02 سبتمبر 2024
إطلاق نار قرب حادث مرور
عاد الحديثُ في جلسة الإمتاع والمؤانسة الإسطنبولية إلى حادث المرور الذي وقعَ قبل ثلاثين عاماً أمام منزل صديقنا كمال في حيّ البيطرة بمدينة إدلب. قال كمال إن ما يسوّغ لنا تَذَكُّرَ ذلك الحادث هو القصصُ الطريفة ذات المغزى التي ترافقتْ مع وقوعه، وأضاف أنه يمتلك الآن من الشجاعة ما يكفي ليقول إن الحادث أَثَّرَ في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلد.
قال أبو زاهر: كلامْ الأستاذ كمالْ صحيحْ مية بالمية. يمكنْ اعتبارْ هالحكاياتْ نوعْ من التأريخ لواقعْ البلدْ على طريقة العَلَّامة الكبير خير الدين الأسدي. لاكنْ القصصْ الفرعية - بصراحة - خلتنا نبتعدْ عن القصة الرئيسية، وهيي باعتقادي أحلى وأجمل من القصص الفرعية.
قال أبو محمد: طولوا بالكم علينا شوي. اللي أنا متذكّرُه من الجلسات السابقة إنه في سيارة شاحنة ماركتْها "هنشل" ضربتْ سيارة "فوردْ" عتيقة في نصّْ الشارعْ بحي البيطرة. من هون لازم الأستاذ كمال يكمل حكايته.
قال كمال: عليك نور. اللي صارْ بوقتها إنه سائق السيارة الفوردْ الزغيرة لما سيارْتُه أكلتْ الضربة، فَتَحْ البابْ ونزلْ من السيارة، وزَتّْ حالُه متل النمرْ باتجاه الجـزيرة اللي في وسط الشارع، داسْ على السور الحجري الواطي، ومنُّه نطّْ على باب السيارة الهنشل، وحط قدمه على الدواسة اللي بترتفعْ عن الأرض شي نصفْ مترْ، وحاول أن يفتح باب الشاحنة ليتشاجرْ مع سائقها الشاب الضعيف اللي كان خايف ومنكمش على نفسه، ولسانه عالق بسقف حلقه.
قال أبو جهاد: أنا شايف هالحادث راح يتحول لمشاجرة.
قال كمال: طبعاً، ومشاجرة كبيرة. المهم إنه باب الهنشل اللي من طرف السائق ما انفتح، رغمْ محاولاتْ سائقْ الفوردْ المستميتة.. أنا خمنت إنُّه القفلْ تَبَعُهْ تْعَطَّلْ من قوة الصدمة، فما كان قدام الرجلْ إلا إنه أدخلْ إيده من النافذة، ومسك ياقة سائق الهنشل بقبضته، وصار يشدُّه لبرة بقوة، حتى انسحبْ وصار يطلع من النافذة شوي شوي (متل أفلام الكرتون)، بعدين هوى عَ الأرضْ، فنزلْ فوقُه سائقْ الفورد وبلش يلكمه ويرفسه برجليه ومن دون شفقة.
قال أبو ماهر: لازمْ الموجودينْ يفضُّوا الالتحامْ بين التنينْ. هادا من كترْ التعجيق ممكن يموتُه.
قال كمال: نعم. وبالفعل، بعد جهد جهيد، نجحْ بعضْ الرجالْ اللي عندهُمْ رشاقة بالوصول لمكان الموقعة.. وبصعوبة بالغة تمكنوا من إبعاد سائقْ الفوردْ المتوحش عن سائق الهنشل النحيف المذعور.. ونحن بوقتها شعرنا بالارتياح، وقلنا لحالنا إنه المشكلة انتهتْ، لاكنْ بهديكه اللحظة سمعـنا صوتْ مجموعة طلقات نارية، وشفنا شابْ عم يخترق الجموع وفي إيده مسدس ملقم وعم يصيح: هادا الرجل (بيقصد سائق الهنشل) إبنْ عمي.. والقبضاي اللي فيكم يسترجي يقرِّبْ عليه!
قال أبو الجود: يا حبيبي. هيك راح تصير القصة عائلية.
قال كمال: صارت عائلية، وبامتيازْ. لإنه بعد شوي عرفنا إنه اللي أطلق النار من مسدسه هوي البلطجي رقم واحد في عيلة (الشَنْكَلْ) اللي بينتمي إلها سائقْ الهنشل النحيف اللي تعرض للضرب والتعجيقْ. وهدول بيت الشنكل - يا أخي أبو ماهر - عيلة وسخة كتير، إلها تاريخ عريق في القتلْ والضربْ، ونادراً إنك تشوف واحدْ منهم مو ماشي وحاططْ المسدس على خصره، وعم يقول: يا أرض اشتدي ما حَدَا قَدّي.. وعلى علمي ما فيهم واحدْ ضعيفْ ومسالم، حتى إني استغربت يكون هادا الشوفيرْ الضعيف من بيت الشَنْكَلْ.
