قال مروان عبود، محافظ العاصمة اللبنانية بيروت، لـ"العربي الجديد"، إن نصف مساحة بيروت تقريباً باتت غير صالحة للسكن. وشرح عبود، أنّ الأضرار المادية أكبر ممّا كنّا نتوقع وقد تتجاوز الخمسة مليارات دولار، وأن المهندسين التابعين لبلدية بيروت لا يزالون يجرون الدراسات، وأعمال المسح مستمرّة لتحديد الخسائر. مشيراً إلى أن الأحياء المواجهة للبحر دمّرت بالكامل والمحيطة بالمرفأ تخطت الأضرار فيها الخمسين في المائة.
ولفت محافظ بيروت إلى أنّ العاصمة اللبنانية باتت مدينة منكوبة، وأكثر من 300 ألف شخص باتوا مشرّدين بفعل تدمير منازلهم، والدمار طاول المؤسسات العامة والخاصة والشركات وكل الأبنية المجاورة والقريبة من مكان وقوع الانفجار في مرفأ بيروت.
وتضرّر عدد كبير من المستشفيات المحيطة ببيروت، وباتت ثلاثة منها وهي من المستشفيات الخاصة خارج الخدمة تماماً، بحسب ما أكد نقيب المستشفيات الخاصة لـ"العربي الجديد"، بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقتها وأدت إلى سقوط 6 قتلى من الطاقم التمريضي والطبي وانقطاع التيار الكهربائي عنها.
وأدى الانفجار الهائل الذي حصل يوم أمس في مرفأ بيروت إلى دمار كلي في المبنى المركزي لمؤسسة كهرباء لبنان، حيث يقع مركز التحكم الوطني الذي خرج كلياً عن الخدمة، ونتيجة ذلك أعلنت وزارة الطاقة في بيان اليوم أنه وبعد قيام موظفي المؤسسة بجهود جبارة تم التحكم في شبكة النقل الوطنية يدوياً انطلاقاً من محطة بصاليم، للمحافظة على المستوى الأقصى من التغذية لمواكبة أعمال الإنقاذ.
كما أدى عصف الانفجار، بحسب بيان وزارة الطاقة، إلى خروج محطة التحويل الرئيسية في الاشرفية بيروت عن الخدمة، وما زالت حتى الساعة، تفادياً لحصول أي احتكاكات أو خطر على السلامة العامة للمواطنين. وباشرت فرق الصيانة العمل على مسح الأضرار تمهيداً للبدء بالإصلاحات الضرورية بغية العودة التدريجية للتيار الكهربائي في المناطق المتضررة من العاصمة بيروت.
وتسبب الانفجار الذي وقع في العنبر رقم 12 في المرفأ الذي يحتوي على نيترات الأمونيوم بزنة تقدّر بـ2750 موجودة منذ 6 سنوات، في قطع كلي للكهرباء عن العاصمة بشكل خاص، وبطء شديد في الإنترنت وانقطاع الإرسال في بعض الأماكن القريبة من الانفجار، كما ألحق أضرارا جمّة بعدد كبير من الشركات والمكاتب والمؤسسات الإعلامية العربية الأجنبية والتي تتخذ غالبيتها من بيروت مقراً لها على صعيد لبنان.
في السياق، قرر رئيس الجمهورية ميشال عون تحرير الاعتماد الاستثنائي المنصوص عليه في المادة 85 من الدستور وفي موازنة عام 2020 والذي يبلغ 100 مليار ليرة لبنانية ويخصص لظروف استثنائية وطارئة.
وأظهرت مقاطع فيديو، ضررا كبيرا تعرّض له المرفأ والأحياء المحيطة به، نتيجة الانفجار الذي امتدت أضراره لمسافة 15 كيلومترا، بحسب وزارة الدفاع اللبنانية.
وفي وقت سابق الأربعاء، توعدت وزارة الدفاع اللبنانية بمعاقبة المسؤولين عن الإهمال الذي أدى إلى انفجار مرفأ بيروت.
وقالت وزيرة الدفاع زينة عكر، عبر حسابها على موقع "تويتر": "ست سنوات مرت على هذا الإهمال الهائل.. نعم سيُعاقب المسؤولون" من دون تفاصيل إضافية.
وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية، حسان دياب، يوم حداد وطني على ضحايا الانفجار، كما اعتبر مجلس الدفاع اللبناني الأعلى بيروت "مدينة منكوبة"، ضمن حزمة قرارات وتوصيات لمواجهة تداعيات الحادث.
وأكد دياب في كلمة له: "ما حصل لن يمر من دون حساب، وسيدفع المسؤولون عن هذه الكارثة الثمن".
ويأتي الانفجار قبيل أيام من صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الجمعة، في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، في تفجير ضخم استهدف موكبه، وسط بيروت، في 14 فبراير/شباط 2005.
ويزيد انفجار الثلاثاء من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر، من تداعيات أزمة اقتصادية قاسية واستقطاب سياسي حاد، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.
ومن المتوقع أن تتعرض السوق اللبنانية لأزمة نقص في عديد السلع الرئيسية داخل الأسواق المحلية، خلال الفترة القريبة المقبلة، مع تضرر كافة المخازن والصوامع في مرفأ بيروت، الأكبر في البلاد.
وبعد الحديث عن احتمالية حدوث أزمة نقص في القمح خلال الفترة المقبلة، طمأنت وزارة الاقتصاد اللبنانية، الأربعاء، بتوفر كميات تكفي لمدة شهر واحد، إلا أن مصير بقية السلع الأخرى ما يزال مجهولا.
وقال المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، في تصريح تلفزيوني، إن بلاده ليست أمام أزمة طحين، "لدينا 35 ألف طن من الطحين في المطاحن تكفي لمدة شهر، لدينا 28 ألف طن في 4 بواخر وسننقلها إلى مرفأ طرابلس (شمالي لبنان)".
ويعاني لبنان أسوأ فترة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975-1990) ،تترافق مع شح للدولار الأميركي في السوق، وهبوط لسعر صرف الليرة وارتفاع فاحش في أسعار المنتجات.