيرة. في حال ارتكابه أخطاء، علينا طمأنته حتماً، وأن نشرح له أن الخطأ ليس نهاية العالم، وأن كل الناس كباراً وصغاراً يرتكبون الأخطاء. فما يحتاجه الطفل ليكون واثقاً بنفسه هو أننا نحبه من دون شروط، وهذا ما نصر عليه.
4- الخطأ الذي يرتكبه الأهل أغلب الأحيان، هو مقارنة طفلهم بالآخرين. والأسوأ هو مقارنته بأحد إخوته أو أخواته. لا يجوز أن نقارن لأن لكل منهم اختلافاته ونقاط تميزه. ليس من المهم معرفة أنه فعل هذا أفضل من أخيه، أو كان هنا أقل موهبة من أخته. لا يجب أن ينمو الطفل ويتطور مقارنة بالآخرين، بل من خلال ما لديه من صفات وإمكانات.
5- يخطئ الأهل بعدم الاستماع لمخاوف طفلهم ولما يقلقه. فإذا لم نتحدث معه بخصوص تلك المخاوف والقلق، عندها سيحاول إقناع نفسه بأنه قوي وأنه الأفضل. وإذا لم نستمع إليه ولا نوفر له الحب غير المشروط، عندها يخاطر الطفل ويجد التعويض عن ذلك بادعاء أنه الأفضل وبأنه متفوق على أقرانه. وهنا يتأكد الأهل بأنهم أخطأوا عندما أقنعوا طفلهم بأنه الأفضل.
اقرأ أيضاً: 6 عادات تدمّر الثقة بالنفس