نظام الانقلاب في مصر هو الذي يحتاج إلى إرساء مصالحة مع الإخوان المسلمين، فغيابهم عن المشهد السياسي في مصر لم يستطع أي حزب آخر ملؤه، ولن يمكن غيابهم من ظهور أي سلطة تعديلية في مواجهة هذا الجيش الحاكم.
بسبب الإخوان المسلمين، خسرت الأمة العربية آلافا من شبابها الإخواني، وضاعت قدرات علمية وثقافية ومعرفية، كادت تكون حصنا منيعا، إلا أن انتمائهم للإخوان، فقط، كان دائما وأبدا، يضعهم أمام قدر المحنة، ويخيّرهم، مضطرين، ما بين السجن، أو الموت أو التشرد.
تتفق "أطراف" في مهمة أساسية، تعطيل المسار الديمقراطي الذي سيصبح الإسلاميون جزءا منه وفي صدارة الحكم، متناسين أنه لا يمكن إلغاء الإسلاميين الديمقراطيين الذين مثلوا الأغلبية في كل انتخابات حدثت في تونس منذ الثورة.
تحدث الرئيس التونسي، الباجي القائد السبسي، في كل ما يعرفه التونسي، ولم يتحدث عن مخاوف كبرى تؤرق التونسيين. فللأسف، فبعد أكثر من سبع سنوات من الثورة عاد الوضع القائم إلى بناء جدار الخوف الذي حكم تونس أكثر من ستين عاما.
المفارقة أن تونس الدولة التي صُنّفت أيقونة الربيع العربي، ورائدة العرب في تمثيل الديمقراطية وتجسيدها، ستجري انتخاباتها "الديمقراطية"، في مايو/ أيار المقبل، في ظل قوانين الطوارئ، أي في ظل وضع يتنافى والديمقراطية.
لم يصمد في تونس من مؤسساتها بعد الثورة سوى الاتحاد التونسي للشغل. ساند التحركات الشعبية وحاول تأطيرها، واعتبر نفسه الراعي الأول والوحيد للدولة، والمسؤول عن سياساتها، فأسقط حكومة علي العريض لأسباب إيديولوجية، كما فعل مع حكومتي حمادي الصيد ومهدي جمعة.
حتى وإن كانت البوادر توحي بالفشل في تطبيق نظام اللامركزية في تونس، إلا أن على الجميع أن يقتنع بأنه لا بد من المضي في الخطوة الأولى، والتي ستكون موجعة، إلا أنها الطريق نحو توازن الجهات، ومشاركة الشعب في تحديد أولياته.
باتت مصر الجديدة قاب قوسين من التحقق، وذلك كله بفضل جرائم عبد الفتاح السيسي في حق مصر وشعبها، إذ لم يعد للسيسي سوى تهيئة نفسه للرحيل. إلا إن تحقق مصر الجمهورية المدنية لن يتحقق، لأن المؤسسة العسكرية ستظل هي الحاكمة.
المطلوب إنشاء وعي عمالي جديد في تونس، تعرف فيه الاتحادات حدود تدخلها في عمل المؤسسة، وأدوارها الحقيقية بعيدا عن التجاذبات السياسية، وأهم دور لها هو العمل على تطور المؤسسة وتقوية الإنتاج، وقبل ذلك كله مصالح منظوريها ضمن الواقع الممكن.
سيظل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يرشد الأمة بصراحته اللامتناهية، يحاول، بقدر بقائه في الحكم، أن يكشف حقيقة السياسات الأميركية، ورؤساء أميركا تجاه الأمة، وما تتميز به من إهانة وإذلال واحتقار واغتصاب للحق وطمعا في المال.