في تلك الظهيرة الصيفية القديمة تعانقنا للمرة الأولى. ومنذ ذلك الحين قبل أكثر من ثلاثين سنة لا تزال صدور الأحياء ورئاتهم تتشبث بضلوع الموتى، ولا يزال الموتى يذكِّرون الأحياء بما اختفى، أو أخْفِيَ، في منتصف المسافة الحَرِجَة بين الحياة والموت.
في تلك الظهيرة عند سفح عقبة ريام/ لم أكن أريد أن تقرئي رماد جدّي بين كتبه المحروقة في المدرسة التي تعلَّمت من عظامها المهروسة البلدوزرات، والقلعة التي كانت "باستيلاً"، والقلعة الأخرى، والقصر، والموقع القديم لسفارة الأعداء/
كلا!
سريرنا لم يعد موجوداً/ ولا خزانة الثياب/ بل سريرٌ آخر أكثر رحابة/ وأكثر لياقةً بالحُبِّ ومحاولة النوم/ في زاوية أخرى من الغرفة/ بجواره الآن سرير صغير لطفل/ كأني سمعته يبكي/ أو يضحك/ أو يقول ما لا أعرف من كلام.
تتفدَّح السماء بالماء/ تهطلُ الجبال على البحيرات/ فترتطم الشمس بأعمدة الفضاء
وتنبت على جلدي أعشاب الموت/ تلفظ الأسماك أمواجاً صدئة/ بينما تهاجر الطيور البيضاء إلى غابات الجنوب/ هناك يختبىء صيادو المواسم في أعشاش من سُحب..