قبل خمسة أشهر فقط كان زيدان مدرباً للفريق الثاني لريال مدريد بدوري الدرجة الثالثة وحين كُلف بقيادة الفريق الأول راهن كثيرون على فشله بداعي أن أساطير اللعبة لا يتحولون بالضرورة لمدربين ناجحين على غرار مارادونا.
ولم يكن مطلوباً من زيزو أكثر من إنهاء الموسم بشكل مشرف ومحو آثار ما فعله سلفه رافا بنيتيز في النصف الأول من الموسم، لكن النهاية كانت أكثر إبهاراً مما حلم به أي مدريدي ليقود الأبيض "الملكي" لتحقيق اللقب رقم 11 في دوري أبطال أوروبا بخلاف إنهاء الليغا كوصيف بفارق نقطة واحدة عن البطل برشلونة بعدما وصل الفارق إلى 12 نقطة.
ولا يوجد دليل على أن كرة القدم لعبة معنويات أفضل من هذا اللقب، فزيدان رغم قلة خبرته إلا أن الحافز النفسي الهائل الذي منحه للاعبيه كان الدافع الأهم للإنجاز، بعدما كان الفريق منهارا ومشتتا في فترة بنيتيز.
لكن لا يمكن إغفال شخصية زيدان القوية وعقلية الانتصارات لديه التي انعكست على قرارات مهدت الطريق نحو اللقب ويمكن تلخيصها في سبعة قرارات.
القرب من اللاعبين
تعامل لاعبو الريال مع زيدان كأسطورة وقدوة وأخ كبير وترك لهم المجال للتحرر في الملعب وتحلى بالتفاؤل منذ أول حصة تدريبية وأزال الضغط من عاتقهم وبدد مخاوف الخروج خالي الوفاض في نهاية الموسم، وهو ما اكتسبه ربما من المدرب السابق كارلو أنشيلوتي الذي كان مساعدا له عند التتويج بدوري الأبطال العاشرة.
ويقول زيدان عن وصفته للنجاح كمدرب "يجب أن يكون المدرب مقربا من اللاعبين وأن تجمعهم علاقات جيدة لذا سيضحون بأي شيء لإنجاحه".
البساطة
زيدان عاشق للبساطة ويكره التعقيدات الخططية والفلسفة الفنية وفي محاضراته كمدرب يدرك جيدا أن اللاعبين لا يحبذون الخطابات الطويلة بل كانت رسائله موجزة ومنها "تمريرات قصيرة بين الأقدام".
وقال زيزو للصحافيين بوضوح في إحدى المرات "أسلوبي يعتمد على التمرير من الخلف للأمام بسرعة والاستحواذ على الكرة واللعب بثلاثي (بي.بي.سي)" بيل وبنزيمة ورونالدو.
التفوق البدني
كان التحدي الأكبر أمام زيدان هو رفع معدلات اللياقة البدنية للاعبيه وكان من أقواله عند تسلم المهمة "لا أخشى على مستوى اللاعبين فأنا مطمئن تماما لكن يجب تحسين الجانب البدني".
وخصص زيدان في أول ثلاثة أسابيع بعمله فترة إعداد مصغرة سعى من خلاله لزيادة سرعة اللاعبين خاصة في الارتداد مع تقوية الدفاع وتكرر الأمر خلال 15 يوما قبل نهائي سان سيرو مدركا أن أهم ما يميز خصمه أتلتيكو هو القوة البدنية.
كاسيميرو نقطة التوازن
ربما لم يكن زيدان مقتنعا بضرورة الاعتماد على كاسيميرو كأساسي في وسط الملعب وبالفعل أشركه في 21 دقيقة فقط في أول 8 مباريات له كمدرب، لكن بعد دربي الليغا أمام الأتلتي بدت الحاجة لمزيد من الصلادة في وسط الملعب.
ومنذ اعتمد زيزو على كاسيميرو كأساسي لم يبرح مكانه وبالفعل منح التوازن للفريق وجعل مودريتش وكروس أكثر تحررا في الانطلاق للأمام وكان من أهم نجوم النهائي في ميلانو.
إعادة الثقة لبيل
ربما كان غاريث بيل الأكثر تضررا من رحيل بنيتيز، بعدما ترك له المجال للعب في مركزه المفضل تحت رأس الحربة، لذا قال زيدان "أعرف أن بيل ربما يكون حزينا لرحيل بنيتيز لكنني سأدعمه" وكان عند وعده ليقدم اللاعب الويلزي أفضل مواسمه مع الميرينغي.
خطة 4-3-3
كانت رسالة زيدان واضحة "سأعتمد على خطة 4-3-3 وعلى (بي.بي.سي)" وظل متمسكا بمبدئه حتى نهاية الموسم وحتى في غياب رونالدو أو بنزيمة ظلت الخطة قائمة مع مشاركة فاسكيز أو خيسي.
وظل ثلاثي الوسط مقتصرا على كاسيميرو وكروس ومودريتش ولم يرضخ لضغط مشاركة خاميس رودريغيز القادم للنادي مقابل 80 مليون يورو والذي لم يشارك في أي دقيقة بالنهائي.
كارباخال
أعطى بنيتيز الأولوية لمشاركة دانيلو كظهير أيمن على حساب كارباخال لأن الريال دفع 31.5 مليون يورو لضم اللاعب البرازيلي من بورتو لكن زيزو أحيا الثقة في كارباخال والذي كان عنصرا بارزا في المواعيد الكبرى.
كان دانيلو كارثياً في الخسارة أمام فولفسبورغ بهدفين نظيفين قبل الانتفاضة في وجود كارباخال في إياب ربع النهائي، ثم ألغى خطورة نيمار في الكلاسيكو وظهر بشكل جيد في نهائي سان سيرو قبل خروجه باكيا من الملعب بسبب إصابة عضلية ستحرمه من اليورو.