مذبحة ميدان رابعة العدوية تاريخية في مسار لتضحيات الشعب المصري. إلا أننا اليوم وبعد أن صرنا أكثر نضجاً نستطيع أن نبتعد لخطوات، لنكون أكثر مصارحة مع أنفسنا، ونحاول معرفة ماذا قدمنا وأين نحن بعد ستة أعوام على المذبحة.
استمرار الثبات في الموقف التركي المعلن، والمناهض لحركات الانقلاب على الربيع العربي في بلدان عربية كثيرة، جعل الرجل في مواجهة مع الأنظمة العربية القامعة حريات شعوبها، ولهذا، هو أمام تحديات غير هينة.
بالنظر إلى أداء المقاومة الفلسطينية في حرب غزة، يتضح أننا أمام حركة تعبر عن دولة مقاومة، وعن ضمير أمة، وعن شرف العروبة، ولا نستطيع أن نتجاوز بالتحليل مهارة المقاومة في إدارة المعركة، ولا إبداعاتها في التعاطي مع الصراع سياسيّاً.
الخطأ الاستراتيجي الذي يمارسه النظام السياسي في مصر، والبعيد تماماً عن أبسط قواعد العملية السياسية في طرح المبادرات، يتمثل في عدم التحاور مع طرف الأزمة الأصلي، وهو المقاومة الفلسطينية، وعدم دعوتها إلى الحوار، والتعامل بسطحية معها.
لم تعد هناك خيارات عديدة أمام السلطة الانقلابية في مصر، خطابها استنفد، وقمعها فُضح، وأوضاع مصر وأهلها ساءت، بما يرجع الذاكرة إلى أيام النظام المخلوع، لكن الثورة مستمرة، وهذا ما يخيف الانقلابيين، وما سيوقف بطشهم وتجبرهم.
أحدثت منظومة الانقلاب العسكري في مصر حالة خطابية، تحاول إقناع الشارع المصري بأن التقدم وازدهار الأوضاع المعيشية والسياسية هو ما ترمي إليه، في مناورة منها، لكي تخفي الوجه الاستبدادي للانقلاب العسكري وحكومته.
إن سيناريو امتلاك الدولة وإعلان تبعيتها لنادي الضباط واحتكار مقدراتها واقتصادها، كذلك مصادرة حريات المصريين، جاء أيضاً كتراكم لانتظار المصريين طويلاً في مقاعد المشاهدين يتابعون تبختر الجنرالات فوق صدورهم.
لا يخدعنك صبر المصريين، فالأمة لم تمت ولن تموت، بإذن الله، مهما تكالب عليها القتلة والخونة وأصحاب المصالح من أبنائها، فها نحن نرى الأحرار في بلادنا يعبرون عن شموخ الشعب، ويدركون أنّ الحرية لا تأتي بإخراج الشعوب من المعادلة.