"تسجيل خروج"... تذكرة الوصول بالدراما المحلية إلى المنافسة عربياً
بالرغم من الدخول اللافت للمنصات الرقمية إلى سوق الدراما وحصدها نسب مشاهدات عالية مقارنة بالتلفزيون، إلا أن الفضائيات ما زالت تتسابق في رمضان لعرض إنتاجاتها من الدراما والبرامج الرمضانية لتقدم للمشاهد حصيلة جهد وعمل استمر لأشهر تحضيراً لموسم رمضان، وما إن تبدأ الحلقات الأولى من العروض حتى يغير جل العراقيين الوجهة مكتفين بمتابعة الدراما العربية..
من وجهة نظر بعض النقاد، قد لا تكفي المعدات الحديثة والدقة العالية للصورة والألوان التي بتنا نشاهدها بالدراما محليًا لكسب مزاج المتلقي، فالمشاهد بات يبحث عن عمل متكامل، كما نشاهد في الدراما المصرية والسورية وحتى الأعمال المشتركة، فالعمل على السيناريو مهم جداً وقد يفوق أحياناً الجانب الفني في إنجاح أي عمل درامي.
من الأعمال المميزة، والتي بتقديري هي تذكرة الوصول بالدراما المحلية إلى المنافسة عربياً، مسلسل "تسجيل خروج" الذي عرض على إحدى القنوات المحلية في العراق بشكل مجاني، وسبق أن تم عرضه بشكل مدفوع على إحدى المنصات المحلية أيضاً. العمل الذي يحمل طابع الإثارة والغموض والجريمة متكون من 6 حلقات، وهو أول إنتاج من نوعه عراقيًا بنظام الـ"mini series"، المواسم القصيرة، تأليف الكاتب مصطفى الركابي وإخراج علي فاضل وبطولة خليل فاضل خليل وأسعد عبد المجيد والفنان القدير هيثم عبد الرزاق ونخبة من النجوم الشباب.
أداء الشخصيات المتقن، توزيع زوايا التصوير، السيناريو الجديد كلياً على مشهد الدراما محلياً، كلها نقاط جعلت من "تسجيل خروج" عملاً "متكاملاً"
علي فاضل، مخرج العمل، استطاع أن يقدم لنا دراما حقيقة مستفيداً من خبرته بالإخراج، منبهاً إلى أنّ العراق يستطيع تقديم دراما تنافس، العمل متكامل بنسبة كبيرة جداً، فزوايا التصوير وعمليات التلوين والمكساج تأخذ المشاهد للغوص داخل العمل، إضافة إلى السيناريو المتقن والقصة الجديدة على ما شاهدناه بالدراما محلياً، والتوظيف الصحيح لأبطال العمل الذين أجادوا في تطبيق كل ما طلب منهم من مخرج العمل، الذي أجاد في إنتاج عمل درامي متكامل، إذا ما تغاضينا عن بعض التفصيلات التي قد لا تكون واقعية وعدم تبريرها درامياً بشكل مفهوم.
يناقش العمل الحياة الغامضة لمجيد وتركته الثقيلة لابنه مالك بعد وفاته، خاصة أنّ حياة مجيد الحافلة بالغموض لاحقت مالك منذ لحظة ولادته، ليكتشف بعد وفاة والده بثلاثة أيام أنّ الأخير متورط بسلسلة اغتيلات في مناطق عدة، وأنه يتبع لمنظمة سرية تدعى "المخولون".
العمل بموسمه الأول قدم لنا عدة رسائل، "أهمها" تمجيد القائد الأوحد وكيف يستطيع شخص أن يبني إمبراطوريته الخاصة كما حصل مع الدكتور مجيد ومنطقة "المجيدة"، التي هي من خيال الكاتب بالطبع، ليأسس عالمه الخاص داخلها.
تسلسل الأحداث وتسارعها يجعلان المتلقي مشدوداً لمتابعة العمل لآخره، وهذا ما راهن عليه الكاتب والمخرج، وباعتقادي كسبا الرهان، أداء الشخصيات المتقن، توزيع زوايا التصوير، السيناريو الجديد كلياً على مشهد الدراما محلياً، كلها نقاط جعلت من "تسجيل خروج" عملاً "متكاملاً".
برأيي أن العمل سيكون له موسم ثانٍ بسبب نهايته التي تبدو مفتوحة، وفيها الكثير من التكهنات لما يمكن أن يبني عليه السيناريست والمخرج أحداث موسمهما الثاني، في المجمل كلنا يطمح لدراما تغني مشهد اليوم، تنافس وتمتع.