وكان آخر تلك الأحكام ما وقع في حق الطفل كريم حميدة، المتهم في القضية رقم 45 حصر أمن الدولة العليا لسنة 2016 والمعروفة إعلاميًا باسم قضية فندق الأهرامات الثلاثة، والتي من المفترض أن يصدر الحكم بها يوم 22 يونيو/حزيران 2019.
وألقت قوات الأمن القبض على الطفل كريم حميدة البالغ من العمر 17 عامًا من منزله يوم 11 يناير/كانون الثاني 2016، ليختفي بعد ذلك قسريًا لفترة تعرض خلالها للضرب والتهديد بالصعق بالكهرباء للاعتراف بما هو منسوب إليه من اتهامات، وفقًا لأقواله في التحقيقات. وظل بعد ذلك محتجزًا لما يزيد عن ثلاث سنوات.
السيناريو ذاته تكرر أيضًا مع الطفل آسر زهر الدين المتهم في القضية ذاتها.
وكانت محكمة جنايات الجيزة قد قضت يوم 6 أبريل/نيسان الماضي بإحالة أورق الطفل كريم حميدة علي إلى مفتي الجمهورية.
كريم حميدة علي، من مواليد فبرير/شباط 1998، متهم بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون والتجمهر والتخريب واستخدام القوة والعنف وحيازة أسلحة وذخائر وعبوات حارقة، ذلك بخلاف اتهامه بتمويل الجماعة المتهم بالانضمام إليها، "وهو ما يؤكد عبثية الاتهامات الثابتة التي توجه للأطفال دون تحريات أو سند حقيقي، ذلك أن الأطفال ليس لديهم ذمة مالية مستقلة، ولا يمكنهم التصرف فيما يمتلكون بشكل حر دون وصاية"، حسب المنظمات الموقعة.
وتضم القضية 26 متهمًا بينهم 11 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عامًا ينتظرون أن تحكم عليهم محكمة أمن الدولة العليا، بسبب إصرار المشرع المصري على المادة 122 من قانون الطفل، والتي تسمح بمحاكمة الأطفال الأكبر من 15 عامًا أمام محاكم الجنايات ومحاكم أمن الدولة العليا متى اشتركوا في القضية مع بالغ، وهو الأمر الذي تسبب في إصدار عدد من الأحكام الخاطئة على الأطفال في عدد من القضايا، بالسجن المشدد والمؤبد، والإعدام. فضلًا عن احتجاز الكثير من الأطفال تحت مسمى الحبس الاحتياطي، لفترات تزيد عن المدة التي حددها القانون، لتقييد حرية المتهمين.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الدولة المصرية بانتهاك حقوق الأطفال في إطار منظومة العدالة الجنائية، ومخالفة المادة 111 من قانون الطفل المصري والمادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل الملزمة لمصر، بإحالة أوراق متهمين دون 18 عامًا للمفتي، أو حتى بالحكم عليهم بالإعدام بالخطأ، حدث ذلك عام 2014 في قضايا مطاي والعدوة، ومن بعد ذلك في قضية أوسيم عام 2018، ورغم أن جميع الأحكام السابق ذكرها، ألغتها المحكمة فيما بعد وخفضت الأحكام على أولئك الأطفال، إلا أن ذلك لا يلغي ما يواجهه أولئك الأطفال من رعب بعد معرفتهم باحتمالية إنهاء حياتهم تنفيذًا لأحكام الإعدام الصادرة بحقهم.
وطالبت المنظمات بضرورة توقف السلطات المصرية عن استخدام عقوبة الإعدام، خاصة في القضايا التي لا تتوافر فيها أبسط معايير المحاكمة العادلة. كما أكدت على ضرورة التزام السلطات بضمانات حقوق الطفل في إطار العدالة الجنائية، وحماية الطفل كريم حميدة بشكل خاص من الخطر الذي يهدده، وعدم الحكم عليه بالإعدام.
وطالبت أن تفرج عن جميع الأطفال المتهمين بالقضية، على أن يتم الفصل في أمرهم من قبل محكمة الطفل. وقالت "بشكل عام، يجب على السلطات المصرية وقف استخدام عقوبة الإعدام التي أصبحت أداة انتقامية، خاصة في ظل الانتهاكات التي يتعرض لها المتهمون".
وفي ختام بيانها، دعت المنظمات الموقعة أن تقوم السلطات المصرية بإعادة النظر في مواد قانون الطفل التي تسمح بمحاكمته مع البالغين أمام محاكم الجنايات ومحاكم أمن الدولة، وهو ما يساهم في انتهاك حقوق الطفل بدلًا من حمايتها.
والمنظمات الموقعة هي: الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز بلادي للحقوق والحريات، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم، ومبادرة الحرية، وكومتي فور چيستيس، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز عدالة للحقوق والحريات.