إنهم يقتلون النساء
"جاني كابوتي" على إيقاع رواية هوراس ماكوي الشهيرة "إنهم يقتلون الجياد، أليس كذلك؟"، وهي العبارة الاستفهامية المريرة التي ختمت الرواية، أكتب هذه التدوينة. في مصر، وفي يوم السابع والعشرين من سبتمبر/أيلول 2023، تمّ قتل ثلاث نساء على يد رجال بدافع الحبّ، كما يقال.
كانت الجريمة الأولى، في صباح يوم الأربعاء الموافق 27 سبتمبر/أيلول، في كلية الآثار، جامعة القاهرة، مبنى رعاية الشباب، وذلك عندما فوجئ الموظفون بشخص يقتحم المكتب ويطلق النار في صدر زميلتهم، لتسقط في اللحظة ويفر هو هارباً، لينتحر بعدها بدقائق بنفس السلاح. هي نورهان حسين مهران، وتبلغ من العمر 32 سنة، وتعمل موظفة بكلية الآثار، جامعة القاهرة، وهو "أحمد"، موظف بكلية الزراعة، كان تقدّم لخطبتها قبل سنوات، ولكنها رفضت، وحاول مراراً وتكراراً ولم يجد منها إلا الرفض، فقام بقتلها وانتحر بعدها.
الجريمة الثانية، وفي نفس اليوم، في منطقة عمارات العبور، القاهرة، قتلت "شيماء مصر الجديدة" وهو الاسم الإعلامي للقضية، أثناء سيرها في الشارع على يد خطيبها السابق. وفقاً لتحريات الأمن، أنّ الفتاة، تبلغ من العمر 22 عاما، والمتهم 26 عاما، وكان خطيبها سابقاً، وتم فسخ الخطوبة ورفضت العودة إليه، وظلّ يطاردها في كلّ مكان. وفي هذا اليوم، انتظرها أسفل مقرّ عملها وعند خروجها أطلق النار عليها من بندقية خرطوش، فماتت في الحال.
الجريمة الثالثة وقعت في حي العمرانية في الجيزة، عندما قام شخص بتمزيق جسد امرأة، تدعى "سمية" (35 سنة)، عقب خروجها من عملها. وقد دلّت تحريات النيابة على أنّ القاتل هو طليقها، وقام بقتلها لشكّه في سلوكها، وبأنّها على علاقة مع صاحب المصنع الذي تعمل به. موقع مصراوي كتب عنواناً قاسياً جداً ليعبّر عن فداحة اليوم "ليلة دموية في القاهرة الكبرى.. قصة مقتل 3 سيدات رفضن "علاقات عاطفية".
وكانت الكاتبة الأفريقية، ديانا راسل، قد استخدمت مصطلح "قتل المرأة" مع أستاذة الدراسات الثقافية الأميركية، جاني كابوتيو، في كتاب "سياسات قتل المرأة" (1990)، وذلك للإشارة إلى "قتل المرأة على يد الرجل بسبب الكراهية أو بسبب الغيرة، الاحتقار، المتعة، أو الرغبة في امتلاكها" (نقلا عن ويكيبيديا). ويشير المصطلح أيضا إلى قتل النساء على يد الرجال، فقط، لكونهن نساء. وهناك إحصائية تقول إنّ 80% من جرائم قتل النساء يقوم بها رجال.
بالعودة إلى يوم 27 سبتمبر/أيلول 2023، يجب جعل هذا اليوم يوماً مصرياً من أجل "مناهضة العنف ضد النساء". على الصعيد الدولي، وفي العام 1999، صدر قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار 25 نوفمبر/تشرين الثاني من كلّ عام يوماً للتوعية بجميع أشكال العنف ضدّ المرأة، من اغتصاب وعنف أسري، وأيّ شكل من أشكال الضرر الجسدي أو النفسي الواقع على المرأة. كما يشمل ذلك جميع أشكال الإكراه والإجبار والمراقبة، سواء داخل الأسرة أو خارجها. وتمّ اختيار بدء حملة الـ 16 يوما، بيوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني تكريماً وتذكيراً بمقتل الشقيقات باتريا ومينيرفا وماريا تيريزا اللواتي قتلن عام 1960، على يد رجال الدكتاتور رفائيل تروخيو، طاغية جمهورية الدومينيكان.
جرائم قتل النساء في مصر تشهد تصاعداً كارثياً، وهنا لا مجال لمناقشة الأسباب، لأنّ كلّ الأسباب مجتمعة معاً: وضع اقتصادي متدهور، حالة سياسية مزرية، وثقافة معادية للنساء وتعمل بلا هوادة لاحتقارهن والحطّ من شأنهن، لذا ويجب الآن، العمل ورفع شعار "أوقفوا قتل النساء فورا".