قال أبو إبراهيم: أنا أكتر واحد بيناتكم بعرف بيت الشنكل. في عندهم أسلوب في الحياة ما بيحيدوا عنه، وهو أخد الحق باليَدّْ.. وإذا لقوا اليَدّْ مو كافية بيستعملوا العصاية والسكينة.. وما بيستخدموا المسدس غير لما بتكبر القصة، يعني متل اللي صار مع الشاب اللي حكى عنه الأستاذ كمال.
قال أبو زاهر: عفواً أخي أبو إبراهيم. إنت قلت بياخدوا (الحق)؟
ضحك أبو إبراهيم وقال: نعم سيدي، قلت (الحق). لأنه في الواقع بيت الشنكل بيقلبوا الباطل لـ (حق)، وبعدين بيشتغلوا على تحصيله بالقوة.
قال كمال: هون القصة تعقدت أكترْ، لأنه سائقْ سيارة الفوردْ بينتمي لبيت "أبو جَرْزة"، وهاي عيلة قليلة العدد، لاكن أبناءْها بيشتغلوا بالتجارة، وعاملينْ صداقات قوية مع ضباط الأمن الكبار.. والواحد منهم بيصرف على ضابط الأمن بسخاءْ في الأحوال العادية، وطول النهار بيرافقه وبيعمل على شَرَفُه مآدبْ، لوقت ما يحتاج له، وبوقتها الضابط ما راح يقصر معه بالدعم.
قال أبو محمد: هيك تعقدت كتير.
قال كمال: نعم. بس إذا سمحتوا خلوني أكمل لكم وصف الحالة. نحن اللي كنا حاضرين وقت إطلاق نار، وشفنا ابن عيلة الشنكل حاططْ الشَرّْ بين عيونه، بلشنا نطلع من مكان التجمع، وابن الشنكل وابن عمه سائق الهنشل صاروا على نسق واحد، وأكيد كانوا خايفين ما يجي حدا ويعترض سبيلهم، أو ياخدهم غدرْ، فصاروا يمشوا وهني دايرين ضهرهم للحائط، لحتى وصلوا لباب حديقة الجلاء، ودخلوا فيها، وتواروا عن الأنظار. وفي هاللحظة وصلوا سياراتْ شرطة مرورْ، وسيارات نجدة، وسيارات إسعاف. ونزل منهن بعض العناصر المسلحين، وصاروا يطلبوا من الناس إخلاء المكان.
وأضاف كمال: وإذا بدكم الصحيح القسم التالي من القصة كتير كويس.. وأنا جاهز إحكي لكم إياه بعدما ناخد استراحة زغيرة.
قال أبو زاهر: كلامْ الأستاذ كمالْ صحيحْ مية بالمية. يمكنْ اعتبارْ هالحكاياتْ نوعْ من التأريخ لواقعْ البلدْ على طريقة العَلَّامة الكبير خير الدين الأسدي. لاكنْ القصصْ الفرعية - بصراحة - خلتنا نبتعدْ عن القصة الرئيسية، وهيي باعتقادي أحلى وأجمل من القصص الفرعية.
قال أبو محمد: طولوا بالكم علينا شوي. اللي أنا متذكّرُه من الجلسات السابقة إنه في سيارة شاحنة ماركتْها "هنشل" ضربتْ سيارة "فوردْ" عتيقة في نصّْ الشارعْ بحي البيطرة. من هون لازم الأستاذ كمال يكمل حكايته.
قال كمال: عليك نور. اللي صارْ بوقتها إنه سائق السيارة الفوردْ الزغيرة لما سيارْتُه أكلتْ الضربة، فَتَحْ البابْ ونزلْ من السيارة، وزَتّْ حالُه متل النمرْ باتجاه الجـزيرة اللي في وسط الشارع، داسْ على السور الحجري الواطي، ومنُّه نطّْ على باب السيارة الهنشل، وحط قدمه على الدواسة اللي بترتفعْ عن الأرض شي نصفْ مترْ، وحاول أن يفتح باب الشاحنة ليتشاجرْ مع سائقها الشاب الضعيف اللي كان خايف ومنكمش على نفسه، ولسانه عالق بسقف حلقه.
قال أبو جهاد: أنا شايف هالحادث راح يتحول لمشاجرة.
قال كمال: طبعاً، ومشاجرة كبيرة. المهم إنه باب الهنشل اللي من طرف السائق ما انفتح، رغمْ محاولاتْ سائقْ الفوردْ المستميتة.. أنا خمنت إنُّه القفلْ تَبَعُهْ تْعَطَّلْ من قوة الصدمة، فما كان قدام الرجلْ إلا إنه أدخلْ إيده من النافذة، ومسك ياقة سائق الهنشل بقبضته، وصار يشدُّه لبرة بقوة، حتى انسحبْ وصار يطلع من النافذة شوي شوي (متل أفلام الكرتون)، بعدين هوى عَ الأرضْ، فنزلْ فوقُه سائقْ الفورد وبلش يلكمه ويرفسه برجليه ومن دون شفقة.
