على الرغم من أهمية النصر الذي حققته مدينة الضالع اليمنية بطرد قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إلا أنّ الحدث قوبل بالتجاهل وخصوصاً من قبل الحكومة الشرعية. أسباب ذلك عديدة، أهمها مرتبط بهوية الضالع كمعقل للحراك الجنوبي.
تتحوّل الفيدرالية في اليمن إلى أمر واقع، على الرغم من رفض الحوثيين لها، ومحاولتهم فرض هيمنة الشمال المناطقية على الجنوب، وسط تقديرات بعدم نجاح محاولاتهم.
تمضي جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) في سياسة التوسع في اليمن غير آبهة بالتداعيات الخطيرة التي تتسبب بها. وهو ما يجعل من خطب الجماعة وتحديداً زعيمها عبد الملك الحوثي، عن الوحدة والوطنية، مجرد نقيض لممارساتها على الأرض.
لم يصمد التقارب بين جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) والتجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) على وقع المعارك في أرحب وتفجير الحوثيين لمنازل ومقرات إصلاحية. الانهيار السريع للتقارب كان متوقعاً في الظروف التي أملته.
يدفع حزب التجمع اليمني للإصلاح، اليوم، ثمن التغييرات التي تشهدها البلاد، فضلاً عن طبيعة التحالفات التي اعتمدها على مدى سنوات، وتحوله إلى أسير نمط عمله التقليدي وتركيزه على همّ الاحتفاظ بالسلطة.
تشترك جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) مع تنظيم القاعدة في عدد من النقاط، لكن الفوارق بينهما حاضرة أيضاً. أما المفارقة فهو ارتباطهما ببعض بشكل ما. وتبدو جماعة الحوثي في معركة ضد أشباح لن تحقق نصرا عليها ولن تهزمها لكنها أشباح تلازمها.
لم تخل الاحتجاجات الشعبية في اليمن الموحد يوماً من استثمار سياسي ومحاولة تجييرها لصالح طرف محدد لتحديد مكاسب سياسية. هوية هذا الطرف تتبدل دائماً بتبدل الأوضاع والتحالفات السياسية في البلاد.
شكّل سقوط مدينة عمران اليمنية بيد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، مؤشراً قوياً لتهاوي الدولة ولتشكّل خريطة جديدة للقوى السياسية في اليمن، شماله تحديداً.