يعكس معرض الكتاب المركزية المكثّفة التي تعيشها الجزائر، فكلّ شيء تقريباً يجري في العاصمة، وعوض أن تشجّع التظاهرة ظهور موزّعين محلّيين، صار الجميع ينتظرون المناسبة، وهكذا تمركز "سوق" الكتاب في معرض وحيد، صار الحدث الثقافي الأوحد والأهم في كل البلد.
في كتابها، الصادر حديثاً، ترى الباحثة الجزائرية خديجة زتيلي أنه كان من الممكن للفيسلوف الإيطالي أن يكون ملهماً لتشكّل وعي معرفي وإنساني يقاوم الأنظمة القمعية التي تواترت في الوطن العربي، لو تمّت الإحاطة بجوانب أخرى من فكره ومقاومته الفاشية.
انطلاقاً من ذلك التوارد العجيب في الخواطر بين المتصوّف العربي والفيلسوف الألماني، الذي تمرّ في أيلول/ سبتمبر الجاري أربعة عقود على وفاته، هل يمكننا، كما دَرَج كثير من كسالى نقّادنا، الاستخلاص بأن هايدغر ليس سوى ناحل لمقولات النِفّري؟
كيف يتفق للعظماء والرديئين على السواء أن يُصدروا أحكاماً مبجّلة في حق أعمالهم؟ أيمكن أن تصدر هذه الثقة عن معين واحد؟ إن كانت ثقة العظيم بما يصنعُ نبوءةً، فإن ثقة الرديء بما يفعل هي الوجه الآخر للنبوءة.
في بلد بحجم الجزائر لا يتجاوز عدد قاعات السينما في عاصمته أصابع اليد الواحدة، تبدو زحمة المهرجانات السينمائية احتفالاً ببضاعة تقتصر على صانعيها فقط، وموجّهة أساساً إلى الحاضرين والمنظمين لها، وإلى القلة من الجمهور الذي تيسّر له الحصول على دعوات.
الساحة السياسية في الجزائر حُبلى بمجهولين من "المستر إكس"، الأول هو الذي يقوم بمهام آنية تتعلق بالحاضر، ويتخذ قرارات باسم الرئيس، والثاني فمستقبليّ يحمل في يديه الجواب عن السؤال الأغلى في هذه المرحلة: من الذي سيخلف بوتفليقة؟
إن كانت أيديولوجيات اليمين المتطرّف تلك حاضرة في ما سبق، فإنها اليوم تبدو، مع توالي الامتحانات العسيرة للقيم الأوروبية، أكثر صلابة وتجذّراً على هذه الأرض، وتترافق مع صعود متزايد لأحزاب اليمين المتطرّف في الخريطة الانتخابية.
في روايتها الثانية، تواصل الكاتبة اشتغالها على فترة الحكم العثماني للجزائر، حيث تعيد تشكيل قصة الرايس حميدو؛ القائد البحري الجزائري نهاية القرن الثامن عشر. أعراق مختلفة تشترك في نسج السردية الكبرى، في نقل لفسيفساء البحر المتوسط و"أيالة الجزائر" آنذاك.
اكتسب الشهداء والمجاهدون غير المغضوب عليهم، بفضل الآلة الإعلامية الحكومية والمقررات الدراسية، رمزية ارتفعت بهم إلى مقام القداسة، وتحوّلت سيرهم الرسمية في أذهان الناس إلى ما يشبه سير القديسين، وأغفلت الرواية الرسمية بذلك الطبيعة البشرية لهؤلاء، وظروف حرب عصيبة للغاية.
عبّر عددٌ من الناشرين العرب المشاركين في "معرض الجزائر للكتاب" عن العوائق البيروقراطية التي يُواجهونها وارتفاع تكاليف العرض، إلى جانب انحسار حضورهم في الطابق العلوي لـ"قصر المعارض"، في زوايا ضيّقة للغاية، جعلت الكثير منهم يطرح كتبه أرضاً.