ليس السعي بين الصفا والمروة هرولة بين جبلين، هو وخزة في صميم الإنسانية المتأخرة وعودة بها إلى يوم كانت فيه امرأة ملهوفة ضاقت عليها الأرض سبباً في إنبات حضارةٍ مستحيلة في أرض جرداء لا حياة فيها، سعي من أجل الإنسان.
قد يعذر لصٌّ سرق ليأكل، لكن يأبى التاريخ أن يعذر سائساً ضيّق على الناس لقهرهم، وأمعن في تجويعهم وإفقارهم، فإن كان من الناس من يرزخ تحت خط الفقر، فإنّ من الساسة من يرزخ تحت خط الإنسانية.
ما حدث من تقارب تركي إسرائيلي درس مهم في إدارة العملية السياسية، وفهم لدورة التحالفات الدولية والإقليمية، فالمصالح والمكاسب السياسية في حلبة الصراع العالمي تتفوق على المبادئ والأخلاق، وتتجاوز الدين والانتماء، وتتجاهل عدالة القضية والحقوق المشروعة في أحيانٍ كثيرة.
الخطير أن الصراعات والمشاحنات المشتعلة بين الأطراف العربية المتنازعة اجتذبت لمعاركها الداخلية حكومات عربية وقوى إقليمية أخرى، بحجج مختلفة وذرائع متباينة، منها ما هو شرعي، ومنها ما تختفي تحته مصالح مشتركة، ومكاسب ذاتية.
كان مايو ذكرى نجدد الحزن فيها على ما حلَّ بشعبنا على يد العدو الصهيوني الغاشم من قتل وطرد، وعهدًا على مواصلة الكفاح، حتى تقر عيوننا بالعودة إلى ديارنا، لكن مايو اليوم حزين علينا، وعلى ما أصاب قضيتنا من نكسات وويلات.
تلك التفجيرات يتكاثر فيها الموت من دون رادع، ويعم الخوف من دون حد، ويَغرق العالم في مستنقع مشؤوم من الانتقام، يدّعي كل طرف فيه الحق لنفسه، ويتربع المَدنيون على عرش الخسارة فيه، وهم الذين لاناقة لهم في هذه الصراعات الملعونة.
يخطف صوت الهاتف أبصارنا عن عقارب الزمن، إنها الحادية عشرة وخمسون دقيقة، لا عجب فاليوم استثنائي، يوقظنا بصوته المخنوق من آلامنا. يبادر المتصل بالحديث، فَعل الأطباء ما في وسعهم، لكن قدر الله غالب، أحسن الله عزاءكم في ابنكم خالد..
على كل لاجئ فلسطيني أن يعلق على جدار بيته صورة لخارطة فلسطين المحتلة، وإن استطاع أن يصل إلى المناطق المطلة على العمق المحتل فينظر إليه ويتنسم من عبيره فليفعل، وذلك حتى تتعلق القلوب بحب فلسطين، وينبض في الأفئدة ذكرها.