طبيب وباحث في الفكر العربي من سلطنة عمان، من مؤلفاته "إستئناف التاريخ... المثقف والثورة والنظام السياسي المنتظر" و"الصراع الأبدي" و"جدلية الرواية والدراية".
يمثل الحياد العماني، في هذه اللحظة، متنفساً دبلوماسيا لدول الخليج، تستطيع منه الاستفادة من التواصل والحوار مع الطرف الآخر، وقد أبدت عُمان استعدادها لوساطة بين الأطراف كافة، وجلي جدا أن هذه الحرب لن يتم حسمها عسكرياً على المدى القريب.
بعد سقوط دولة الخلافة الدينية في مطلع القرن العشرين، وبداية ظهور الدولة المدنية الحديثة، مثلت مفاهيم "أهل الذمة" و"الجزية" تحدياً كبيراً لمنظري تيارات الإسلام السياسي التي تحاول تقديم خطاب يتسم بالمدنية، في دول تتسم بالتعددية العرقية والدينية.
الأمة، اليوم، تحتاج إلى إعادة فهم للإسلام وتأسيس دستور دول العالم الإسلامي على القيم الأخلاقية، وعلى حقوق الإنسان. حينها، ستتلاشى ظاهرة فقيه السلطة، ولن تكون سوى جزء من مزابل التاريخ التي لا نتمنى أن تقوم أمة، بعدنا، بإعادة تدويرها.
ما تحتاجه المجتمعات العربية هو الديمقراطية المتصالحة مع ذاتها، ومع تراثها وهويتها، أما الخشية من وصول الإسلاميين، وفرضهم تطبيقات متعسفة للشريعة، فلا يمكن مواجهته باستبعاد الدين عن الشأن العام، لأن هذا التوجه فاشل تنظيراً وتطبيقاً، إنما تتم مواجهته بالتنوير والعقلانية.
تعاني شعوب الربيع العربي أزماتٍ كبرى، تتعلق بغياب الرؤية، وانسداد الآفاق، واحتمال عودة أنظمة الاستبداد. بيد أن هذه الإخفاقات الآنية في مسيرة الربيع العربي يجب أن لا تهون عزيمتنا عن التشوف إلى المستقبل، ومحاولة توجيه مساراته.
تعرية أمراض المجتمع جهاد ثقافي وواجب أخلاقي، لا يقل، في ضرورته والحاجة إليه، عن محاربة الاستبداد وتعرية الفساد، بيد أَن لكل جهاد قيمه النبيلة، وأخلاقه المقدسة.