دخلت العملية العسكرية الشاملة بقيادة الجيش المصري في سيناء منذ 9 فبراير/شباط الماضي شهرها السادس، وما زالت العمليات العسكرية الميدانية متواصلة في مقابل هجمات متواصلة لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، فيما اتجهت قيادة العمليات إلى تخفيف الحصار المفروض على السكان، خصوصا في مدينتي العريش وبئر العبد.
وعقب اللقاء الذي جمع أهالي مدينة بئر العبد بقيادة مجلس المدينة والأجهزة الأمنية والجيش، وكذلك لقاء مماثل في مدينة العريش، بدأ التخفيف في إجراءات الحصار المفروض على مدينتي العريش وبئر العبد، فيما تواصل الحصار على مدينتي رفح والشيخ زويد ومناطق وسط سيناء. كما تعلّق التخفيف بمسألة عودة الدراسة بجامعة العريش الحكومية، في مقابل بقاء جامعة سيناء الخاصة خارج الخدمة منذ خمسة أشهر، وكذلك السماح للمواطنين بالسفر من وإلى محافظة شمال سيناء ثلاثة أيام في الأسبوع، من دون الحاجة إلى إحضار تنسيق عبر المحافظة.
وفي التفاصيل، كشف مصدر مسؤول في مجلس مدينة العريش لـ"العربي الجديد"، أن "قرارات عليا جاءت إلى قيادة المحافظة، وقيادة عمليات قوات الجيش في سيناء، دعت إلى ضرورة تخفيف الحصار عن المواطنين في سيناء، في ظل استمرار العملية العسكرية، وعدم وجود سقف زمني لانتهائها. وهو ما يصعب بقاء أوضاع المواطنين في هذه الحالة منذ بدء العملية الشاملة في 9 فبراير/شباط الماضي، وهذا السبب الرئيس وراء هذا التخفيف للحصار المفروض على المدينة".
وأضاف المصدر أن "ما جرى الاتفاق عليه بين إدارة المحافظة وقوات الجيش، يشير إلى تخفيف محدود للحصار، ولفترة محدودة، كتجربة للوضع في مدينتي العريش وبئر العبد، مع تهميش واضح لمدينتي رفح والشيخ زويد"، مشيراً إلى أن "التخفيف يشمل الوضع الدراسي، من خلال بدء العام الدراسي للمدارس في موعده، وكذلك إعادة فتح جامعة العريش كمرحلة أولى، إضافة إلى فتح العديد من الشوارع، وإزالة السواتر الترابية التي أنشأتها قوات الجيش، وشوهت المنظر العام لمدينة العريش".
وبيّن أنه "جرى تشكيل لجنة لمتابعة آثار تخفيف الحصار عن المدينتين، والترويج لذلك على وسائل الإعلام المحلية، على أنها نتيجة لهدوء الأوضاع الأمنية، وعودة الأمان لمدينة العريش خصوصاً، باعتبارها عاصمة لمحافظة شمال سيناء"، مؤكداً "وجود قائمة ممنوعات لدى الأمن يحظر تقديم الطلبات فيها، كإدخال عشرات الأنواع من البضائع لمحافظة شمال سيناء، ومنع الحركة من وإلى ما تبقى من مدينة رفح، وإبقاء حالة حظر التجوال في العريش على حالها، واستمرار انتشار الحواجز الأمنية المكثفة في كافة أرجاء المدينة".
وعن جامعة العريش، قال رئيس الجامعة، حبش النادي، إنه "جرى التوافق مع القيادات الأمنية على عودة الدراسة في الجامعة، بشكل كامل، بعد إغلاق دام خمسة أشهر بسبب العملية العسكرية الشاملة، وبعد أسبوعين من عودة الدراسة جزئياً لطلبة السنوات الأخيرة في الجامعة"، مضيفاً أن "6750 طالباً وطالبة انتظموا في الدراسة في يومها الأول، على أن ينتهي العام الدراسي في غضون شهرين، فيما ستبدأ الامتحانات نهاية الشهر الحالي".
وأشار في تصريحات صحافية لوسائل إعلام محلية إلى أنه "سبق انتظام الدراسة كلياً في جامعة العريش، جهود شاقة بُذلت بمشاركة جامعة العريش ومحافظة شمال سيناء، والجهات الفاعلة في المجتمع بتنسيق مع جهات الاختصاص من أجل وضع آلية عودة الدراسة بنجاح"، موضحاً أنه "تمّ اتخاذ كل الإجراءات المساعدة على عودة الدراسة، وأهمها تسيير خطوط نقل مؤمنة للطلاب المغتربين من خارج شمال سيناء، وتسكين كل الطلبة من خارج شمال سيناء، وخارج مدينة العريش مجاناً في المدينة الجامعية، ومن دون أي رسوم وتشمل الخدمات المقدمة لهم توفير الوجبات الغذائية".
وعلى الرغم من سعي النظام المصري إلى إظهار الهدوء في سيناء، إلا أن هجمات تنظيم ولاية سيناء ما زالت مستمرة رغم مرور خمسة أشهر على بدء العملية العسكرية الشاملة، مما أكد فشل العملية العسكرية بالحد الأدنى، وهذا ما ظهر من بقاء مجموعات عسكرية للتنظيم في مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، نفذت هجمات عدة ضد قوات الجيش والشرطة، فضلاً عما ظهر جلياً في الشهر الخامس من العملية العسكرية.
وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "النظام المصري بات أمام معضلة حقيقية في سيناء، فلا العملية العسكرية ولا الحصار للسكان يفيد في إنهاء حالة الإرهاب المستمرة بسيناء، وبالتالي فإنه يسعى لتغيير منهج التعامل مع السكان في سيناء، في ظل وجود وزير جديد للدفاع والإنتاج الحربي بدلاً من الفريق صدقي صبحي، ومع الحكومة الجديدة التي تسلمت عملها منذ فترة وجيزة. وكذلك الحال في ظل الحديث عن تعيين محافظ جديد للمحافظة، بعد فشل ذريع مني به اللواء عبد الفتاح حرحور على مدار السنوات الخمس الماضية التي لم يجرِ فيها تغييره برغم حركة تغيير المحافظات التي شملت غالبية محافظات مصر، من دون المساس باللواء حرحور".
وأضاف الباحث أن "المشهد العام في سيناء بات مغايراً لكل السنوات الماضية، فبعد خمس سنوات من العمليات العسكرية للجيش في سيناء، عقب الانقلاب العسكري صيف 2013، أصبحت مناطق واسعة من المحافظة خارج الخدمة كغالبية مدينة رفح، وجزء كبير من قرى مدينة الشيخ زويد، وأطراف مدينة العريش، وقرى بمدينة بئر العبد، مع تهميش واضح لمناطق وسط سيناء برغم أهميتها. مما يشير إلى أن منهجية التعامل مع سيناء، كانت فاشلة منذ البداية، ولا يمكن فرض الحل على سيناء، بسياسات الحرب والحصار، وإنما باتجاه التنمية والتغيير الحقيقي لحياة السكان، الذين يمثلون رأس مال أي نجاح سياسي أو أمني في سيناء".