قال أبو ماهر: لازمْ الموجودينْ يفضُّوا الالتحامْ بين التنينْ. هادا من كترْ التعجيق ممكن يموتُه.
قال كمال: نعم. وبالفعل، بعد جهد جهيد، نجحْ بعضْ الرجالْ اللي عندهُمْ رشاقة بالوصول لمكان الموقعة.. وبصعوبة بالغة تمكنوا من إبعاد سائقْ الفوردْ المتوحش عن سائق الهنشل النحيف المذعور.. ونحن بوقتها شعرنا بالارتياح، وقلنا لحالنا إنه المشكلة انتهتْ، لاكنْ بهديكه اللحظة سمعـنا صوتْ مجموعة طلقات نارية، وشفنا شابْ عم يخترق الجموع وفي إيده مسدس ملقم وعم يصيح: هادا الرجل (بيقصد سائق الهنشل) إبنْ عمي.. والقبضاي اللي فيكم يسترجي يقرِّبْ عليه!
قال أبو الجود: يا حبيبي. هيك راح تصير القصة عائلية.
قال كمال: صارت عائلية، وبامتيازْ. لإنه بعد شوي عرفنا إنه اللي أطلق النار من مسدسه هوي البلطجي رقم واحد في عيلة (الشَنْكَلْ) اللي بينتمي إلها سائقْ الهنشل النحيف اللي تعرض للضرب والتعجيقْ. وهدول بيت الشنكل - يا أخي أبو ماهر - عيلة وسخة كتير، إلها تاريخ عريق في القتلْ والضربْ، ونادراً إنك تشوف واحدْ منهم مو ماشي وحاططْ المسدس على خصره، وعم يقول: يا أرض اشتدي ما حَدَا قَدّي.. وعلى علمي ما فيهم واحدْ ضعيفْ ومسالم، حتى إني استغربت يكون هادا الشوفيرْ الضعيف من بيت الشَنْكَلْ.
قال أبو إبراهيم: أنا أكتر واحد بيناتكم بعرف بيت الشنكل. في عندهم أسلوب في الحياة ما بيحيدوا عنه، وهو أخد الحق باليَدّْ.. وإذا لقوا اليَدّْ مو كافية بيستعملوا العصاية والسكينة.. وما بيستخدموا المسدس غير لما بتكبر القصة، يعني متل اللي صار مع الشاب اللي حكى عنه الأستاذ كمال.
قال أبو زاهر: عفواً أخي أبو إبراهيم. إنت قلت بياخدوا (الحق)؟
ضحك أبو إبراهيم وقال: نعم سيدي، قلت (الحق). لأنه في الواقع بيت الشنكل بيقلبوا الباطل لـ (حق)، وبعدين بيشتغلوا على تحصيله بالقوة.
قال كمال: هون القصة تعقدت أكترْ، لأنه سائقْ سيارة الفوردْ بينتمي لبيت "أبو جَرْزة"، وهاي عيلة قليلة العدد، لاكن أبناءْها بيشتغلوا بالتجارة، وعاملينْ صداقات قوية مع ضباط الأمن الكبار.. والواحد منهم بيصرف على ضابط الأمن بسخاءْ في الأحوال العادية، وطول النهار بيرافقه وبيعمل على شَرَفُه مآدبْ، لوقت ما يحتاج له، وبوقتها الضابط ما راح يقصر معه بالدعم.
قال أبو محمد: هيك تعقدت كتير.
قال كمال: نعم. بس إذا سمحتوا خلوني أكمل لكم وصف الحالة. نحن اللي كنا حاضرين وقت إطلاق نار، وشفنا ابن عيلة الشنكل حاططْ الشَرّْ بين عيونه، بلشنا نطلع من مكان التجمع، وابن الشنكل وابن عمه سائق الهنشل صاروا على نسق واحد، وأكيد كانوا خايفين ما يجي حدا ويعترض سبيلهم، أو ياخدهم غدرْ، فصاروا يمشوا وهني دايرين ضهرهم للحائط، لحتى وصلوا لباب حديقة الجلاء، ودخلوا فيها، وتواروا عن الأنظار. وفي هاللحظة وصلوا سياراتْ شرطة مرورْ، وسيارات نجدة، وسيارات إسعاف. ونزل منهن بعض العناصر المسلحين، وصاروا يطلبوا من الناس إخلاء المكان.
وأضاف كمال: وإذا بدكم الصحيح القسم التالي من القصة كتير كويس.. وأنا جاهز إحكي لكم إياه بعدما ناخد استراحة زغيرة.