بدأت مزاعم المظلومية الحوثية، عندما انفجر صراعها مع النظام الحاكم؛ واستفاد الحوثيون من الحرب خبراتٍ قتاليةً وشعبيةً عصبويةً حوّلتها إلى قوة متصاعدة تحوّلت، مع الوقت، من خصم للنظام إلى شريكٍ له في تحالف الثورة المضادة والحرب.
جاءت ثورة فبراير لتؤكد عجز الأحزاب اليمنية عن تحقيق التراكم والتغيير، إلا أن الثورة المضادّة والمقاومة الشعبية كشفتا عن أزماتٍ عميقة تعيشها هذه الأحزاب، وتجعلها عاجزةً عن قيادة المجتمع لمواجهة الثورة المضادة.
تحالفت قوى كثيرة كانت في صف الثورة مع نظيرتها من الثورة المضادة، لتكوين نظام حكم عصبوي جديد، في إطار الثورة والجمهورية، يعمل على تركيز السلطة والثروة داخل مناطق الجغرافيا الزيدية مجدّداً، وإقصاء المناطق وتهميشها خارج هذه الجغرافيا.
لم يشجع التحالف العربي على مواجهة الصبغة الطائفية للانقلاب بطائفيةٍ مضادّة، أو يدعم ظهور مشروع طائفي نقيض، رغم توفر البيئة المناسبة، لأن انزلاق اليمن لمواجهةٍ طائفيةٍ؛ يصعّد احتمالية انتقال المواجهة إلى العمق الخليجي، ضمن أجندة نظام الحكم الطائفي في إيران.
يمثِّل التحول الديمقراطي المبرّر الجاهز لوقوع فئة النشطاء المحايدين في اليمن ضمن أجندة القوى الكبرى ومخططاتها، وعملها على تخفيف الضغط الشعبي على النظام السياسي ومراكز القوى فيه؛ فإنها لا تتورّع عن وصف أي طرف، لا يشاركها الاهتمام بالعمالة لأطراف خارجية.
تشير التطورات السياسية والميدانية إلى أن القضاء على تحالف الانقلاب غير وارد، وأن جماعة الحوثي ومنظومة هيمنة صالح ما زالتا تملكان قوةً وحضوراً شعبيين في المناطق التي استحوذت على القوة والسلطة والثروة خلال العقود الماضية.