واقترحت المبادرة تكوين حكومة انتقالية من "تكنوقراط" و"كفاءات" لتنفيذ ثماني مهام أبرزها، إيقاف الحرب ومعالجة ملف المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق الرئيس السوداني عمر البشير منذ سبع سنوات.
والتقى فريق من المبادرة، والتي وقع عليها رئيس الوزراء السابق الجزولي دفع الله، فضلاً عن أكاديميين ومجموعة من الإسلاميين، وزير رئاسة الجمهورية، فضل عبدالله وسلمه نسخة منها.
ووعد الوزير بترتيب لقاء لأصحاب المبادرة مع الرئيس البشير لبحث مقترحاتها.
وطالبت المبادرة بتكوين حكومة انتقالية من ذوي الكفاءة المهنية والخبرة والأمانة، مع تمثيل رمزي للقوى السياسية (ممثل واحد فقط من الأحزاب الكبيرة)، لمدة عامين ونصف العام، تعمل لإيجاد مخرج للأزمات التي تواجه البلاد، خصوصاً إيقاف الحرب وتحقيق السلام ومعالجة الأوضاع الإنسانية، فضلاً عن تحقيق العدالة والمصالحة والتعايش السلمي.
وشددت المبادرة على "ضرورة تأسيس الحكم الراشد على مبادئ الديمقراطية والتعددية إلى جانب الفصل بين السلطات الثلاثة وبسط الحريات العامة وحماية حقوق الإنسان وتأكيد احترام الدستور وسيادة حكم القانون".
كما اقترحت البدء في عملية جادة لإصلاح الاقتصاد، وإصلاح علاقات البلاد الخارجية.
وقال عضو المبادرة، الطيب زين العابدين، لـ"العربي الجديد" إن من "صاغوا المبادرة لا علاقة لهم بالأحزاب. بدأوا بإعدادها منذ ستة أشهر في محاولة لإخراج البلاد من الأزمة الحالية".
وأضاف: "قدمنا المبادرة حلاً، لأن السيناريوهات المتوقعة كلها مخيفة بالنظر لتجارب الربيع العربي".
وتابع "لا نعوّل على الحكومة، وإنما نطمح أن تصبح المبادرة برنامج تتبناه الأحزاب".
ولفت إلى أنهم "يسلمون نسخة من المبادرة لكافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في محاولة لتشكيل رأي عام للضغط من أجل الالتزام بتنفيذها".
ويرى مراقبون أن "المبادرة لن تبارح مكانها بالنظر للمقترحات التي جاءت فيها، خصوصاً في ما يتصل بحكومة التكنوقراط، باعتبار أن النظام في الخرطوم، والذي يحصل على الغالبية الساحقة، ظل يرفض مثل تلك الاقترحات، وأيضاً أي مقترحات تلزمه بالتنازل عن الغالبية في الحكومة".
وفي حين لم تعلق الحكومة على المبادرة، تنظر بعض الأحزاب المعارضة لها بنوع من الريبة، خصوصاً أن ضمن الموقعين عليها شخصيات إسلامية، وإن انسحبت من المشهد السياسي لخلافات مع النظام الحاكم، أما الأحزاب المشاركة في الحوار فاعتبرت المبادرة التفافاً على مخرجات الحوار.
ونظمت الحكومة مؤتمراً للحوار استمر نحو ثلاثة أشهر، قاطعته فصائل المعارضة المسلحة والسلمية الرئيسية، بينها حزب "الأمة"، بقيادة الصادق المهدي، و"الحركة الشعبية" قطاع الشمال، والتي تقود حرباً ضد الحكومة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان بجانب الحركات المسلحة الدارفورية.
ورغم إعلان انتهاء عمليات الحوار منذ شهرين، لكن الجمعية العمومية الخاصة به لم تجمتع حتى الآن لإجازة التوصيات وتنفيذها.
وبدت المعارضة يائسة من الوصول إلى تسوية سياسية من شأنها تفكيك النظام الحالي، ما قادها لرفع السقف والمطالبة بإسقاط النظام عبر الانتفاضة الشعبية، لكن الحكومة قابلت الخطوة بالسخرية، ورفعت درجات الاستعداد وسط الأجهزة الأمنية، خصوصاً بعد التظاهرات التي شهدتها بعض الجامعات السودانية، وعلّقت الدراسة بثلاث جامعات آخرها جامعة الخرطوم.
وشدد الأمن السوداني على أنه "لن يسمح بنقل الصراع والعنف للعاصمة الخرطوم التي عدها "خطاً أحمر"، مشيراً إلى "فشل الأحزاب المعارضة السلمية والمسلحة، في تحريض المواطنين والطلاب للخروج إلى الشارع.