وذكرت المصادر الحقوقية أنّ الحكم الذي صدر في مايو/أيار الماضي ما زال ينتظر تصديق وزير الدفاع، محمد زكي، عليه، ليتمكّن المحامون من الطعن عليه أمام المحكمة العسكرية العليا. علماً بأنه سبق أن نفى المتحدث العسكري المصري، العقيد تامر الرفاعي، في تصريحات لمنظمة "مراسلون بلا حدود" صدور ذلك الحكم، بعد ساعات من نشر وسائل إعلام، منها "العربي الجديد"، نبأ صدوره منسوباً لهيئة الدفاع عن المتهمين. ومنذ ذلك الحين لم يتمكّن أحد من الاطلاع على الحكم، إلى حدّ التشكيك في صدوره مراراً.
وبحسب حديث المصادر لـ"العربي الجديد"، فإنّ المحكمة دانت الإسكندراني زاعمةً مخالفته القوانين المصرية في مناسبات عدة؛ أولاها: تبادل رسائل نصية مع العاملين بقناة "الجزيرة" في العاصمة الأميركية واشنطن حول إجراء مداخلات هاتفية ولقاءات تليفزيونية بالقناة مقابل مبالغ مالية. ثانيها أنه نظّم ندوة بعنوان "الجهاد بين خطاب جيش الدولة وأيديولوجية نظام الدولة" لعرض نتيجة بحثه في المقارنة بين التعبئة الدينية لدى الجيش المصري، وتيار الصوفية المجاهدة، وبين الأيديولوجيات الجهادية السلفية، وهي ندوة عُقدت في إبريل/نيسان 2015 في مقر "المعهد العالمي للفكر الإسلامي" بولاية فيرجينيا الأميركية، وفيها اتهم الإسكندراني القوات المسلحة باستخدام خطاب ديني متطرّف.
المخالفة الثالثة، هي أنّ الإسكندراني كان يملك خرائط تفصيلية لسيناء، فيما المخالفة الرابعة هي أنه كتب مقالات على موقع جريدة "الأخبار اللبنانية"، نسب فيها للقوات المسلحة المصرية وقائع اعتداء على أهالي شمال سيناء، واتهمها بارتكاب جرائم ضدهم والاستيلاء على ممتلكاتهم وأموالهم وتدمير بيوتهم بصورة عشوائية، وإخفاء أبنائهم قسراً وتعذيب عدد منهم في مقر الكتيبة 101 بالعريش. أما المخالفة الخامسة التي نسبتها المحكمة للإسكندراني، فهي أنه كان يصف أنشطة الجيش في شمال سيناء بأنها "حملات عسكرية"، ويزعم أنّ الجيش يعتدي على المواطنين ويتورط في جرائم حرب ضدّ المدنيين العزل.
وادعت المحكمة في الحيثيات أنّ الإسكندراني، الذي عُرف كباحث مستقل ومناهض لحكم جماعة "الإخوان المسلمين"، ينتمي لـ"الإخوان" ويؤازرهم لتعطيل الحكم بالدستور وإعاقة مؤسسات الدولة عن أداء عملها، علماً بأنه قال في التحقيقات التي أجرتها معه النيابة أن "الإخوان يحملون مفهوماً قاصراً للديمقراطية"، واتهمهم بالطائفية والتورط في أعمال عنف، وبالفشل في إدارة الدولة، ورغم أن محاضر التحريات التي شملها ملف القضية كانت تعود إلى رصد نشاطه في عام 2013 أي قبل حدوث الوقائع المنسوبة له محل الإدانة.
كما وجّهت المحكمة التهمة نفسها (الانتماء لجماعة الإخوان) إلى باقي المتهمين، وعلى رأسهم وليد محمد محارب الذي أوردت المحكمة "اعترافه" بأنه كان يدير مجموعة سرية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" اسمها "طريقة عمل المحشي" للتنسيق مع زملائه، فضلاً عن إدارة صفحة إعلامية بعنوان "سيناء العز". وقالت المحكمة إنّ وليد محمد كان يبثّ عبر الصفحة والمجموعة حملات إعلامية ضد مؤسسات الرئاسة والجيش، وأنباء عن الحملات الأمنية والمداهمات بشمال سيناء، مع التلاعب فيها لإظهار الجيش كجهة اعتداء وليس حماية للمدنيين من الإرهابيين، فضلاً عن تحريض الصفحتين على ضباط الجيش والشرطة والدعوة لاستهدافهم بأعمال إرهابية.
ونسبت المحكمة أيضاً للمتهم نفسه أنه عمل مراسلا إخباريا مقابل راتب شهري لقناة "مكملين" التي تبث من تركيا وتتبنى أجندة معارضة لنظام السيسي، وذلك لنشر مناطق تمركز وتحركات الجيش المصري بسيناء ليتمكن الإرهابيون من معرفتها ويسهل عليهم تنفيذ الأعمال الإرهابية ضد الجيش والشرطة.
وكانت الشرطة قد قبضت على وليد محمد كمتهم وحيد في القضية منتصف عام 2015، ثم قبضت على الإسكندراني لدى عودته إلى مصر لزيارة والدته في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه. وقد استمرّ حبسهما أكثر من عامين ونصف العام احتياطياً قبل صدور هذا الحكم منذ سبعة أشهر، علماً بأنه لا يجوز لأيهما الطعن عليه إلاّ بعد التصديق عليه من وزير الدفاع، كما يجوز للأخير بناءً على التماس أو من تلقاء نفسه، إعادة القضية للمحاكمة من جديد.