الإنسان: سوبر بيضة
كنت على موعد معها، في سنتي الثالثة من دراستي الجامعية. الطريق إلى فَهْمِ قلبها، كان بشكلٍ تشريحي، في ذلك العام، ومحمولاً على محفة، من ستمائة صفحة تقريباً. قبل تلك السنة، كانت علاقتي بها لا تتجاوز ثواني أو عدَّة دقائق. لم يكن قبل ذلك التاريخ أية رومانسية في علاقتنا.
العلاقة المنتظمة معها، يعني أنك مؤهل محتمل كي تكون حفيداً لعنترة وهرقل. الطريق إلى قلب المرأة، كان يمر بالثاني، كي تستطيع أي فتاة احتمالك، إن كنت وسيماً كالأول! هكذا إلى هذا الحد، كانت علاقتي مع البيضة معقدة. امتنعت بعد معرفتي الوثيقة والاضطرارية بها للنجاح الأكاديمي، عن تعاطيها لمدَّةِ سنة تقريباً.
أُولى اللعنات الاجتماعية لهذا القرب المعرفي، أنّي لم أستطع بعدها أن أغالي كثيراً في حب أحد. القرب يشبه مجهراً يريك ما يلزم وكثيراً مما لا يلزم. شاهدت أيضاً كثيراً من قبيلتي.. العناترة والهراقلة، كيف يسيرون إلى قلب المرأة بتؤدة، كأنهم يمشون على البيض. النتيجة: أنهم يُكسرون، متحولين إلى مخفوق لصناعة سمعة شعبية لأغنية كاظم الساهر: يا مستبدة.
بعد الكسر العاطفي هذا، يصبح الرجل واحداً من الأشباح الكورية. تحديداً شبح البيضة، دالجيا كويشن، يتجول في قصص من لم يُكسروا ليكسِرهُم. غالباً ما ينتهي مصير دالجيا كويشن الجامعي، إلى التفكير بالمرأة كمعادلة رياضية، تحتاج الإجابة الصحيحة عنها إلى بيت، وظيفة، ومركز اجتماعي، أو استخدام المال كـ Short Cut لكل ما تقدم.
استهلاك البيض في طعام العشاء، يستطيع أيضاً أن يشي بعلاقة داخل القفص الذهبي. يعني بحسب الشهود، أنك تحب شريك حياتك ما دامت لياليك مليئة بالبيض والشموع، إذ ينتمي إلى عائلة "الأطعمة الأفروديتية"، التي يسرك النظر إليها على المائدة، والذاهبةُ زكيةً إلى الأنف، لتسبب فيما بعد، معركةً حامية الوطيس من الريش بين الشريكين.
ثروة الإنسان، من الممكن التعبير عنها اليوم، بتناول مأكولات غريبة، خصوصاً طبقاً من البيض الصيني، ذلك الذي يعرف ببيضة القرن أو الألفية. ما عليك إلا أن تحتمل مظهرها الأسود وباطنها الأخضر. أما إن كنت مرهف الحس جداً، فعليك إذاً بالطريقة الفلبينية، التي يخصب فيها مع الزنجبيل والفواكه، علماً أن هذه بيضة بطة لا دجاجة.
يستطيع البيض كذلك أن يكون دليلاً على جريمة عقلك الكاملة: التفكير بشكل علمي أو بشكلٍ خرافي. أسهل طريقة لتأخذ البصمات من مسرح هذه الجريمة، أن تفتح موضوع الجن مثلاً. إن استُهلِك اللقاء، بالحديث عن ذات المحاسن بنت إبليس، وكيفية لقائها، بحسب العزائم السحرية، في كتاب شموس المعارف الكبرى، أقرأ على ضيفك السلام وفِرَّ منه! إذ قد تكون هناك بقايا من قشرة البيضة التي تلد الجن، وقد تَمِسُّكَ كما مسَّته إذا ما صافحته.
وما أسعد الأحلام إن كانت بيضاً في بيض!
إذا كان حاضراً بنسبة لا بأس فيها في عددٍ من أحلامك، هرول إلى كتاب ابن سيرين لتفسير الأحلام؛ ستعرف طالع سعدك، بحسب شكله في أحلامك، كأن يكون مطبوخاً، أو ما زال في المصنع البيولوجي الأشهر له.. الدجاجة.
نجمُكَ/كِ المعبود في هوليوود، بوليوود، وتشونغمرو – السينما الكورية، إن لم يكن قريباً من الشكل البيضوي؛ فإن ذلك يعني على الأغلب، أنك لا تمتلك ثقافة كافية عن معايير الجمال. لا يغرَّنَك الذقن الطويل، الشكل المستطيل والمربع، المطلوبة أبعادُهم على الشاشة. حقيقة الأمر، أن الذقن، وبعضاً من التربيع والاستطالة في وجهك، يعني أنك تمتلك الشكل البيضوي الأمثل للفن السابع.
في الأدب، لا بد أن تكون بيضة هنا أو هناك، مثل البيضة البلورية التي اخترعها الكاتب الإنكليزي هربرت جورج ويلز، والتي تشبه جاسوساً بولاءات مزدوجة: أطلعت أهل المريخ على أحوال أهل الأرض، والعكس صحيح.
الثورات أيضاً، في البلاد التي بدت غير مستعدة لها؛ فإن البيضة تستطيع أن تكون إشارة كبيرة إلى قدومها. مثال ذلك بيضة فابرجيه، مصنوعة من المجوهرات، والتي كان آخر قياصرة رومانوف يهدي زوجته كل عام واحدة منها. لا أعتقد مطلقاً أن العراف راسبوتين ونبوءاته، كان له دخل بثورة البلاشفة، إنّما الشعب الروسي الذي رأى فَمَهُ مملوءاً بالبطاطا، والذي فقدت مائدته العلاقة مع بيض دجاجة، وجد أن الأمور التي وصلت مرحلة فابرجيه لم تعد تطاق.
أينما ذهبنا في هذا العالم، سنرتطم ببيضة، وحتى إذا تطيّرنا من ذلك، علينا أن نكسر النحس ولو ببيضة. بل من يمتلك حكمة البيضة؛ سيفوز بالكثير، وإن لم يكن جسوراً. نستطيع أن نقول: إن كانت حياتك مليئةً بكثيرٍ من القشور المكسورة، فهذا يعني أنك كنت حياً، والله أعلم.